كلام تدمع منه العين ويقشعر منه الجسد ...
قـــال الحـــافظ ابـــن رجــب :
قال الحسن البصري رحمه الله :
فالعبد يذنب ، ثم يتوب ، ويستغفر يغفر له ، ولكن لا يمحاه من كتابه دون أن يقفه عليه ،ثم يسأله عنه ،ثم بكى الحسن بكاء شديدا ،
وقال : ولو لم نبك إلا للحياء من ذلك المقام ، لكان ينبغي لنا أن نبكي .
وقال بلال بن سعد :
إن الله يغفر الذنوب ، ولكن لا يمحوها من الصحيفة حتى يوقفه عليها يوم القيامة وإن تاب .
وقال أبو هريرة :
يدني الله العبد يوم القيامة ،
فيضع عليه كنفه ،
فيستره من الخلائق كلها،
ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر،
فيقول : اقرأ يا ابن آدم كتابك ، فيقرأ ، فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه ، ويسر بها قلبه ، فيقول الله :
أتعرف يا عبدي ؟
فيقول : نعم ، فيقول :
إني قبلتها منك ، فيسجد ،
فيقول : ارفع رأسك وعد في كتابك ، فيمر بالسيئة ،
فيسود لها وجهه ، ويوجل لها قلبه ،
وترتعد منها فرائصه ،
ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره ،
فيقول : أتعرف يا عبدي ؟
فيقول : نعم ، يا رب ، فيقول :
إني قد غفرتها لك ،
فيسجد ، فلا يرى منه الخلائق إلا السجود حتى ينادي بعضهم بعضا : طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط ،
ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين ربه مما قد وقفه عليه .
وقال أبو عثمان النهدي عن سلمان :
يعطى الرجل صحيفته يوم القيامة ، فيقرأ أعلاها ،
فإذا سيئاته ، فإذا كاد يسوء ظنه ، نظر في أسفلها ،
فإذا حسناته ، ثم نظر في أعلاها ، فإذا هي قد بدلت حسنات .
جامع العلوم و الحكم ( ٤٥٣ ).