هلَّا أجبت عن سؤالي؟!

26 4 0
                                    

لقد كانت جالسة تنظر إلى الفراغ بملامح فارغة لكن يداها كانت تتحركان... لقد كانت تجرح نفسها لم يكن عليها سوى التوقف لتبدو كدمية دمية شاحبة

حاول إيقافها،:« آنستي... أنت تجرحين نفسك، توقفي عن هذا» لفت صوته إنتباهها، نظرت إليه:«هلّا أجبت عن سؤالي.؟...» نظر إليها في إستفسار، أكملت:«ماهو أفضل مخدر للألم؟» نظر إليها بإستغراب و تفكير لم تسمح له بالإجابة، توقفت ونظرت إلى يديها وهي تبتسم:«...المخدر الوحيد للألم هو الألم نفسه... لن تدرك ما أقول لكن حينما يحين الوقت ستبتسم رغما عنك».
دعني أسألك مرة اخرى:«هل شعرت بالعجز في وقت مبكر؟...هل إتهمت بالقسوة فقط أانك حاولت الهروب من عجزك...هل ستبرر ما فعلته سابقا وتدافع عن نفسك؟ أم أنك ستبتلع الإتهام بصمت؟وتتألم بصمت».
لم يجب بقي ينظر لها.اكملت:حسنا أنا لا اعرفك...لن يكون سيئا ان أخبرتك شيئا أو سألتك،فعندما نفترق ستتذكرني لأيام ثم ستنساني... سأكون كذكرى نحتت على رمال شاطئ البحر، و أنت أدرى بما يحدث لتلك الرمال... لكن قبل ذلك أجب عن أسئلتي».

«أخبرني ماذا ستفعل لو صمتّ لوقت طويل،لكنك لاحظت أن ألمك يزيد ولا أحد يلاحظ أو حتى يهتم؟ هل ستتحدث؟...هل ستخبرهم أنك تتألم؟ أنك سِرت لآلاف الأميال و كافحت بصمت؟... هل سبق و أخبرك أحدهم أنه يحبك لأنك قوي؟.......... لا أرى أنك ستجيب»ابتسمت لكن هذه المرة بألم.

«دعني أخبرك شيئا لقد عرفت العديد من الناس ليس الكثير بحكم طبيعتي الإنطوائية لكني رأيت مايكفي لأفهم الأخرين... صدقني أستطيع معرفة ما يشعرون به ، مايريدون قوله، مايفكرون به من كلماتهم، وجوههم، عيونهم...أصبح الجميع كتابا مفتوحا أمامي، استطيع أن أعرف ما تعنيه حركاتهم.. لكني أستمر في التجاهل، في لعب دور الغبية».

«أنظر... اذا رأيت أحدا يتحدث معك عن شيئ يؤلمه وهو يبتسم، فاعلم أنه اصبح غير مبال، لقد وصل لمرحلة التي في امكانه ابتلاع المه وإظهار شيئ اخر، لقد أصبحت هكذا، اتعلم  لي روحا مشتتة، جسدا منهكا، عقلا متعبا، قلبا منشطرا لآلاف القطع وجرحا داميا مازال ينزف ويوما بعد يوم يزداد عمقه، لكن أنا على قيد الحياة رغم هذا... لم أتوقع يوما أني سأصمد في أقصى مراحل انهياري
اتعلم أشعر بالسعادة عندما أجد نفسي صامدةو أبتسم حتى لو كنت  أتألم، ذلك لأنني لم أكذب يوما وأن كل ما كتبته ذات مرة كان حقيقة وليست مجازا مبالغا فيه... لكنني اتساءل هل ابتسامتي حقيقية ام مزيفة.؟
هل أشعر بالسعادة حقا؟ ام انني أتظاهر؟ عندما أراقب نفسي اجدني لا أشعر بشيئ واصعب شيئ عدم الشعور.، المشاعر هي التي تميزك كبشري...

دائما أسأل نفسي لما أنا هنا؟ لما علي ان اعيش كل هذا؟ ما الذي فعلته لتبدأ معاناتي منذ الصغر؟ ما هو ذنبي... انا لم اؤذي شخصا بل اتألم لرؤية الم  الأخرين لطالما كانت بسمتهم تسعدني... لكن استمر في تعزية نفسي احثها على الصمود...
السؤال الوحيد الذي استطعت الإجابة عنه هو لما انا على قيد الحياة... لما استمر في المقاومة... لما لا استسلم؟ ذلك لأن عزائي الوحيد هو «وما رَبُكَ بِظَلاّمٍ للعَبِيد».

«انا متأكدة فقط ان تلك السنوات التي ضاعت في الالم والمعاناة، في ذلك الظلم والتحيز لم تذهب هباءًا، ان كانت تكفيرا فلا بأس وان كانت ابتلاءًا فلا بأس ايضا».
وقفت بعد صمت تحدث خلاله حفيف اوراق على الأرض كانت الرياح تداعبها برقة، نظرت إليه وقالت:«...هلّا اجبت عن سؤالي...؟» لكنه أطرق رأسه فابتسمت
«أعلم أنه لا جواب لديك لكن أتمنى عندما نلتقي مرة أخرى ان تجيب عن السؤال الذي يطرح نفسه دائما...هلا أجبت عن سؤالي...؟».

هذيانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن