ويا لحظ من إذا أراد البكاء وجد صدرًا يضمه
ربّت على ظهرها بهدوء مُحاولًا السيطرة على نوبة البكاء التي أصابتها فجأة دون أن يدري لها سببًا، لم يشغل باله بتلك الوساوس التي سيطرت على عقله لثوانٍ مُسوّلةً له أنها تبكي حبيبًا خائنًا تزوّج من ابنة عمته منذ قليل، وقد رأي أن انتظارها حتى تهدأ وتُفضي ما يعتمل بصدرها إليه سيكون أفضل من اتّهامها بجريمةٍ بشعة كتلك!
استمر بكاؤها لفترةٍ لا بأس بها انتهت ببضع تنهيدات مُرهقة خرجت بصعوبة من جوفها، هدهدها بحنان؛ ليُبعدها عنه قليلًا هامسًا برقة:
- ممكن أفهم بقى فيه إيه؟تهرّبت من عينيه لتهتف بخفوت:
- مفيش.. كنت تعبانة شوية بس.ضغط على ذراعيها بشيء من القوة وقد بدا على وشك الصراخ في وجهها، تلك الحمقاء تكذب ولا تعلم أنها بذلك تُشعل نيران شكوكه التي تساوره منذ تغيّر حالها في الزفاف، تأوّهت بسبب قبضته المؤلمة، لكنه لم يهتم بل تابع بحدة:
- أنا مبحبش الكذب يا زينة.. إيه اللي حصل وخلّاكي بالمنظر دا ولا...أجبر نفسه على الصمت كي لا يتفوّه بالهراء الذي من المُمكن أن يهدم تلك الخطوات القليلة التي خطوها معا في علاقتهما؛ فقرّبها منه هاتفًا بهدوء مُفتعل:
- يا زينة أنا جوزك، المفروض أكون أقرب حد ليكي، ليه مش عايزة تحكيلي!؟رفعت عينيها إليه لتتلاقى بخاصته في لحظةٍ سلبت أنفاسها، كان وجهها قد تشبّع ببعض الحمرة فبدت لطيفة بأهدابها الطويلة التي ظلّلت على عينها السوداء، ابتسم بثبات ليُبعد يديه عنها بهدوء، اقترب منها ليلف يديه حول خصرها لينحني إليها هامسًا في أذنها برقة وتّرتها:
- مش هتقوليلي برضو مالك؟!أخفضت ذراعيها نحوه مُحاولةً إبعاده عنها قليلًا، وقد شعرت بالتوتر بسبب قربه الغريب هذا، شعر بتوتّرها فابتعد قليلًا، لكنه لم يُبعد يديه عن خصرها.
هتف بإصرار وهو يراقبها بتمعّن:
- مش هتتكلمي بقي؟!زفرت بإنهاك قبل أن تصمت لثواني بدأت من بعدهم الحديث بتلعثم مُحاولةً شرح ما حدث له دون أن تنخرط في نوبة بكاء جديدة.
~ فلاش باك ~
تأمّلت "زينة" تلك القاعة الكبيرة بانبهار وقد ارتسمت ابتسامة واسعة علي ثغرها، لقد تركها "فارس" منذ دقائق؛ فحاولت هي شغل تفكيرها بأي شيء عدا الخروج من القاعة كي لا تتسبّب لنفسها بالمشاكل.
اختفت ابتسامتها سريعًا عندما رأت امرأة بدا عليها أنها في أواخر عقدها السادس تتوجّه نحوها وبجانبها شابة يافعة تألّقت في ثوبٍ أحمر أبرز جمال قوامها، أخذب بعض الأنفاس الصغيرة مُحاولةً تهدئة نفسها وتذكّر تلك السيدة التي لاح لها في عقلها بأنها قد رأتها من قبل في مكان ما.
جلستا الاثنتان أمامها لتبتسم "زينة" بتوتر كنوعٍ من الترحيب بهما، لكنهما لم يُعيراها اهتمامًا، بل هتفت الشابة الصغيرة سريعًا بغيظٍ مخفي:
- هو انتي بقى زينة مرات الدكتور فارس؟
أنت تقرأ
جحيم الفارس -قيد التعديل-
Romantik- اقلعي البتاع دا. هتف بها "فارس" بحدة مُوجّهًا أمره للمرةِ الثالثة علي التوالي للقصيرةِ الواقفة أمامه بصمتٍ استفزّه بحق، اقترب منها بغضب؛ ليهتف من بين أسنانه: - مبحبّش أكرّر كلامي كتير. لم تنبس ببنتِ شفة أو تتحرّك من مكانها، في حين ناظرها هو بغضب و...