كانَت تِلكَ هي بِداية النهاية ..
بِداية الموت، بداية الشُعور بِكل ذاك الفُتور الذي يُصيب القلب بِعدة صَدمات متوالية،
ان تعلم يوماً كيف تنسلخ عَن الواقع لِفترة من الزَمن، وكيف ان كُل ما كنت تَعتقدهُ مُزدهراً يَذبلِ فجأة،
تِلكَ الصَدمة التي تُشبه مَعرفة الطفل الصَغير بأن والده الذي أعتقَد انهُ سافر لِـ بلدٍ ما لِيُحرره من الأشرار قَد رَحل حقاً ولَم يَعُد لَه وجود، الجُلوس لِساعات بَين أربعة جُدران تَشعُر بنفسك بـ اللامكان، عَيناك تَرتكزان على نُقطةٍ ما تُعيد تِكرار الذكريات كَأنها فيلم سينمائي، متى بدأت حقاً في عَزِل نفسي عن الجميع، لا أعلم متى أصبحت نافذتي هي عيني الوحيدة التي تَطُل على الحياة متى بدأت تِلكَ الحالة العميقة من اللامُبالاة في السَيطرة عليّ والتشعُب في خلايا جسمي، متى جَف الدَم في عُروقي وبدأ قلبي في ضَخ الجَليد، حتى ماعادت المَشاعِر في داخلي قادرة على القِتال حتى أغلقت مَجرى دَمعي وحَرمتني حَق البُكاء، لا أعلم كُل ما في الأمر ان كُتلة بِحجم الكون تحبِس انفاسي ومَهما طال نَفسي ومهما قَصر لا أستطيع الخَلاص منها،
كُل ما في الأمر ان الصَمت يتمكّن مني، وحُب الانعزال يُسيطر على عَقلي، يَدفعني لِـ جانبٍ أسود مُخيف اراهُ كَالجنة امام كُل شيء، أحاول جَلب كُل الأشياء السَعيدة لكن هُناك سَداً يَمنعها،
اركُض لاهثاً أحاول تحريرها وفي كُل مرةٍ ارتطم بِقوة ساقطةٌ على الأرض دون جَدوى،
أشعُر بِالوهن والتَعب ولا قُدرة لي على الكَلام،
أُريد ان أصرَخ بِكل قوة حتى يمتلئ الكَون كله بِصوتي، أُريد ان أضرُب بكل قوتي المتبقية ..
مخاوفي ودواخلي حتى تنتهي، أُريد ان أركُض حتى ينهار جَسدي، وأن أبكي حتى يَنقطع صوتي وتنتهي أخر ذرةٍ من ذَرات الهواء ..
أُريد أن اُعلِن نِهاية النهاية .