عقاب الموتى

الفصل الاول

هل شعرت أنك أقل من الجميع ؟ أقل حتى ممن يشاركونك حجرتك وربما يجمعكم نفس السرير, الفارق الوحيد بينكم أنها أتيحت لها الفرصة التي حرمت أنت منها ,فرصة واحده لا أعتقد أنها أكثر من فرصة واحدة .....!

عندما كنت أخبر أصدقائي عن ما أشعر به ,والسبب الذي ولد لدي ذلك الشعور كانوا يغضبون وتقول احدهن وقد ظهر علي وجها الغضب أزاي أبوكي يفرق بينكم كدا ...؟ كنت لا أدري بماذا أجيبهم ولكن كان سؤالهم يزيد ما بداخلي من اليأس والعجز الشعور بالتفرقة أمر رهيب أليس كذلك .....؟ كيف كان شعورك في اليوم الذي قرر فيه والدك أخذ أخاك الي رحلة بحرية وتركك بالمنزل بمفردك ..؟ كيف كان شعورك عندما وافق والدك علي طلب أخيك ليلتحق بالمدرسة الثانوية ... ومنعك أنت , وعندما تسأله عن السبب يقول ويداه ملطختان بالطين عاوزك تكون سندي ,تكون راجل البيت من بعدي ...؟ أنا أيضا لي حكاية مع التفرقة انتهت بأني السبب في موت أقرب الناس الي ,يمضي أبي في أيامه الأخيرة في عامة الثلاثين حين أنبأته والدتي أنه سوف يصبح أب ...شهور وحملني بين يديه وسماني فاطمة لا أعرف سبب التسمية ...! ولا أتذكر أن أحدا من عائلتنا قد سمي بهذا الاسم من قبل , بعد ميلادي بعام حملت والدتي من جديد مضي تسعة أشهر وولدت فتاة جميلة كان عمري حينها عام واحد ولا أدري هل كنت سعيدة أم أن الإحساس بالسعادة والغضب لم يكونوا قد تواجدوا لدي بعد...! ولكن ما أتذكره أننا كنا في غرفة واحده نشارك بعضنا نفس السرير نأكل من نفس الطبق ونشرب من نفس الإناء لم تكن لدي صديقة غيرها أشاركها كل شي فرحتها وحزنها كنت أدافع عنها عندما يأتي والدي ليعاقبها عندما تخطأ ...! كلنا تعلمنا التعليم الأساسي ولكن الاختلاف أني تلقيت تعليمي في المدارس العادية أما شقيقتي فقد قدم لها والدي في المدارس الخاصة لم يمضي الكثير علي علاقتنا الطيبة مع بعضنا البعض أصبحت أراها مختلفة عني في كل شي , وكل يوم يمر علينا ويتقدم العمر بنا تتسع تلك الفجوة بيني وبين أختي , بل وبين عائلتي كلها أصبحت غرفتي الآن هي كل شئ بالنسبة لي ....!

دعوني أخبركم بعض التفاصيل عن والدي لعل الأمور تتضح لكم , والدي مهندس زراعي ..كان الابن الخامس وكان الأكثر تعبا وشقاء بين أشقاءه .... أن سألت لماذا فسأجيبك لأنه عندما صلب عودة وبدأت عضلاته في النمو أصبح والده أكثر ضعفا هكذا يفعل السن بالرجال , لم يعد قادرا علي إدارة شئون الأراضي الزراعية التي يمتلكها , وأشقاءه الأربعة كل منهم تشغله حياته الخاصة , فقد تلقوا تعليما رفيعا ويأمل والدهم الكثير من وراء تعليمهم ولم يستطيع والدهم مطالبتهم بالمكوث بجانبه في الأرض فهو بذلك يدمر كل ما يرجوه منهم , مثلما فعل مع والدي هل اتضحت الصورة الآن ...؟ رفض والدي ترك التعليم وبدأ بالعمل في الأرض بجانب دراسته لقد كان مجتهدا بحق ,ولكن ذلك لم يكن يرضي والده فكان يأمره من حين لأخر بأن يترك التعليم ولا يعود مرة أخري الي هناك , رفض فاضطر والده الي حرمة من المصروف ...! لم يرضي والدي بالوضع وقرر أن يكمل في هذا الطريق الذي رسمه لنفسه ولم يترك التعليم كان عنيدا ....ّ! كان يقطع مسافة كبيره سيرا علي قدمه حتى يصل الي المدرسة في المدينة ,ولكنه كان يصل إليها في النهاية ........ يصل مرهقا وغير مستعدا لاستقبال المعلومات ,ثم يعود سيرا علي قدميه الي أرض والده ورغم تعبه إلا أن ذلك لا يحطم عزيمته ويمسك بالفأس ويبدأ بحرث الأرض ,قد تعاود وتسألني من جديد لماذا يصنع والده كل هذا به ..؟ سأجيبك وربما تري ذلك غريبا ولكنها حقيقة علمتها بعد عمر قضيته أنا فاطمة سليمان لو كنت أعلم هذه الحقيقة من قبل ما كانوا ليموتوا أبدا ما كنت لأصل لما وصلت إليه الآن . والده يفعل ذلك لأنه يري في ذلك مصلحته ومنفعته , ليس لأنه يفضل الآخرين عليه ..... !