" سأفعل ماتشاء ، أُقسم على ذلك! لك ماتشاء ، رجاءً رجاءً دعنيّ ! "
انزوى فمهُ مستقبلاً إبتسامةً عريضة ارتسمت عليه بعد آن امسك بالورقة التي طلب ممّن أمامهُ كتابتها ، وضعها فوق الطاولة التي تتوسط الغرفة المحتوية لهم ، وأكمل تقدمه بهدوء يكتسيه شعور اللذة وهتافاتُ الرجاءِ تتناهى لأذنيه ، كأنما هي صرخاتٌ تشجيعيه تستحثه على إكمال ما إبتدأ به ، لربما يظنها هكذا او تترجمه أذناه كذلك!
" ماذا تريد منّي؟ لقد فـ .. نعم فعلتُ كلّ شيء لأنال حريتيّ .. أصبحتُ أصبـ أصبحتُ شخصاً صالحاً "
" الأسودُ يبقى أسوداً ، حتى لو ارتدى البياض " .
نبرةُ خوف اعترت جملة " ومن أنت؟ " .
اتسعت ابتسامته أكثر حتى بانت نواجذه متحدثاً بثقة لامتناهية " !I'm white , I'm justice "
" لِم؟ أنا أنا أنـ ... آآآآآه "_____________________
تململ بعد آن امضى عدة دقائق وهو جالسٌ على كرسيه ، ليطلق من كان أمامه ضحكة صافية عميقة!
نظر لصديقهِ بتعجبّ " مالذي يستدعيّ إطلاق صفارة الإنذارة هذه؟ "
" صفارة إنذار؟ يالك من قاسٍ ماهذا اللقب البشع! "
هزّ كتفيه مجيباً " إنهُ وصفٌ مناسبٌ على كُل حال! "
إعتدل صديقه " شعورك بالملل عزيزي مايّ ، لم تمض سوى خمس دقائق منذُ جلوسك فوق هذا الكرسيّ " .
تنهّد ماي - كما أطلق عليه صديقه - ثم بدأ يعبثُ بما أمامه من اوراق " حسناً ، تعلمُ انني اعلمُ انك تعلمُ بكرهي للجلوس دون عملٍ سيد أوزاوا ريكو "
- " اوهُ لازال مايّ متأثراً بفلسفةِ عجوزُ البارحة " .
- " ابداً ، لاتشبهني بتلك العجوز المدعية الشمطاء أوزاوا! منذُ متى وأنا اتاثر بقارئيّ المستقبل المزعوم " .
- " ألم يُعجبك قولها؟ لن يعجبك على كُل حال بعد إخبارها لك بأنك لن تبلغ الخامسة والعشرين من عمرك " .
- " سخافة! خرافة! غباء! ... ترهاتٌ لا دليل عليها " .
- " لِم غضبت؟ لاشيء يستدعي ذالك مايّ العزيز ، إهدا " .
- " غضبت؟ لم أغضب أبداً ، أنا أخبرك حقيقتها فقط سيد اوزاوا " .
لم يتمّ مايّ جملته حتى إستئذن شرطيٌ بالدخول عليهما فآوما اوزاوا لهُ مرحباً به ، فاستهل الشرطيّ حديثه مباشرةً دون إبطاءٍ بقوله " سيديّ هناك إمراةٌ تريد مقابلتك! "
إعتدل اوزاوا والبسمةُ تعلو محياه أخيراً سيفعلُ شيئاً غيرَ محاولةِ إثارةِ مايّ عليه فاستغل الأخيرُ هذه النقطة ليغيض اوزاوا قائلاً " آوه سيدةٌ تطلبك! " .
- " إنهُ العمل يا عزيزي مايّ ، العمل " ثم غمز بعينيه ، ضحك مايّ بهدوء من ردةِ فعل اوزاوا .
دلفت آنسةٌ بدت في مُقتبلِ العشرينيات الى الغرفة ، يعلو وجهها حزنٌ عميق ، وتلكانِ العينانِ الغائرتانِ المُحاطة بهالاتٍ سوداء واضحة لم تمنع جمالها من البروز ، توضح للإثنان ماتفعلهُ ضيفتهما قبل قليل من احمرارِ أنفها وضيق عينيها ، بديهياً آنها كانت - تبكيّ!-
نهض أوزاوا محيياً الآنسة التي عرفت عن نفسها بصوتٍ رقيق " سيزو تامينو " .
