«٧»

58 4 0
                                    


الخائف من الآتي اختبأ
🥀
.
.
.

وَتَنْسَى الأيائل تركض بَيْن الزنابق والأقحوان

وَلَوْ كَانَ أَذكى قليلاً لحطَّم مرآتَهُ وَرَأَى كَمْ هُوَ مثل الْآخَرُون، وَلَوْ كَانَ حُرّاً لَمَّا صَارَ أُسطورةً، اسطورة اللص ذو الوجه الوسيم والأصابع الذهبية والقلادة الأولى لخَطف القلوب وتمني الحَق لصاحبه وحماية المظلوم.

بلاد العَدل والخَق صارت خرابًا وها الآن تُبني دولة على انقاد دولةٍ أخرى والأخيرة تنتحب.

والسرابُ كتابُ الْمُسَافِرِ فِي البَيْد

«ما دافعكَ للحياة ؟»
صَدَح صوت «يعقوب» في أركان الغرفة التي نقلوهم لها مؤخرًا، في صحراء قاحلة وسط الرمال والرطوبة القاتلة، داخل غرفة صغيرة تَضُم عشرة أشخاص ينام كُل منهم على فِراش حديدي تكسوه مرتبة رفيعة وغطاء مهترئ.

لَوْلَاه، لَوْلَا السَّرَاب، لِمَا وَأَصْل السيرَ بحثاً عَنْ الْمَاءِ.

تشارك مع «رافائيل» الفراش أخذ هو السفلي بينما اخذ الأصغر الدور العُلوي، كثيرًا ما يبدلوا غرفهم لإجراءات أمنية، يأتي طابور الصباح فيعدونهم واحدًا تلو الآخر ثُم يفتشون الغرفة لعل أحدهم يحفُر نفقًا بملعقة!!!

هَذَا سَحَابٌ - يَقُول وَيُحْمَل إبْرِيق أَمَالَه بِيَدٍ وَبِأُخْرَى يشدُّ عَلَى خَصْرِهِ.

«لأن الله لا يريد موتي الآن، ولأني دافع امي للحياة، أجزمُ لكَ أنها تستيقظ كُل يوم لتدعو الله ان يجمعها بي قبل يوم رحيلها، وإذا أراد الله وأرادت امي من بعده فمَن أنا حتى أعترض ؟»
نبرة صوت تقول أن ذلك شيء لا تفكير فيه.

ويدقُّ خَطَأَه عَلَى الرَّمَلِ كَي يَجْمَع الْغَيْمُ فِي حُفْرةٍ.

مُنذ جاء هذا الغُلام ويعقوب ملتصقٌ بِه، يرى فيه الأمل يراه قريب إلى النور أكثر منه، وفي كُل مرة يُدرك هذه الحقيقة يُبَكِت نفسهُ كيف لفتى أصغر منه بعقدٍ كامل أن يكون قدوة لهُ.

وَالسَّرَاب يُنَادِيه يُغْويه، يَخْدَعْه، ثُمَّ يَرْفَعُهُ فَوْق:

لكن هذا ما عليه بلاده اليوم، الشيخ يسقي الرضيع حُب الوطن، والغُلام ينشر بين العالمين حياة، فلا الأول باع ولا الأخير ينوي، نعم هُم يبيعون الأمل والألم وحُبُ التضحية، الشجاعة والوفاء ثُم يبيع الأجداد بيوتهم للأحفاد قائلين: «خُذ يا غلام، هذا مُفتاح بيتي الذي اخذوه مُنذ عقود، بعد التحرير أذهب إلى يافا افتح بيتنا وعمره»

اقْرَأ إذَا مَا استطعتَ القراءةَ.

اقرأ يا صغيري أن الظُلم انتشر، اقرأ أن النساء ينامون بحجابهن تحسبًا لأي اعتقال في الفجر، أقرأ كيف يقتحمون دور عبادتنا وكيف أخذوا كنائسنا ومساجدنا ملكيةً لهم، واقرأ ما يُكتَب من كذب ما يظهرهم كالملائكة وَسَط نيران الظُلم، ويظهرنا نحنُ تلك النيران، اقرأ كيف وقفت رمزُ شجاعتنا أمام قطيع من الخنازير تصيح: «تدخلش، اخرس»

واكتبْ إذَا مَا اسْتَطَعْت الْكِتَابَة.

أكتب ما تراه وما تسمعه، أكتب ان الكذب كذب وان الصِدق صِدق، أكتب يا صغيري كيف تنام محتضنًا لُعبتكَ خائفًا ان تخسرها في منتصف الليل جراء القصف، أو ميف أنقذت السمكة بعدما تهدم البيت وأنت داخله، أكتب أنهم اعتقلرا بالوناتك وطائرتك الورقية، وكيف وضعوا الطلاء فوق جداريات أسماء أجدادك، أكتب واخبرهم يا صغيري كيف اعتقلوك وأنت لم تتجاوز العاشرة، ما وسائل التعذيب النفسي التي استخدموها في التحقيق وأنت تصرخ: «مش متذكر، مش متذكر».

يَقْرَأ: مَاء، وَمَاء، وَمَاء.

والماء العَكِر يُزيف الحقيقة والماء الصافي يظهرها، وبين هذا وذاك وقف تنفيذ الأحكام وإطلاق السراح حائران، فكيف أرى الحَق وسط تزييف الجميع، وكيف تثبُت الحقائق على سطح المياه المتدفقة.

وَيَكْتُب سطراً عَلَى الرَّمَلِ : لَوْلَا السَّرَاب لَمَّا كُنْت حيّاً إلَى الْآنَ

لولا السراب ما عاش الاحتلال الصهيوني كالسرطان وسط بلاد خضراء متقدة الهمة، تنافس العالم لإظهار الحقيقة.

فلسطيني اسمي يكفي، الكوفية فوق أكتافي وهذا يكفي، يكفي ليخبر العالم كُله أني أعاني اني أصرخ ولا اخد يسمع.

.
.
.
🥀
أ

على أحد القمم العالية ليهاجم

أُمُ البدَايَاتِ. ~فلسطين~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن