سماء كاحلة صافية لا يُنيرها إلا بعض النجوم.. التي يتأملها الصغار ليخبروها عن أحلامهم وكل طفل يخصص نجمة لهُ.. ليتكلم معها كل يوم..
القمر يُنير المكان بشعاعه الطفيف في ذلك الحي التُراثي الذي يحمل كم كبير من الأصالة والحفاظ على العادات والتقاليد السامية.. فهنا الفضيلة هي من تعم بشكل ملحوظ والرزيلة موجودة ولكن نسبتها ضئيلة..
فالمقهى يجلس بهِ كِبار السن.. و يعزف أحدهم على العود مُستمعين بألحان سيدة الطرب العربي (أم كلثوم).. والشباب يقفون على أعتاب الشارع وكأنهم الدرع الحامي لهذا الحي من أي خطر يواجه.. وبالتسلل لهذا الحي.. سنكشف عن المباني القديمة التُراثية.. والتي تبدو أيضًا إنها مبنية ببراعة.. وتخطيط هندسي جيد، جعلها تدوم طوال هذهِ الأعوام..وبأحد المنازل التي تتسم بالبساطة كما حال المجاورين لها.. وفي شرفة هذا المنزل البسيط.. يقف شاب أسمر عيونه مُظلمة مثل هذا الظلام الذي يحاوطه من كل جانب.. ملامحه تدل على مدى الشقاء الذي يُعانيه.. وكإنه يحمل هموم العالم بأكملة على عاتقه.. يُدخن بشراهة وضيق من هذا المأزق الذي وقع بهِ اليوم... ألا يُكفيه ما حدث له بسبب والده لتأتي تلك الوصية لتُخرب كل شيء أكثر من قبل... تنهد بثقل نظرًا للأسفل.. ليجد سيارة نقل كبيرة.. مُصدر صرير قوي عِند توقفها أزعج مسامعه.. ظل يتابعها إلي أن توقفت أمام منزله.. زفر بغضب فهو توقع ببساطة لمن تكون هذهِ الأشياء.. نزل درجات السلم بعجلة من أمره وبداخله نار تتفاقم كلما أقترب من الباب الخارجي فما يحدث حوله لم يكن بالهين.. أستقر أمام باب المنزل ليقف يتابع ما يحدث بعينان مُجحظة من شدة الصدمة كيف لإناس لم يعرف عنهم شيء سيسكنون بمنزله.. فجأة بين ليلة وضحاها تغيرت كل المقاييس.. نظر لِما ينزل من السيارة ولم يكن سوى.. أساس قديم يتسم بالركاكة.. مقاهد خشبية مُلتفة بأقمشة بالية.. وأجهزة كهربائية حديدُها مُتآكل فالصدى يملاء كل إنش بها.. لينتهي الأمر بنزول فتاة لم يرى ملامحها جيدًا فهي كانت تعطيه ظهرها فلم يتعرف عليها..
وهنا كانت الصدمة الأكبر أي عربة تتحدث عنها رفع عيناه قليلًا ليتعرف عليها، تسمر مكانه عندما رأى خشبة على مربعة الشكل بها بعض الفتوحات في أماكن مختلفة مُلونة ما بين الأحمر والأخضر وبها بعض التقشرات بسبب قِدمها أستقرت تلك العربة أمام المنزل ...لتقوم الفتاة مع شابٍ يعرفه جيدًا بعدلها أمام المنزل والأخير يُتابع كل شيء وملامحه تبدو هادئه ولكن بداخله يُريد أن يصرخ لينهي تلك المهزلة التي تحدث.. لا يعلم ما هو القول المناسب لكل هذا يُريد أن يجد كلمة مناسبة لما يحدث و لكنه عجز.. فحتى أفظع الشتائم لن تُشفي... غليله تنفس كي يُهداء من نفسه ويخمد تلك الأفكار التي تُحفذه على إطاحة كل من هم أمامه أرضًا ليكمل متابعة كل شيء والحُزن يتملك من قلبة لما هو فيه... أصبح يمقت العالم الذي ينقله من ظرف سيء إلي أسواء وكل هذا بسبب والده الرجل الذي من المفترض أن يكون داعمه الأول توفى وهو تارك هالة كبيرة من المصائب وها هم أحد المصائب سيستقروا معه بنفس المنزل... سمع صوت أحد يُناديه قائلًا:
-كده بقى يا اسطا مُعز فاضل الشقة اللي هنقعد فيها عشان عايزين ننقل العفش بقى ونستقر.
أنت تقرأ
حي عابدين
Mystery / Thrillerالحياة ما هي إلا حكاية، وكُل مِنا يحىَ بطريقته الخاصة التي تجعل حكايته مُتميزة عن الآخرين.. البعض يحيها بقلب صافي و يوكل كل شيء للخالق رغم كم المُشكلات التي تحاوطه، والبعض الآخر يحيىَ بقلب حاقد.. بعضنا مريض بهلاوس لا أصل لها خلقها وبدعها عقله وصدقه...