اتسعت حدقتا مايّ بعد سماعِ إسمها وخصوصاً جزئيةِ - تامينو - ثم مالبث أن أخرج من درجِ مكتبه صحيفة الصباح التي فرغ قبل نصف ساعة من قرائتها وصدق ظنه حينَ تابعت عيناهُ أبرز عنوانٍ عليها ( وُجد السيد كيرا تامينو صباح اليوم مقتولاً في شقته ، بطريقةٍ بشعة دون أدنى رحمة! ) .
في تلك الأثناء كان اوزاوا قد انتهى من تعريفِ مايّ للضيفة التي لم تفصح بعد عمّا أرادت ولم آتت ، على الآقل بقيّ سبب مجيئها مجهولاً عند اوزاوا فهو لايحب مطالعة الأخبار وكل جديد ، النقيض تماماً من مايّ الذي بات واضحاً لهُ سبب مجيء الآنسة تامينو لهما في هذهِ الساعة من هذا اليوم دون سواه .
- " مرحباً بكِ من جديد آنسة تامينو " .
- " اعتذرُ إن كنت قد أزعجتك سيد ريكو " .
نفى بيده متبعها بقوله " إطلاقاً آنسة تامينو إطلاقاً ، فآنا متفرغٌ اليوم ، فلا قضايا عُرضت عليّ ! " .
أكمل مايّ بذاته " حتى الآن ، تبقى ساذجاً يا أوزاوا " .
- " أردتُ مساعدتك في - ترددت قليلاً : في اكتشافِ سرّ .... "
أكمل عنها مايّ وهو يضعُ الجريدة أمام اوزاوا " مقتلِ أبيكِ كيرا تامينو ، أليس كذلك أيتها الآنسة؟ "
- اومات دون إجابة!
اختلس اوزاوا نظرةً سريعةً للصحيفة ثم مدها لمايّ وحادث السيدة " حسناً ، ألم توكل القضية لمفتشٍ آخر؟ بحسب علميّ آممم فهذه قد تولاها السيد توشيرو؟ "
- " أنا اثق بكفائتك سيد ريكو ، وقد طلبتُ من المدير العام تبديل المفتش الموكل لهذه القضية واخترتك أنت! لكنّه رفض دون موافقتك بعد إصراريّ " .
شعر اوزاوا بالفخر ، هذا ما أحسهُ مايّ من ذاك التعبير الذي طغى على صديقه لوهلة ، إستدار وضحك بذاته " ساذج! " .
- " لامانع عنديّ آنسة تامينو ، بعد تنازل السيد توشيرو عنها " .
أصدر الهاتف في تلك اللحظة رنيناً مفاجئاً ، وكأنما كان المتصل ينتظرُ تصريح اوزاوا !
أجاب فوراً " أهلاً المفتش ريكو يتحدث .... اوه أهلاً سيد توشيرو صباح الخير ..... آه قد وصلني الخبر أتسمح؟ .... طبعاً طبعاً لكَ ذلك ... وداعاً " .
- " مالذي قاله سيد ريكو؟ " .
- " إطمأني ، سأستلمُ قضية أبيكِ فقد كان هذا السيد توشيرو ، يخبرنيّ بتنازله عنها ! "
إنقبض قلبُ مايّ في ذاك الحين بعد سماعهِ لتلك الجملةِ من اوزاوا ، وضع يدهُ على صدرهِ وقد تقاربَ حاجباهُ تعجباً من هذا الشعور ، لم يكن في مكنونهِ أن تلك القضية وذاك الطلبُ من الآنسة الماكثة أمامه سيحملُ في طياته الكثير والكثير مما ينتظره ، أشياء لم تكن لتخطر على بالِ ضابطٍ لتوهِ إستلم عملهُ الجديد بكل سعادة ونشاط! .. شاقاً طريقهُ لتحقيق حلمهِ الذي راودهُ منذ الصغر .
أنت تقرأ
I'm White , I'm Justice .
Adventureمن الأمورٌ النسبية ذاك المصطلح المتعارف عليه " العدالة " .. فهلِ القتل عدالة؟ للوهلةِ الأولى تبادرت للأذهان كلمةُ " لا " صريحة واضحة ، لكنّ! إذا علمت آنه حكمٌ لمجرم سلب أرواح الكثير .. ستنقلبُ الإجابة " نعم " لاشكّ في ذلك قطعاً . انتظر ، فهؤلاءِ ال...