ذات مَرة كانت هُنالك عائلة بَسيطة تَتكون من أب مُعلم أم رَسامة و بنت صَغيرة تُدعى ( مَريم ) ، تَسكن ألعائلة في كوردستان ألعراق .
يَخرُج الأب مثل كُل صَباح ألى عَمله و الأم ألرَسامة
تمارس عَمَلها بالمَنزل من خِلال طَلَبات ألرَسم ، أما إِبنَتهُم ألصَغيرة فَقد وضعوا لها مُربية بسَبب ضيق ألوَقت ألذي يُسببهُ ألعَمل .
في عُطلة نِهاية الأسبوع و مثل كُل مَرة حَيث يَجتَمِعون مَع ألعائلة و الأصدقاء ، أقاموا حَفلة شِواء حَيث كانت ألام تُخبئ مُفاجأة لِزوجها لِمُدة شَهرين ! قَررت أخبارهُ في ألحَفلة لِتُفاجئهُ و تُفاجئ أهلهُ و أهلُها مُرة واحِدة .
_ أحمَد .. أنا حامل لِلمرة ألثانية ( بصوتٍ عالِ )
لَحظة صَمت عَمت على ألجَميع .. أخذوا يَصرخون و يُصَفقون و يُبارِكون لَهما على ألحَمل ألجَديد إنهم حَقاً مُتَحمِسين لِيروا حَفيدهم ألثاني .
بَعد تِسع شِهور أنجَبَت ألطفل لكن ، بِتشوه خُلقي ....
حَزنوا كَثيراً و رضوا بِما قَسِمَ الله لَهم .
أسمَتهُ أمهُ ( سِلفادور ) على أسم رَسام أسباني فَكانت وهيَ صَغيرة تَقول لِوالدتها ، أمي عِندَما أكبر و أتَزَوج
سَأنجبُ طِفل و أسميهُ سلفادور على أسم رَسامي ألمُفَضَل ! سَوف يُصبح رَسام مِثله !
كانَ سِلفادور طِفل مُشاغب فَكل ما رَأى أمهُ تَعد لَوحاتُها يَأخذ بِفرش ألرَسم يلَون ُكل ما يَراه أمامُه .
لَم تَنزَعج أمهُ مِن أفعالهُ قط ، فَكانَت تُردد هٰذهِ ألجُملة بَينَها وَ بَين نَفسُها كُل ما رأتهُ يَفعَل هَكذا ( أنا أسمَيتهُ عَلى أسم فَنان ، لِماذا أنزَعج لِمُجَرد أنهُ مَسَك فُرشاة ؟ ) كانَ ألطفل سِلفادور بِغياب والِديه يتَسَلل ألى غرفة أمُه ألخاصة بالرَسم و يَبعث بالألوان وألفِرش لِساعات طَويلة
حَيث وَصَلَ ألحال ألى أنَ أهلهُ يَبحَثون عَنهُ في كُل مَكان ليَجدوه وَسَط الألوان مُتَغطياً بِها .
بِغَض ألنَظَر عَن رِسومات ألطِفل سِلفادور ألغَير قانونية بِسَبب صُغره وجَهله لِقوانين ألرَسم ألا إن والدِته في كُل مُرة تُلاحظ مَزيج ألوان رائِعاً .
بَعد سَنة مِن تِلك الأحداث حانَ ألوَقت لِتسجيل سِلفادور فالمَدرسة ، في أول يَوم له و مِثل أي طِفل خائِف متوتر لِعَدم وجود والِديه مَعَه ، بَعد أول و ثاني دَرس تَعريفي للتَلاميذ في الإِستراحة لاحَظَ سِلفادور هُنالِكَ عِدة ألعاب في حَديقة ألمدرَسَة ، فَرح كَثيراً ذهب بِكل حَماس ، رَأى مجَموعَة أطفال فَرحين يَضحَكون و يَلعَبون مَعاً زاد حماسهُ أكثر ، ذَهب ليَستأذن .
-مَرحباً ، هل بأمكاني أللعَب مَعكُم ؟
نَظَروا أليهِ بَنَظرة أستِغراب ، تَقَدم أحد ألتَلاميذ مُستَهزئاً به وَ قال : لا ، نَحنُ لا نَلعب مَعَ صَبي يَمتَلك عَين واحِدة.
أنهارَ سِلفادور بالبُكاء وَ عادَ مُسرِعاً لِصفه ، بَقي هُناك حَتى أنتِهاء ألدَوام ، أثناء صِعوده للباص تَعرض لِلتَنمُر مَرة ثانية .
