user78898572
"يترك الفراق ندبة ظاهرة على الوجه، وجرح غائر في القلب لا يلتئم، وأنين يتعاظم في النفس يكاد يسمع حينما نتكلم، يخلق منا إنسانا فاقدا الهوية والانتماء حتى إلى نفسه، لكن لولا الفراق ما كان اللقاء، اللقاء الذي يبقى أثره في النفس حتى الموت، ويدفعنا للتمسك بالحياة وإن كانت مريرة، لنراها كجسر قصير يؤول بنا إلى لقاء آخر بمن نحب، في مكان آخر ... ويبقى السؤال المؤ ِّرق المهم: كيف هي الحياة بعد الفراق؟ وهل تبقى بعده الحياة ذات معنى؟ هل يبقى الإنسان على حاله أم ينتزع منه الفراق معنى وجوده؟ بحثت كثيرا عن الإجابة بين القلوب المكلومة؛ لكني لم أجدها؛ كل ما وجدته يجمع فيما بينهم لمعنى الفراق، هو أنه كان بمثابة نقطة فاصلة ما بين الحياة بكل ما تحمله من أفراح وأحزان ونجاحات وانكسارات وبين حياة أخرى فارغة إلا من ذكرى تدعو إلى الحزن والاستسلام والرضا دون أمل في العودة إلى الخلف. بعد الفراق أنت إنسان يائس حزين، مظلوم دون إرادتك، ظالم ولا تملك من الأمر شيء، غير راض عن 4 حالك ولن تستطع إرضاء من حولك، قدرتك على العطاء قد نفذت وقدرتك على الشعور بمن حولك قد يبست، فالشعور فارق قلبك ولن يعود وبقيت قدرتك على التحمل والصبر على تلقي اللوم وعدم الرضا من الأخرين وإتهامك الدائم بالعجز عن التعايش مع ألمك، مع عجزك عن الرد والدفاع، لأن في دفاعك تهمة لن تغتفر ولن يفهمه سوى من فارق. بعد الفراق لن تحنو عليك الحياة فلا تستعطفها وترجوها أن تعطي لك ما لا تملك، فكل ما تملكه الحياة حينها هو المزيد من الأوهام الزائفة والآمال الزائلة والمسكنات التي لا طائل منها؛ فلا تحاول. لن يعود الحب إن رحل، ولن تعود أنت كما كنت، كل ما يمكن أن تمتلك هو الرضا وإنكار الذات وتقبل عطاء الآخرين كي لا يموت الحب في نفوس أخرى كما مات في نفسك، حاول أن لا تكون سببا في صنع ضحية أخرى تتجرع من نفس الكأس الذي تجرعت منه. لكن، كيف يحب المرء آخر دون أن يراه ؟ إن أصدق أنواع الحب هو حب الحب قبل البحث عن صاحبه، أن تعشق روحك وتبحث عنها، فهذا هو الحب المنزه عن الرغبات، أن تراه بقلبك قبل عينيك، أن تشعر بوجوده وإن كان بعيدا بعد الحياة عن الموت، أن تسمع صوته حينما يصمت الكون، أن تشعر كأنه جزء مفقود لا يكتمل وجودك إلا به." #ثم رحل