ليس لدَّي حظ، تُداهمني الحياة بالخيبات المُستمرة، التعثر ثم النهوض أرهقني أيضًا.
لم استطع حتى قول « لقد تخطيتُ الكثير، لا بأس بِمحاولة إضافية يا عاصم.»
تبًا لِتلك المحاولات الإضافية يا رفيق، إلى متى سأنَّعي ذاتًا لم تُخلَق للشقاء المُستمر، أوكان المكوث إلى جانب ربي هو الحل الأنسب؟
هو ربي، مَن خلقني وإليه أنوب.
أتنهدُ بين الفيِّنة والآخرى، أنفث دُخان السيجارة التي تبَقَّت مِن عُلبَة الكليوباترا التي اشتراها لي أحد الأشخاص الذي لَم أعُد أتذكر اسمه حتى، أصابعي ترتعش ريثما تُقَرِّب السيجارة بحذرٍ إلى فمٍ مُستوٍ قد ساد أطرافه حُلكوكية التبغ العَطِن.
جَسدي كالبِغال المُنهزمة، لا تقوى على الحراك بعد حربٍ دامت لقرون وعصور.. لا أشاهد شيئًا، بدون نظاراتي أنا كفيف تمامًا.
بدون طُلابي أنا مشلول تمامًا، أحبُّ الجميع عدا تلك الفتاة، إنَّها تستنزف طاقتي، طاقتي التي اختزلُها للشرح، بدون فِعل مِنها، بدون رد فعل مِني، أنا أمقتها.
أرى أن ذلك طبيعي، فهناك بعض القلوب التي لا تُؤتَلف، وكانت هذه الفتاة هي أولَهُم.
تُدْعى فِريال، اسمها فريد نوعًا ما لكن هذا لا يُقلِّل مِن كُرهي لَها، دائمًا ما تجلس أمامي في المِقعد الأول، تحاول أن تجلس بالمقام الأول لأنَّ رؤيتها ضبابية، ولا تمتلك نظارات كذلك.
أخيها الأكبر « مُعاذ» كان مِن أحد طُلابي المهرة، مِن النُخبة المُشَرِّفة التي أقمت على تعليمُها ثلاث سنوات بالمرحلة الثانويّة.. ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن أدعها تنزلِق مِن عُنُقي، هي كلُقمة مُتيبسة تَقِف في الحلق إباء عشاء رُومانسيّ مع زوجتي أمِّ العِيال.
الفتاة جيدة كذلك في مادتي، ليست بالنابغة لَكِنَّها تسعى، وأنا أكره مَن يسعى وهو لا يستحق، كيف علِمت ذلك؟حدسي يُخبرني وذلك يكفيني، دعني أُعَرِّفكَ بِنفسي «عاصم، عاصم الجوهري مُدَرِّس مادة الكيمياء للمرحلة الثانوية بِمصر الجديدة، عِملاق المادة في الجمهورية بأكملها، أعلم ذلك جيدًا وأشكر الله على نِعمه الكثيرة.»
ها أنا قد أخذت استراحة لخمسة دقائق، أتجرع رشفات المياه التي تَنسال هُنا وهُناك، الماء هو تِرياق الحياة الحقيقيّ.
تشردقت بالفعل عندما لمحتها، لمحتني بنت ال... أسرعت في الدخول إلى غرفة مجاورة، تصنّــعت إني منشغل في عمل شيءٍ ما، انتهى الجميع من الدخول فلحقتهم كي أقوم بالشرح، حييت الجميع، كُنتُ أُلقي النُكات على بعض طالباتي البشوشات، من يروق لي بمعنى أصَّح.
«فريال، لقد اشتقت إليكِ بحق يا فتاة.»
إنَّها إحدى الطالبات التي تُهديها بعباراتٍ لا استحسنها، لا أعلم مدى كُرهي هذا وإلى أي حدٍ سيصل.. كورّْتُ قبضتي وبدأت اضرب بسخط السبورة جانبي جذبًا لانتباهِهم.
أنت تقرأ
فِريال والكيمياء.
Short Storyالتغافُل عمَّا هو خير رُغم إقرارك بأنه خير، أو رُبمَّا ليس بسيءٍ في أبسط الأحوال، تخاذُلك في أحيانٍ شتى قُبالة أبرياء لم يفعلوا لك شيئًا هو خِسَّة ووضاعة، فقط كُن على أَهُبة سمع صوت ضميرك، يناديك «هَلُم أيُّها الحقير، هَلُم.» هذا الفصل كُتِب في أوق...