إنه يوم الأحد, نحن في انتظار الضيوف, أمي تراها هنا وهناك, في قمة نشاطها, وهي تعد المائدة, أنواع وأشكال من المأكولات والحلويات التي لم أرها منذ زمن ليس بقريب, لا نراها إلا في المناسبات,وذلك لأن لدى أمي مركزا للعمليات, أو بالأحرى مخبأ الحلويات, كلما كانت تمر أمي بالقرب مني, تبدأ بمواعدتي بأقصى العقوبات, *والله إن تجاوزت حلوة واحدة, فستلقى العذاب الأليم, والويل لك إن أثرت الشغب, سأخنقك*, كنت أرمقها بنظرات البراءة, لا أخفي عليكم أن أمي بروفيسورة في مادة الضرب والجرح المفضي لعاهات مستديمة, والويل كل الويل, إن سقطت بين يديها, فتأكد أنك لن تخرج بعظمة سالمة, وكذا ستزين عينيك باللونين الأزرق والأخضر ...
وصل الضيوف, فألقيت التحية, قبل عمك, قبل خالتك, قبل جدك, قبل عمتك, الله الله, ... التف الضيوف حول المائدة, فسكبت أمي الشاي, وقامت بتمرير صحن الحلويات عليهم, واحدا تلو الآخر, إلا أن الجميع مغرورون ومتباهون, وعندما حان دوري, قامت أمي بدون أن تستحي, بتجاوزي, تركت يداي معلقتان في السماء, لكنني توعدتها قائلا, آخر مرة سأرضخ لطلباتك, ولن أسمح لك بمناداتي مرة أخرى بتفاحتي الصغيرة, أو خنفستي الصغيرة, { طبعا هذا ما قلته في نفسي} وبينما كانوا يتبادلون أطراف الحديث, ساعات وساعات, كان نظري مركزا على الصحن, فكل محاولة كنت أقوم بها لمباغثة أمي, باءت بالفشل بمجرد نظرة واحدة منها, أجمد في مكاني بدون حراك ... بعدما امتلكني اليأس, توجهت إلى الغرفة الأخرى, فرأيت ابن خالتي يلعب هنا وهناك وهو يحمل بغريرة {أكلة مغربية} في اليد اليمنى, وكعكة في اليسرى, وفمه مملوء عن آخره بكعب الغزال {حلوى مغربية}, تبادرت إلى ذهني فكرة جهنمية, فقلت له, حميد الجميل {من أين له الجمال}, المهذب {أوووووو}, أرجوك, إجلب لي كعب غزالة, تجاهلني, واستمر باللعب, وبما أن أباه شرطي, فقد ورث عنه الرشوة, فما كان لي إلا أن أخرج درهمين, {يبدو أن المسألة أخذت ثمنا باهظا, ليست خسارة في حبيبي كعب الغزال}, ذهب الصعلوك مهرولا إلى أمي, وقال بأعلى صوت, ((خالتي, خالتي, أيوب يريد الحلوى)) تبا فضحني الصعلوك , أخذت أمي واحدة , محطمة كليا , وأعطتها له , غير أن خالتي تدخلت معتقدة نفسها بأنها المرأة القطة أو سوبر حادة , وأعطته الصحن كاملا , فكادت أمي أن تصاب بسكتة قلبية , هاهاهاهاهاهاها , حتى أنا لم أنتظر, لم أترك في الصحن إلا ما نسيت, بدأت بالأكل حتى خرج من عيني .... صدقتموني , بل لحظة إعطاء الصعلوك لي الأمانة, وما أن التفت, حتى وجدت أمي واقفة , ترحمت على روحي, وقلت إنا لله وإنا إليه راجعون ... ذهب الضيوف, واستعددت للحفلة الكبرى, البطل هي أمي والضحية هو أنا, والعنوان هو: # تصفية الحسابات#
النهاية
# أحبك أمي
أنت تقرأ
يوم من أيام الطفولة - قصة قصيرة -
Short Storyكثيرة هي الأيام التي تظل عالقة في ذاكرتنا ... من أيام طفولتنا ... وفي هذه القصة سنحكي لكم عن إحدى هذه الأيام ... يوم يبقى راسخا في ذهن كل شخص فينا مهما بلغ به السنون ... سنحاول رصد هذا اليوم وسرده عليكم في قالب كوميدي في هذه القصة القصيرة الأكثر من...