chapter 1

6.2K 62 8
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

في زوايا مدينة تغلي بالحكايات والأسرار، حيث يتداخل الحلم بالواقع، تبدأ قصتنا. هنا، حيث تشرق الشمس لتكشف عن وجوه متعددة، تقف "رونان" في فجر جديد، تحمل آمالًا مشوبة بالقلق بعد عامين من الانقطاع عن دراستها. عيونها الرمادية اللامعة تعكس حماسها وخوفها في آن واحد، بينما تتسلل أشعة الشمس عبر نافذتها لتضيء روحها المتعطشة للحرية.

لكن الحياة لم تكن يومًا سهلة. خلف أبواب المنزل، يكمن والدها "محمود" برأسه المرفوع وصرامته المعهودة، يحكم سيطرته على أحلامها وكأنها لعبة في يده. تدور الأحداث وتتشابك الأقدار، لتجد "رونان" نفسها في مواجهة مصيرها، تتحدى قيود عائلتها، وتخوض غمار العودة إلى الجامعة مع عزم لا ينضب.

تبدأ الأحداث في تداخل مصيرين، حيث تتصادم الكبرياء والشموخ مع البساطة والبراءة. فهل ستستطيع "رونان" أن تستعيد ما فقدته؟ وهل سيتحقق "أسد" من انتقامه دون أن يخسر نفسه في تلك المعركة؟

في هذه القصة، حيث يُعبر القلب عن أعمق الأسرار، تبدأ رحلتنا بين الألم، الأمل، والشجاعة.................

(بداية الفصل الاول)

في الصباح الباكر، امتزجت أشعة الشمس الذهبية بتغريد العصافير، لتنشر الضوء على تلك الغرفة الهادئة. كانت "رونان" تستيقظ على وهج الشمس الذي اخترق ستائر نافذتها الرقيقة. عيناها الرماديتان تفتحتا ببطء، ورغم إرهاقها العميق، ارتسمت على وجهها ابتسامة باهتة. لعل تلك اللحظات الهادئة كانت تهرب بها من واقعٍ أثقل كاهلها.

وقفت أمام المرآة، تحدق في انعكاسها بوجه شاحب، ثم استدارت متوجهة إلى الحمام، حيث أدت روتينها الصباحي البسيط. لم تكن من الفتيات اللواتي يفضلن مستحضرات التجميل، بل اعتمدت على جمالها الطبيعي الذي لم يكن بحاجة إلى ألوان مصطنعة.

بعد أن أتمت صلاتها، ارتدت ملابسها المعتادة: بنطال أسود وتيشيرت أبيض يعلوه جاكيت أسود. تلك البساطة كانت جزءاً من شخصيتها التي لا تحب التظاهر. توجهت إلى المطبخ حيث والدتها كانت تعد الفطور.

"صباح الخير، يا أمي." قالت رونان بصوت يحمل شيئاً من الإرهاق.

التفتت والدتها نحوها بابتسامة دافئة، "صباح النور، يا قلب أمك. هل نمتِ جيداً؟"

"نعم، ولكن كان رأسي يؤلمني طوال الليل." أجابت رونان وهي تحاول أن تبدو بخير.

"لا عجب. لقد أمضيتِ الليالي في الدراسة دون راحة، بالكاد تنهين ساعات نومك." قالت والدتها بنبرة تحمل القلق.

رونان أومأت بحزن. "أعلم يا أمي، ولكن لا خيار لي. لقد ضيعت عامين من حياتي بسبب تأخري عن الدراسة. والآن أنا أكبر سناً من زملائي في الجامعة، وكل ما أتمناه هو أن أعوض ما فاتني."

كانت والدتها تحاول تهدئتها: "يا ابنتي، صحتك أهم من كل شيء. الجامعة ستظل هنا، لكن صحتك إذا فقدتِها لن تعودي كما كنتِ."

رغم كلمات والدتها الدافئة، كانت رونان تشعر بمرارة داخلية. ذكريات منع والدها إياها من استكمال دراستها ما زالت تؤلمها. لقد كان القرار عنيفاً وغير مبرر، أشعرها بالعجز والضعف.
Flashback
إلى أين تذهبين؟" كان صوت والدها مليئاً بالقسوة.

