أدخل مفاتيحه بالباب و على وجهه المُرهق ابتسامة واهنة ظهرت على محياه بعد دخوله لمنزله الهادئ الدافئ ، وضع بضع أكياس بلاستيكية على الطاولة و هو يبحث بعينيه عنها ، تلك الشقية بالتأكيد تختبئ منه أو تفعل أحد مقالبها الذي بات معتاداً عليها .
بحث عنها بالمطبخ و أمام التلفزيون و دخل إلى غرفة النوم ، كل ذلك بترقب و هدوء تام .
وجدها جالسة على الجانب الاخر من الفراش المطل على النافذة معطية إياه ظهرها مرتدية منامة أنثوية بنصف أكمام لم يظهر طولها بعد ، تاركة خصلاتها السوداء المموجة تمويجاً خفيفاً تتأرجح بعشوائية خفيفة مهلكة لقلبه .
ناظرها قليلاً بتأمل فور دلوفة ، ثم ردد أثناء تحركه لها :_
" آيه يا ريم آجي و لا هلاقي ضرب نار اشتغل تحت رجلي "
فُزعت من صوته ، فيبدو و كأنها لم تكن تشعر به غارقةً في عالمها ، نظرت له بعيونها السوداء المغرورقة بالدموع ، و وجها الشاحب و شفتاها المرتجفة ، و غرتها الملتصقة بجبينها المتعرق ، فصُدم من مظهرها و اقترب منها سريعاً
" آيه يا حبيبي مالك ، آيه اللي حصل "
و لم يقابله سوى الصمت ، فكل ما فعله هو تقريبها منه آخذاً رأسها على صدره محركاً يده على خصلاتها ، مربتاً باليد الأخرى على ظهرها قائلاً :_
" طمنيني طيب مالك ....تعبانة طيب في حاجة وجعاكي.... يا حبيبي متقلقنيش عليكي كدة "
لم يكن يقابله بعد كل جملة سوى الصمت ، حتى و أخيراً نطقت بصوت مخنوق مُتعب:_
" مش تعبانة أنا كويسة بس سيبني أنام في حضنك ، ممكن ؟"
لم يجيبها ، بل ازدادت ضمته لها . و أخذت هي تُمرغ وجهها بين حنايا صدره كالقطط ، حتى سكنت لبعض الوقت ، و شعر برأسها باتت ثقيلة على صدره ، فأدرك بأنها نامت ، فأمسكها برفق واضعاً إياها على فراشها الوثير رافعاً خصلاتها السوداء على وسادتها البيضاء ، ثم جذب غطاء خفيف وضعه عليها بعدما وجدها تنكمش في وضع الجنين ، ثم أزال دموعها المتبقية و قبَّل جبينها جاذباً رائحتها بقوة لداخله مخرجاً تنهيدة قوية بعد أن أخذ هاتفها الذي خبئته فور وصوله و بالطبع لم يخفَ عليه ذلك .
☆ تتوقعوا خبِت تليفونها ليه لما دخل ؟
☆و يا ترى هي دلوقتي في الدوامة البيضة و
و لا النار المشتعلة و لا لسة بتتفرج على
التليفزيون ؟
دِمتم لقلبي ملاذ الفِرار ♥️