2| دَرسٌ

364 46 314
                                    

السّلام عليكم

كيف الحال؟

والآن إليكم عرضيَ الثانِي:
3، 2 ،1
______________________

'أكِي أَتذهب مَعِي لزيارة العِيادة، علّنا نَكتشفُ ما يجعلك تهذِي'

وقع آخر الجملةِ حطّمنِي كقطعٍ من زجاجٍ، انتفضتُ وخاطبتهَا بقَهرٍ
'أنا لستُ مريضًا ولاَ مجنونًا! إنّ هُناك خطبًا ما في هذهِ الأَكواب'

ثمّ عدتُ أُخبِّئ نَفسِي في اللِّحاف الّذي لاَ يعزلنِي عمّا يُخيفنِي، ليتَ لُبّي الخائفُ يُغطَّى ويُعزل، علّهُ يركنُ ويكفُّ عَن الرَّجَفان.

أَحسستُ بِتربيتةٍ حنونٍ من فوقِ اللّحاف
'أكِي لا تفهمنِي خطأً، فبعض الأمراضِ قد تجعل المرء يتخيّلُ أشياءً لا حقيقة لهَا، ولاَ أَقصد بقَولِي أنّك مَجنُون!'

كلماتهَا لَم تَطرق باب الرِّضا عندِي بَعد، فمَا يُفزعُ روعِي هُو حقيقةُ أنّ الحَقِيقة فِي عَينيهَا هَذيانٌ، ألومها ولا ألومهَا في الوقت ذاته!

أخذت لحظاتِ صمتٍ بعد أنْ أبَيْتُ الرّدَ عليهَا، فَنطقت بقرارٍ جِدِّي
'حسنًا، بمَا أنّ هذه الأكواب ستؤرّقُك وستسلبُ مِنك الرّاحة، سأتخلّصُ مِنها'

ثمّ شعرت بحركتهَا الّتي دَلّتني علَى نهوضِهَا من جوارِي، اختلط عليّ الشُّعورُ، فعجزتُ لحظتهَا عن تحديدِ موقفِي اتّجاه ما ستقدمُ عليهِ.

إن تخلَّصَتْ مِنها لربّما هو الحلُّ لكلّ هذا البلَاء.

أخذتُ أحشرُ الفِكرَة في دِماغِي كَي أُريح نفسِي من أيّ عقباتٍ قد تُزحزحُنِي من السّرير، ومن دونِ جدوَى تسللت توسُّلاته إليّ وهشّمت القَرار السّهل، قرارَ التّخلي، ورغم كَونها توسّلاتٍ مخيفة، إلاّ أنّها تشدُّني من أوتارِ قلبِي وَبقَسوة!

نهضتُ عَن فراشِي فما عاد سيغمض لِي جفنٌ بعدَ الّذي حصل، ارتديتُ خُفِّي المَنزِلِي وهممتُ باِستعادتِي سبب المَخاوف، وعجَبًا مَن الأحمق الّذي سينقذُ أحدَ مخاوفهُ؟ والمُضحكُ أنّني ما أزالُ مُرتجفًا بشكلٍ يُثيرُ الشِّفقة!

نزلتُ السّلالم سريعًا وكان وقعُ خطواتِي يصدحُ بذَلك، كانت وجهتِي واضحةً، ألاَ وهِيَ البابُ الّذي يفصلُ الدّاخل عن البَاحةِ.

وصلتُ فِي الوَقت المُناسبِ فقد كانت خطواتٌ قليلةٌ تفصلُ أمّي عن سلّة المُهملات الخَارجية والّتي عادة ما تَرمِي فيهَا الأجهزة المعطّلة والأدواتِ المنكوبةِ، ناديتُ من ورائهَا لتنتبهَ علَيّ
'أمّي توقفِي لا ترمهَا'

فتَى الأكوابِ الزُّجَاجيّةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن