سلسلة مصادر بحار الأنوار
(16)
اِعـــــلامُ الــــوَرى
بأعـلام الـهـُـدى
تأليف
امين الاسلام الشيخ ابي علي
الفضل بن الحسن الطبرسي
من اعلام القرن السادس الهجري
الجزء الاول
تحقيق
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
--------------------------------------------------------------------------------
( 5 )
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين.
وبعد:
فربما كان الخلاف العقائدي في فهم الارتباط العضوي بين استمرار الحكم الالهي في الارض ـ بين الفرق الاسلامية المختلفة ـ وعلله فيها ، هو المحور الاَساس الذي ابتنت عليه الاطروحات المختلفة في كتابة وتدوين التأريخ الاسلامي ، ووضع لبناته الاُولى ، وبالتالي ما ترتّب عليها من نتائج وحلقات تعرّضت جملة منها ـ إن لم يكن أكثرها ـ الى النقد والتجريح والرد ، وبشكل حاد وقاطع.
فالاعتقاد المغلوط الذي وضع وأقام أول أركانه أتباع السقيفة والبيت الاموي من خلال مصادرتهم للحكم الالهي ودفعه قسراً عن أصحابه الشرعيين ، وبالتالي محاولتهم ـ وبترويج من بطانتهم والمقتاتين من فتات موائدهم ـ تركيز مفهومهم المنحرف باقامة بنيان فاسد قبالة البنيان المقدَّس الذي أقامه
--------------------------------------------------------------------------------
( 6 )
رسول الله صلّى الله عليه وآله بأمر من الله تعالى ، كلّ ذلك كان هو المدخل الكبير الذي قامت عليه الاطروحة الهادفة إلى تجريد أهل البيت عليهم السلام من درهم الكبير ، وقطبيتهم المركوزة بأمر السماء ، والذاهبة ـ أي تلك الاطروحة ـ ابتداءً الى القول بان استمرار هذا الحكم الالهي في الاَرض مرتبط بوجود واستمرار الاُمّة فحسب ، متجاهلة عمداً الدلائل المقطوع بها ، والقائلة بأنحياة الأُمة وديمومتها ، وبالتي استقامة مناهجها وصواب مسيرتها ، مرتبط بشكل عضوي ومحسوم بالوجود المقدّس لاهل بيت النبوة عليهم السلام وقائم بقيامهم(1).
ومن ثم دأبَ أصحاب تلك النظرية وسعوا سعيهم لتضييق هذا المفهوم وحصره في اُضيق حدوده المنظورة ليدور في فلك الحكّام والملوك ، وبالتالي كلّ ما يرتبط بهم ، ويتصل بسياساتهم ، وكأنهم قد أمسوا المراكز الاساسية التي تنطلق من خلالها حقائق الوجود ، ومناهجه الكبرى ، فأغرق كاتبو ذلك التأريخ ما سطّروه من صفحات كتبهم التأريخية بتفاصيل ودقائق واسفافات سقيمة لحياة هؤلاء الحكّام والسلاطين ، متجاوزين أوسع وأعظم الحلقات الكبرى التي تشكّل قطب وجود الاُمم ، ومركز ديموتها ، بالدليلين العقلي والنقلي.