تقف عِند قَبرٍ حَجريّ مُحاطٌ بأزهارٍ خلّابة تنظر إلى الأسماءِ التي نُحِتت على شَاهِدتِه بِعينين نَاعِستين ونظراتٍ تَفتقرُ لـ اللّمعة الجميلة التي اعتادَت أن تزيد عيناها جمالاً فوق جمالِها ..
تقف كَتِمثالٍ حجريٍّ عديم الحركة تحدّق بذلك القبر منذ لحظة وصولها .. لسانُها مربوط و رأسُها يتردد فيه صدى لصوتٍ ألِفت سماعهُ قبل سنوات قد اندثر وذهبَ مهبّ الرّياح ولم يتبقى لها منه سوى ذلك الصدى الذي لاتكفّ عن سماعهِ يدور ويتردّد داخِلها ..تجلسُ على رُكبتيها وتُزيح سمّاعاتها عن أذنيها لتثبّتها عند رقبتها وتُباعد شفتيها مُصدِرةً لحروفٍ تُنطَق بنبرةٍ خافتةٍ بها بحّةٌ تُخفي آلاماً دفينة :
كُنتما كثيري القلق عليّ سابقاً ، تقلقان من أيّ شيء وتخشيان عليّ النّسمة ، لكنّ تلكَ النّسمة كَبُرُتْ كلّما كَبِرت وتحوّلَت لعاصِفةٍ هَوجاء وزوبَعة تجرف كُلّ شيء وتزيدُ بَردي .. لا أُريد أن أُقلِقكُما الآن لكنني مُتعبة .. أنا جِدُّ مُتعبة .. أحتاجُكما .. أحتاجُ حُضنَكمُ الحَنون وكلماتكم الدّافئة ..
أريدُ أن أبكي وأفرغ ما بِداخلي لَكُما .. أُحدّثكُما عمّا حطّمني بحق .. أصدقائي الذين فقدتُهم ذاتَ الطّريقة التي فقدتُكما بِها ، الأشياءُ التي لا استطيعُ الإقرار بها لأحد حتّى ساتورو رُغمَ كونِه أقرب شخصٍ إليّ وبمثابَةِ أخي الأكبر لا أستطيعُ الإقرار بما في داخلي إليه ..
أُريد أن أُحدّثَكُما عن الأشياء التي أكتَشفتُها وإنجازاتي التي غَدت تزداد يوماً بعد يوم .. أودّ رؤيتكما فخورين بي .. رُغم أنّني أعتقدُ أنّكُما تُراقِبانِي و تُرافقانِي أينما حللت لكنني لا أستطيع رؤيتَكُما ولا سماعُكما ولا الحديثُ إليكما فما الفائدة من فعلكُم لِهذا ؟ ..تَمسحُ ما انهمر على خدّيها من دموع وتُردف : حسناً لايَهم ، اريدُ اخباركما انني أصبحتُ ثاني أقوى مُستخدمة جوجيتسو و الحاكمة الشّرعيّة لِعشيرتِنا ، عشيرة كاموتا .. وأيضاً اكتشفت مؤخراً وجود لعناتٍ عكسيّة وذئاب مُستخدمة للجوجيتسو قادرة على طرد اللعنات ..
هذا كُلّ شيء ..
أُحبُّكما كثيراً .. أمّي ، أبي ..
فلترقدا بِسلام ..تنهضُ وترفع سمّاعات رأسها على أُذنيها من جديد وتُشيح نظرها عن القبر و تمشي مُبتعِدةً عن المكان متوجّهة نحو ثانوية الجوجيتسو التقنيّة من جديد بينما تُتمتم بصوتٍ مُنخفض ” أخشى أنني أخلقُ روحاً ملعونة كُلّما اتيتُ هُنا “
( 8:03 pm )
يجلِسُ بهدوءٍ على العُشب قُرب إحدى البُحيرات ضِمن حدود الثّانوية يقرأ شيئاً بيده مُستَضيئاً بالقمرِ المُكتمل ..
ينتبه له أحدهم ليذهب نَحوه ويقف جانِبه ليتضّح بأنها تلك القُرمُزيّة ، تنحني إلى جانبها بطريقةٍ لطيفة وأصابع يديها شُبكت خلف ظهرها ، إبتسامة خفيفة جميلة وصوتها المُميّز قاطع شروده بقولها ” مرحباً “
ينتبه لها بعد كلمتها لينظر نحوها ويبتسم بعد أن عرِفها و يرُدّ التّحيّة بِمِثلها ، ” أيُمكنني الجلوس ؟ “
يومئ لها موافقاً لتعتدل من إنحنائتها وتجلس جواره تاركةً لبعضِ المسافة بينَهُما لتسأل بعفويّة ” ماذا تقرأ ؟ “
” فصلاً من المانجا ، أصدِر منذ مُدّة ولم استطع قرائتهُ حتّى الآن “ أجاب عن سؤالها و ابتسامةٌ خفيفة رُسمت على محياه لتُهمهم الأُخرى ثمّ يعمّ الصّمتُ بينهما إضافةً لهدوء المكان الذي يُزيّنهُ صوتُ حفيفِ أوراقِ الأشجار مع كُلّ نسيم لتُقاطع ذلك الصمت بسؤالها
ميساكي : أتسائلُ إن كان بإمكاني مُنادتك بـ يوجي فقط .. أعني نحنُ في نفس العُمر ولا أعتقد أن هُناك داعٍ للرسميّات ؟
يوجي : اوه ،لا بأس نادِني كما تشائين
ميساكي : حسناً ، شُكراً

أنت تقرأ
جوجيتسو كايسن || كنزيَ القُرمُزيّ
Fanfictionظَهَرت فَجأةً فِي حَيَاتِه .. أنَارَت ظَلامَهُ و أزهَرَت خَريفَه .. رَوَت جَفافَهُ وأدفَئت بَردَه .. عَوّضتهُ عَن كُلِّ ما فَقَدهُ وكَانت لهُ الحُضُنَ الدّافِئ والحُصنَ الأمِين من ظُلم الحَياةِ وقَسوَتِها .. اعتَبَرها مَنَارَتَهُ و كَنزهُ العَظِ...