𝗛𝝣𝗔𝗧𝗛𝝣𝗥 | 𝗡𝗠

𝗛𝝣𝗔𝗧𝗛𝝣𝗥 | 𝟮

| كَانَا أكثَرُ الأصدِقاءِ قَرَابةً وَلكِن بداخِلِ كُل مِنهُمَا، تَمَنَيَنَا لَو يكُونَا أكثر مِن ذلكَ |

-

ِداخِلِ الكنيسَةِ المُغْلَقَةِ بابَها كانَ راكِعًا أرضًا أمامَ الشُموعَ المُضيئةَ مسدلًا أجفانِه، ضَمَّ يدَيهِ لبعضِهِمَا وحَرَّكَ شفتَيهِ مُتَمْتِمًا ببعض الصلواتِ.

عَلى يمينهِ قَد جَلَسْتْ مَن تفُوقُ العَالمَ جمالًا، راكِعَةً كحالِهِ لَا يختَلفُ عنهَا شبرًا، بحدقَتيهَا الواسِعتينِ لَمحتْ هيئتهُ، تِلكَ الدمعَة الساخنةُ قد إنزلقت من مقلتيهِ تُسابقُ الريحَ فارَّةً من مسكنهَا حَتى حَطَّت على كتِفهُ.

فتحَ عينيهِ بهُدوءٍ مُستشعِرًا يدهَا الدافئة تمسحُ عَلى ظهرهِ، بأعيُنٍ دامعةٍ قد نظرَ نحوهَا قبلَ أن يُعيد حدقتيهِ ليديهِ شاردًا، وهذه هي حَالُ لِي طوالَ الثلاثَةُ أسابيعٍ التاليةُ لإستلامِهِ رسالةُ وداعِ صديقهِ الأخيرة.

"لَم يكُن عَلَيَّ فِعلُ هَذا، لَم يكُن عَلَيَّ التَظاهُر أنِّي كُنتُ أجهَلُ الأمر، كَما لَو أنِّي لَم أرَي ذَلِكَ .. لَم أكُن قَادِرًا عَلى رؤيَةِ هَذا" همسَ بنبرةٍ مُهتَزَّةٍ قبلَ أن تغرَورَق عينيهِ بالدموعِ، دونَ أن تُفكِر هي إقتربتْ ضامَّة إياهُ لكنفِها.

"لَم يكُن عَليكَ أنْ تَرانِي فِي المُقامِ الأوَلِ، لا تُحَمِّل نفسَكَ الذَنبَ إنَّهُ لا يعنيِكَ، إن حَمَّلتَ نفسكَ ذنبًا سأحمِلُ أضعَافًا مُضاعَفةً، أنتَ لستَ سَيئًا جينُو"

"لِمَا كَانَ عَليهِ أن يهرُبَ؟ لِمَا كَان عليَّ أن أتظَاهَر كأنَنِي لَم أسمَع؟ لقد كَان يُخبرني كُل مرةِ عن حُزنِهِ لذا ظننتُ أنه بخيرٍ مَع ذلكَ، كَما لو أنِّي لَم أسمع مطلقًا، لَم أكَن قادرًا على سماعِهِ يستَنجِدُ بِي مِنِّي، لَم يكُن عليهِ الإستماعِ لكلماتِ الحُبِّ لَكِ فِي المُقامِ الأول"

-

عِنْدَ عَتَبَةِ مَنزلهِ، تَوَقَفَ مُحتَضِنًا إياهَا، بإبتسَامةٍ هادئَةٍ وَدَّعَتهُ بينَمَا هُوَ قَدْ أبَى التحَرُكْ "أتْعْلَم؟ لَاطالمَا كُنتُ خائِفةً مِن أنْ أُوضُعُ فِي مُقارنةٍ مَعَ جايمين، لأنّ رغمَ كُل الظُروفِ أعْلَمُ أنَكَ ستختَارهُ أولًا وقبْلَ كُل شيئ"

أنزَل رأسَهُ مُشابِكًا يديهَا بخاصته "جايمين لَيسَ شخصًا أقدِرُ عَلى العيشِ بدونِهِ" همسَ وهِي قد سحبت يديهَا ماسحةً عَلى خصيلاتِه "لا بأسَ جينُو، فَقط واصِل البحثَ خلفَهُ، ستجِدنِي دومًا فِي نفسِ المكانِ أنتظِركَ، لِذا أرجُوكَ أخبرنِي مَا ستجدِهُ عنهُ"