"إلى الجامعة يا أبي." أجابت بصوت خافت.

"لن تذهبي." قالها ببرود قاتل، قبل أن يدير ظهره لها ويبتعد.

شعرت رونان بالغضب يتصاعد داخلها، لكنها لم تستطع فعل شيء. كانت تعيش في قفص من صنع والدها، والآن تُحرم من مستقبلها.

---

في الجهة الأخرى من المدينة، استيقظ أسد على وقع العزيمة الصارمة التي تغلف حياته. شاب في الثلاثينيات من عمره، طويل القامة، عيون خضراء تخترق من يحدق فيها، وملامح صارمة يعكسها شعره الأسود المائل إلى البني. أسد لم يكن مجرد رجل عادي؛ هو صاحب إمبراطورية شركات "الأسد"، ورائد شرطة متخفٍ، يجمع بين العملين بطريقة غامضة لم يكن أحد يعرفها.

ارتدى بذلته السوداء الأنيقة، ثم وقف أمام المرآة يعدل ربطة عنقه. تأمل انعكاسه في المرآة لحظة، قبل أن يزيح أفكاره الثقيلة جانباً ويتوجه إلى غرفة الطعام.

هناك، كانت تنتظره مدبرة المنزل، أمل، التي رغم مرور السنوات، ما زالت تنظر إليه كابن لها.

"صباح الخير، يا أسد. الفطور جاهز." قالت أمل وهي ترتب الطاولة.

"كم مرة قلت لكِ ألا تجهزي شيئاً بنفسك؟ لديك خدم لهذا الغرض." قال أسد بصرامة، وهو يجلس ليبدأ تناول طعامه.

"أعلم، لكني أحب أن أهتم بك بنفسي." أجابت أمل بنبرة تحمل الكثير من المشاعر.

لم يعلق أسد، بل اكتفى بتناول طعامه في صمت. خلف تلك الملامح القاسية، كان هناك شيء أكبر يدور في رأسه. مهمة لم تُفصح تفاصيلها بعد، لكنها تتعلق بالجامعة التي يمتلكها، تلك الجامعة التي أصبحت محور انتباهه.

---

عندما وصل أسد إلى الجامعة، كانت نظرات الجميع تتبعه. الطلاب والموظفون يعرفون من هو، لكنهم لم يعرفوا سوى نصف الحقيقة. بالنسبة لهم، أسد هو رجل الأعمال الذي منح الجامعة تمويلاً ضخماً وأتاح للطلاب فرصة الحصول على منحة دراسية. لكنه في الحقيقة كان يُخفي وجهاً آخر، وجه الضابط المتخفي الذي جاء لأهداف لا يعلمها أحد.

دلف إلى مكتبه الفخم، وأصدر أوامره الصارمة إلى السكرتيرة: "أحضري لي ملفات الطلاب المتقدمين للمنحة فوراً. وأريد هذه الأوراق مرتبة دون تأخير."

كانت السكرتيرة ترتدي ملابس ضيقة، تلفت الانتباه بطريقة غير ملائمة، لكن نظرات أسد كانت كالسيف: "وأيضاً، لا أريد رؤية هذا اللباس مرة أخرى في العمل. اعتبري هذا آخر تحذير."

خرجت السكرتيرة مسرعة، متلعثمة، دون أن تعترض. جلست خلف مكتبها في حالة توتر، وهي تفكر في صرامة أسد. لم يكن شخصاً يمكن التلاعب به، وكان من الواضح أن لديه أهدافاً أكبر من مجرد إدارة جامعة.

---

في تلك اللحظات، كان هناك شيء ما يُخيم على الأجواء. غموض يلف كل شيء، كأن السطور التي لم تُكتب بعد تحمل في طياتها أسراراً ثقيلة. ماذا كان يُخفي أسد؟ وما الذي ينتظره في الأيام القادمة؟

كبرياء أسدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن