الفصل الأول

12 2 1
                                    

مدت أشعة شمس ربيع دافئة على ساحة احدى القرى الصغيرة حيت كانت تلعب أختان ظريفتان قد بلغا الثانية عشر من العمر منذ أيام قليلة انهما الاخوتين التوأمتين عائشة و مريم. لم يكن الناس يستطيعون التمييز بينهما سوى عبر طول شعرهما .فقد  كان لمريم شعر قصيرا لا يتجاوز كتفيها  اذ اعتادت على قصه , بينما كان شعر عائشة طويلا يصل الى ركبتها
توفي والدهما في حادثة  عندما كانتا لا تزالان في بطن أمهما و توفيت أمهما عندما كانت بالسادسة بسبب نوبة قلبية , لذا فقد ربتهما خالتهما سارة, حيت اعتنت بهما كابنتيها ,لقد كانت أرملة عقيمة ووجدت في موت أختها و لو كان مأساة فرصة لتجربة شعور الأمومة . لكن رغم كونهما يتيمتين  فقد كانت البسمة ترتسم دوما على وجههما هل تفاؤلا؟ أم براءة؟

                                                           ******

-لقد وجدتك!
صاحت مريم ممسكة بعائشة
-أنت تغشين لم تكوني مغمضة العينين حينما كنت أختبئ!
قالت عائشة بنبرة متذمرة
-أوووف انتي دائما لا تتقبلين الخسارة ! لن ألعب معك مجددا!
صاحت مريم بغضب
-يا فتيات ماذا هناك؟ صوتكما يسمع من الحي!
قالت الخالة سارة وفي يدها أكياس ممتلئة بالخضراوات و المشتريات  اللتي تدل على انها قدمت للتو من التسوق
ثم فجأة بدأت عائشة بالبكاء
-عزيزتي لا تبكي! ماذا فعلتي لها يا مريم؟!
قالت مأنبة مريم بينما تحتضن عائشة!
-أنا لم أفعل أي شيء!
-توقفي عن الكذب ماذا فعلت لأختك ؟!
-قلت أنني لم أفعل أي شيء !
-يالك من فتاة سيئة اعتذري لأختك و الا عاقبتك !
-لم أفعل أي شيء!!!
-انت معاقبة اذهبي الى غرفتك و لا تخرجي حتى أسمح لك بذلك!!
-أنا أكرهك!!

قالت بنبرة مرتجفة دون ان تترك لخالتها فرصة للتحدث فركضت نحو غرفتها و أغلقت الباب بقوة كعلامة لغضبها و تركت خالتها في صدمة!  

لقد كانت منزعجة جدا من الحال اللذي آلت اليه أسرتهم الصغيرة .عائشة تدعي دوما البراءة و تجعل الجميع يتعاطفون معها فقط لانها تتصرف بلطافة و تجعل الجميع يرون انها الأخت الشريرة ! ارتمت نحو سريرها و بكت بصمت, لم تكن تسمح لأحد بأن يرى ضعفها , لم تكن غاضبة لان أختها لم تقبل الخسارة ,فقد كان ذلك مجرد فتيلة  أشعلت قنبلة داخلها. كانت منزعجة من الكثير من الأشياء من التمييز اللذي تراه بينها و بين أختها .  يا الهي لم أراها أبدا تبكي حتى عندما ماتت والدتها!    اليست مخيفة!   اليست قاسية ؟!     يالك من لطيفة يا عائشة.       ليت أختك كانت مثلك.      عائشة جميلة مثل القمر.    عائشة ظريفة مثل الملاك.       عائشة !   عائشة!!    عائشة!!!  ..... كانت تتذكر تلك الكلامات اللتي يهمس بها الجميع , بينما تضع يديها على  أذنيها محاولة ايقاف ذلك الصوت المزعج ! فبقيت دموعها تسيل الى أن غطت في النوم ...        

                                                     
                                                              *****
مساء الغد  اتجهت مريم نحو مائدة العشاء من اجل سد جوعها حيث أنها قد صامت عن كل من الطعام و الكلام من البارحة , جلست في مقعدها دون أن تنطق بكلمة و سارة أيضا لم تتكلم و هي الأخرى, أما عائشة فقد كانت تكتفي بالتحديق بهما بقلق يعلو ملامحها منتظرتا تصالحهما ككل مرة ,لكن هذه المرة كان الشجار حادا !كان الهدوء قاتلا. رتبت سارة الأطباق كما العادة  و وضعت العشاء ثم  جلست لتبدأ لتناول الطعام و بعد انتهاءهم من وجبتهم نهضت مريم من مقعدها
-الى أين؟
قالت سارة ببرود يكسر الصمت اللذي دام منذ البارحة
-الى غرفتي أولست معاقبة؟
-اجلسي  أريد أن أكلمك في شيء ما
فجلست مريم لتستمع لخالتها ربما تكون قد ندمت و تريد أن تعتذر لها
-غدا ستلتحقين بمدرسة داخلية,لقد نظمت أوراق السفر.
قالت بعد أن وضعت مجموعة من الأوراق على الطاولة يبدو انها أوراق سفر
فاتسعت عينا مريم و عجزت عن الكلام و كأن لسانها قد تجمد
-أ..أ..أعيدي ما ق..قلتي؟!
قالت مريم بينما لا تصدق ما سمعته
-غدا ستلتحقين بمدرسة في المدينة يوفرون سكنا للطلاب ايضا.
-هل تمازحينني!!  ألم يكفيك معاملتك لي والآن تطردينني!!
-أنا لم أطردك،اضافة الى ذلك لقد فكرت بذلك طويلا.
-وماذا اذن!! ترسلينني الى مدرسة داخلية لكي تتخلصي مني!!
-أختي اهدئي
قالت عائشة
-أنت آخر من يحق له أن يتكلم !
-مريم تهذبي ! كيف تتعاملين مع أمك بهذه الطريقة  ؟!
- لست أمي !
فتسمرت سارة بمكانها ولم تنطق ببنت شفة فهي اللتي نست بل تناست أنها ليست سوى غريبة عنهما لم ولن تكون أبدا أما حقيقية لهما
-افعلي ما تشائين
قالت سارة ببرود ثم توجهت لتغسل الأطباق
استادرت مريم لتتوجه لغرفتها حيث ملجئها اللذي كانت تلجئ اليه في كل مرة تنزعج من شيء أو تحزن نظرت الى يمينها فلمحت دمية يبدو عليها القدم فتذكرت كيف كانت تلعب بها مع أختها لقد تغير كل شيء! عائلتها الصغيرة لم تعد تحبها! نظرت مطولا في غرفتها في تفاصيلها حيث كانت هناك صورة يوجد بها أمها مبتسمة بينما تحمل التوأمتين نظرت مطولا لكل شيء قبل أن ترمي نفسها نحو سريرها معانقة له وكأنها تودعه
                                                          ******

في صباح الباكر  حيث كانت الخالة سارة تشاهد التلفاز ,وقفت أمامها مريم بينما تمسك في يدها حقيبة سفر 
-سأغادر
-أخبرتك افعلي ما تريدين
قالت بينما تحاول تغير قناة التلفاز
-وأنا أريد الذهاب
-اذن؟
-أحتاج من يوصلني الى المحطة
-انتظريني أمام الباب

توجهت الاثنتين نحو السيارة و قبل أن تنطلق لمحا عائشة و هي تركض بشعرها المبعثر الدال على استيقاظها توا من النوم
-توقفاا!!
صاحت عائشة
ثم تقدمت  نحو السيارة بنفس متقطع وقالت
- أريد التحدث مع أختي على انفراد
خرجت مريم لتستمع الى أختها
-أختي أعلم  أنك غاضبة مني  لكن أرجوك لا ترحلي! أنا ..
-لقد قررت بالفعل ,لقد تأذيت كثيرا ليس منك فقط بل من الجميع لذا أنا فقط سأرحل لبضع سنوات لأحمي قلبي من الألم
-على الأقل راسليني لا تختفي فجأة مثل والدتنا أرجوك
ضحكة مريم بسخرية ثم قالت
-ألم تسأمي من ذلك؟ هل تظنني غبية لتلك الدرجة؟
-ماذا تقصدين يا أختي؟ انا..
-سأتأخر عن الحافلة وداعا
استادرت مريم و اتجهت نحو السيارة
غادرت  بينما عائشة تنظر اليها تبتعد شيئا فشيئا .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 02, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

و من الحب ما قتلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن