الرابع

240 10 16
                                    

دفعه هشام - الذي بدا وكأنه لم يُجمع مع عقله في علاقة قط وودعه منطقه - بقوة ، تراجع على أثر الدفعة إلى الخلف بغير تحكم منه ، تعثر تحت السجادة الغير مستوية تحته وسقط فوراً دون همس آخر .

فتح حسام عينيه فجأة عندما دفعته تلك النقطة للاستيقاظ ، أخذ عدة أنفاس عميقة متقطعة يتأكد من خلالها أنه على قيد الحياة .

رمش عدة مرات عندما تعثرت لديه الرؤية وغطا عينيه غشاوة نصف سميكة ، بدأ مكان الضربة ينضح عليه من جديد ويسري آلمه علي طول الجسد كله في تعاون ومخآه بينهم ، اغمض عينيه بشدة من ثقل الألم ، يشعر برأسه ثقيل والدوار عنيف يضرب رأسه بكل جزء منها .

نادى بصوت خفيض يكاد يشبه الهمس من الهوان : ماما ... مام ....

قطع ندائه عندما تناهى إليه صوته ، كلمة محببه لم يعد يستعملها برضاه على لسانه قرابة السبع سنوات حتى مسها العطب وتناسى جمال لحن الكلمة على طبلة أذنه ، مسدت الكلمة فؤاده وأراحت روحه كأنها الماء البرد على غليان قدر من الحمم .

شعر بلهيب أصابعها الخمسه مرسومة بدقه على وجنته كأنها حدثت منذ ثوانٍ فقط وليس منذ يومين ربما لأنها طبعت على قلبه وليس وجنته ، فرت دمعه حبسها طويلاً إذ وصله من خلال يدها كم ضعف جسد أمه وتهاون .

بعد فترة هينه من الصمت نادى من جديد : نسمااه ... نسمااااه

كانت نسمه نائمة على الكنبة العريضة من نفس الغرفة ، استيقظت من مكانها عندما سمعته واقتربت منه بسرعه وظل بسمه يرتسم بخفة على شفتها : حمد الله على السلامة يا حسام ... انت كويس دلؤتي
.... سامعني ؟

ابتلع حسام ريقه بصعوبة وهتف من جديد بألم : اه الحمد لله ... أيه اللي حصل ؟

نزل دموعها كثيفة ورمت بنفسها إلى حضنه وهي تقول من بين شهقاتها : قلقت عليك جامد كل شويه كنت تقوم وترجع تنام تاني وتقول حاجات كتير من نومك خوفتني عليك جامد

حرك يده من جانبه ولفها عليها وشدد من احتضانها إليه : متقلقيش انا بقيت كويس خالص دلؤتي .

عندما سكنت الأجواء وكفكفت دموعها سأل عن هشام بريبة لا يريد تأجيل الموضوع : هشام فين ؟

خفضت نسمة بسرعة عينيها إلى الأرض ومسكت طرف الملائه وعبثت به بارتباك ، وبدأ عينيها تزوغ في الأجواء دون أن تلتقي معه ، حركاتها أكدت له أن شئ سيئاً حصل له أم منه لم يعرف وعقله مشوش عن التحديد ووضع كل شئ مكانه ، سأل من جديد بإصرار وكل حرف يشد عليه : هشام فين يا نسمة ؟

تقطع صوتها وبثته حزنها وشفقتها خلاله : هشام ... بعد موقعت خد الشنطه ... وبقيت الفلوس اللي في المكتب ... وهرب .

وقع كلماتها كالجمر على أذنه ، بات القلب يخفض ضرباته من الحزن ، وعقله يسأل باضطراب كيف لهشام أن يفعل ذلك ، وكيف من ضحى ما أجله يتجرأ أن يخونه ؟!

العقوقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن