
user74719858
حدِّثني عن الاشتياق! فأقول لكَ: لقد قرأتُ عنه كثيراً، في الأدب والشِّعر والسِّير والتراجم، فما وجدتُ قولاً أبلغُ من قول العرب: نازعتني نفسي إليك! وللهِ درُّ ذلك المشتاق الذي سأله حبيبه: كيف أنتَ؟ فقال: تنقُصني! ومن قبل قال ابن حزم: لن تتوقف رسائل الشوق إليك .. حتى يفنى بي العمر أو ألقاك! ويعجبني قول الجواهري: ما شَوْقُ أَهل الشَّوْقِ في عُرْفِ الهَوَى نُكْرٌ، فَقَدْ خُلِقُوا لِكَيْ يَشتاقُوا أَمَّا الرِّفَاقُ فَلَمْ يَسُؤْنِي هَجْرَهُمْ إِذْ ليسَ في شَرْعِ الغَرَامِ رِفَاقُ ولا يفوتكَ قول محمد المقرن: أنا الغريبُ بأرضٍ لا أراكَ بها الروحُ عندكَ إن ما سافرَ الجسدُ في ضجّةِ النَّاسِ باتَ الشوقُ يعزلُني كأنّني في بلادٍ ما بها أحدُ وللهِ قول أحمد شوقي: ورائحة الشوق عند اللقاء كرائحة الأرض بعد المطر لأن حياة الثرى بعض ماء وتحيا القلوب ببعض البشر واسمعْ للعباس بن الأحنف وهو يقول: أتأذنون لصب في زيارتكم فعندكم شهوات السمع والبصر لا يظهر الشوق إن طال الجلوس به عق الضمير ولكن فاسق النظر أما عن ابن الفارض فحدّث ولا حرج: أُخفي الهوى ومدامعي تُبديه وأُميتُةُ وصبابتي تُخفيه فكأنهُ بالحسُن صورةُ يوسف وكأنني بالحُزنِ مثل أبيه ثم هو لا تعنيه المسافة: قُلْ للذين مقامهم في مقلتي: ما ضرّنا إذ ناءتِ الأميالُ ؟ في كل يوم تكبرون بداخلي كالزّهرِ يورقُ في الحياةِ جمالُ ويا لابن زيدون يقول لولادة بنت المستكفي: لَعَمري لَئِن قَلَّت إِلَيكَ رَسائِلي لَأَنتَ الَّذي نَفسي عَلَيهِ تَذوبُ فَلا تَحسَبوا أَنّي تَبَدَّلتُ غَيرَكُم وَلا أَنَّ قَلبي مِن هَواكَ يَتوبُ ثم هي في الشوق كل الناس: إن غبتَ ... لم ألقَ إنسانًا يؤانسني وإن حضرتَ فكُلُّ الناسِ قد حضرُوا والسلام لقلبك