كانوا والِديه يَنتَظروه على أحر مِن ألجَمر في يَومه ألدراسي الأَول ، ظَنوا أنهُ سَيَعود فَرحاً الإبتِسامة تَملَّأ وَجهه يَروي لَهم ما حَدَثَ وَ كَيفَ قَضى يَومهُ هُناك ، دَخَلَ ألى ألمَنزل وَهوَ يُنشّف دِموعهُ تَهرباً مِن تَساؤلات والديه ، هَرَبَ ألى غُرفتهِ مُسرِعاً ، رَكضوا والديهِ لِغُرفتهِ يَتَسائَلون ماذا أصابَ أبنَهم ليَنهار بالبُكاء هٰكذا ؟
كان ثاني يَوم لسِلفادور في ألمَدرسة مُربك عَلى أثرَ ما رَئاه في أول يَوم ، والِدتهُ مُهتَمة بِشَأنهِ كَثيراً فَهيَ عانَت مِثلهِ عِندَما كانت صَغيرة .
لَجَأَ سِلفادور ألى الإِنعزال ، كانَ يَقضي وَقتَهُ في غُرفة ألرَسم ألخاصة بِوالدتهُ ليَخرج طاقَتَهُ ألسلبية في رَسم أللَوحات ، بَعد إنتِهائهُ مِن كُل لَوحة يَلجأ ألى غُرفه نَومه مُتعَباً لِقضائِه وَقتٍ طَويل في ألمَرسم .
أنَعدَمَت ثِقَته بِنَفسه في تِلكَ ألفَترة و َ كانَ يَرفض ألخروج ألى أي مَكان خَوفاً مَن تَعَرضهُ مَرة أُخرىٰ لِلسُخرية ، قَرَرَت والِدتهُ بِأخذهِ إلى مُحاظرات ألثِقة بالنَفس للأطفال ، أستَمَرت بِهذا كُل إسبوع ، كانت تُشجِعهُ عَلى تَقديم ألكَثير مِن أللَوحات ، دَربتهُ على خِطوات ألرسم خِطوة خِطوة .
بَعد ألمُحاضَرة ألثالِثة مِن الإسبوع ألثالث بَدأ سِلفادور بِالتَحسن وَ الإختِلاط بالناس ، أصبَحَ لِسلفادور أصدِقاءٌ جِدد من مَكان ألمُحاضَرَة ، أصدِقاء لا يَتنمرون ..
كانَ ذَلِك يُحَفِزه عَلى إنتاج لَوحات جَميلة أكثَر وَ عَلامات جَيدة جداً في ألمَدرَسة أيظاً !
بعدَ تَخرجهُ من ألثانَوية حَصلَ على نِسبة ٩٧٪ ألفَضل يَعود لِوالدتهُ ، لَم تترُكه يُعاني وُسط ألوحوش كَما فَعل والِديها مَعها .
أختار وَلَدي أن يَكون طَبيباً رَساماً ، بَعد تَخرجهُ من جامِعة ألطب أختَص بالجِراحة وألتجميل .
قالَ لي : أمي بأمكاني الآن مُعالجة الأطفال ألمُشَوهين خُلقياً أو من حادثٍ ما لِكي يَنجوا مِن وحوش ألتَنمر ، فاضت عَيناي بالدموع ، أنا حقاً سَعيدة بِما فَعلتهُ .
أما أبنَتي مريم فَقَد أصبَحَت مُهندِسة مِعماريّة مَعروفة
نَعم أنا والدتهم ألتي رَوَت عَليكم هٰذهِ ألقُصة .- عَزيزاتي الأُمهات -
لا تَجعَلوا أولادُكم يَقعوا ضَحيةً ألتَنَمر ، أنقذوهم أحتَووهم ..
قَد يَكون هُنالك طَبيباً أو مُهندِساً مُخبئاً وَراء شَخصيات أولادُكم ألمُنكَسِرة ، أجعلوا مِنهم شَيئاً عَظيماً ...بِقَلم : حــورآء ألتـميمي
أنت تقرأ
ألطبيب ألـرسام
Short Storyتَدور أحداث ألقُصة عن طفل يَتَعَرض للتَنمر من قِبل أصدِقائه . حيث تُلاحظ أمهُ أنعِزاله عَن الآخرين ومن ثُم تَبدأ في مُعالجته ليصبح شَخصية مُهمة بالمُجتَمَع...