الوجع الرابع
************
حمدت ربها أنها رحلت قبل حضور ولدها من عمله فما كان لها القدرة على شجار آخر قد ينشب بينه وبين أبيه من أجلها ..فقد اكتفت ذلا وقهرا.
صعدت الدرج القديم لتلك البناية العتيقة والتي شهدت طفولتها واحلام مراهقتها وصباها قبل أن ترحل عنها معتقدة أنها لن تعود إليها إلا زائرة .. لكن ها هي تقف أمام باب شقة ابيها التي ما فتحت الا لتنظيفها من فترة وجيزة عندما حضر اخوها الوحيد من الخارج حيث يستقر بأحد الدول الأجنبية لزيارة مصر بعد سنوات من البعاد .. دفعت الباب الذي أصدر صريرا معتادا على مسامعها وشعرت بالحنين لأيام مضت كانت لا تحمل الا ذكريات من سعادة خالصة ..
دخلت إحسان واضعة الحقيبة جانبا وأغلقت خلفها الباب لتفتح باب اخر من خواطر داهمتها ما أن أصبحت وحيدة تماما .. جلست على اقرب مقعد قابلته بطريقها للردهة وتطلعت حولها في تيه لا تعرف كم طال الا عندما انفجرت باكية في لوعة عمرها الضائع سدى ..
طالت نوبة البكاء حتى أفرغت كل دموع الانكسار والوجيعة ..دخلت تغسل وجهها وتنعش نفسها من جديد وقد قررت أن تواجه الأمر الواقع .. أن تتكيف مع وحدتها وتتحمل مرارة العيش بلا سند حقيقي الا ربها وخاصة وأنها لا تملك مالا خاصا بها يمكنها الاعتماد عليه في محنتها .. فهل كانت تتوقع ولو في اسوء كوابيسها ما يجري لها الان !؟..
اتجهت تحمل حقيبتها من موضعها حيث تركتها لتعود لحجرتها القديمة ..لتبدأ حياتها الجديدة ..
********************
اندفعت صفية في جزع باتجاه المقهى الذي يجلس به طليقها مسعد وما أن وقع ناظرها على محياه حتى توجهت مهرولة نحوه في اضطراب :- مسعد .. يا مسعد ..قوم معايا ..
تطلع مسعد نحوها بنظرة ماجنة
هاتفا :- ايه يا جميل ..حنيت وجيت..!؟..أنا كنت عارف ان ..
صرخت به هاتفة تخرسه :- عارف ايه !؟.. انت طول عمرك مش عارف الا مزاجك وبس .. ابنك بيروح مني ..قوم ودينا لدكتور ولاه هاتف فلوس اجري بيه على اقرب مستوصف ..
تجاهل مسعد النظر إليها ما أن عرف مقصدها من هذه الزيارة الغير متوقعة والغير مرحب بها من الأساس طالما أنها لطلب المال وهتف في لامبالاة :- منين !؟.. اجيب لك فلوس منين !؟..
هتفت ساخطة :- اتصرف بأي طريقة ..بقولك ابنك بيموت ..
هتف مسعد في غضب :- ما قلنا مفيش .. هلحنهالك !؟.. مفيش يعني مفيش .. غوري بقى من وشي طيرتي الحجر اللي شاربه شُكك ..
برقت دموع القهر بأعين صفية التي تسمرت موضعها لثوان تفكر كيف لها أن تحصل على بعض المال لعلاج ولدها وسميرة التي كانت تلجأ لها في بعض الأحيان ما عادت صديقتها من بعد آخر موقف حدث بينهما قد اخرجتها من حياتها للأبد..
أنت تقرأ
سيدة الأوجاع السبعة
Romance"قم..واقتلع بذور الوجع من ارض روحك وعلق بيارق النصر على مفرق الحب وقل للوجيعة وداعا بلا رجعة ..وافتح للعشق بابا بعرض السماء.. وازأر بوجه الدنيا صارخا ما زلت اتنفس ..انا هنا "