مـاذا لـوّ؟.

29 3 0
                                    

ماذا لو كانت الأحذية هي التي تَحتاج دِفء الأقدام؟ والطريقُ هو الذي يَرجو لخُطوات ، والعِنوان هُو الذي يَبحث عن رِسالة، ماذا لو كان الإنتظار حَبيب الوقت؟ والفُرشاة رغبة الورقة بأن يتم لَمسها، والظِل المُمتد على طول الشارِع هو فِكرة في رأس عَمود الإنارة، توّد بِشدة لو يَتعرقل شخصٌ ما على الطريق فيرفع رأسهُ ضاحكًا..

هذهِ الحياةُ ليست نُكته ، لكنها مُثيرة للضحك والإستياء في آنٍ واحِد ، أمنح للمَرة الأولى "البَحث" حُرية أن يَجدُني وذاك الموتُ المُختبئ في روحيّ أن يَمنحُني قُبلة الحياة، وأحقق لعودِ الكِبريت رَغبتهُ في الإحتراق ، وأغرس على الشاطئ قشة حتى البحر يتعب أحيانًا من غَرقِه. ماذا لو كانت نظراتِنا حبلاً يقفز عليه أطفالنا ، وكانت أغنياتهِم حاجة الهَواء أن يُصبح أكثر نقاءً ، وكُل هذا الذي مشيناه هو حاجة أقدامِنا لأن تًصفع كي تستيقظ من حُلمٍ ظنّت فيه طويلًا أنها تطير .

أحدُهم لَم يُحاول أن يُصبح مُميزًا ، لم يبذُل أي جُهد لذلك ، بدا عادياً للغاية حِين أتى، لم يُلاحظ أحد قُدومه ، لَم يكُن يَحمل النجُوم في يديِه ، لم يُعانق ، لم يُصافح، لم يَبتسم، لم تَكُن نَظراته ٱسِرة ، لم تَكُن عَينيهِ تُناديّ، لم تَكُن مَلامحهُ تُلمح لشيءٍ ، كان عادياً للغاية، لم التفت إليهِ ، لم أُحاول الإصطدامَ بهِ ، لم أسالهُ عن لونِه المُفضل، ويومِ ميلادُه ، وإسم مَدينتهِ ، ولم نَتبادل الحديث أو حتى النظراتِ . لم يُقدم أحدنا نفسُه للآخر ، كُنا مُجرد غُرباءٍ ، لا أعلم أي مِنا لمّع في عَينيّ الآخر أولاً ، لكنهُ كان توهجاً شديدًا، لا أذكُر من الذي كَسر حاجِز الصمت، وأي يدٍ هي التي إنتشلَت أرواحِنا من غُربتها، كُنتَ شخصًا عاديًا جدًا، و مع تلك الليالي المُعتمة لقلبي أصبحتَ الكتِف الذي أستند عليهِ دُون خَوف و الملجَأ لأحزانِي دُون أن أشعُر بثُقلِي على قَلبِك...

أمضيتُ اليوم كُله في التَفكيِر بِك، مُنذ أن إستَيقظتُ وأنا تحتِ وَطأة الشُوق، أتذكرُك تَارة وأحِن إليك تَارة أُخرى. أُفكِر في الكِتابة إليك، ثُم أقول في نَفسي ما الجدوى مِن الكِتابة؟ هل من المُمكن أن أُعانِقك في مُنتصِف نَص أدبي؟ هل مِن المُمكن أي يَجمعُنا بيتُ شِعر؟ أريد أن نَلتقِي في مَكان غير النُصوص والكُتب. نَتبادل ثَقافةِ العِنَاق، نَتبادِل كتفًا أدفأ مِن أكتافِ الرسَائِل، نَتحدث لُغة الأعيُن لأن لُغتيّ أصبحَت قَليلة وفي عَينيّ كلامًا لم أُقله. وفي أطرافِ البَنانِ كَلماتٍ خَجُولة. وليّ في يَديك أدبٌ فَريد مِن نوعِه ، يَتجسد على هيئةِ لَمسة حَانية ، تُعيد للقلبِ إتزانُه ، وللأيامِ رَتابتِها.

أُفكِر في إبتسامتِك وأنا أمشي عائِدة للمنزِل ، وفي اليوم التالِي تسألُني الأشجارُ في الطريقِ عن سَبب عِناقيّ لها ، تَزورنِي عَينيك وأنا أعمل ، لقد طُردتُ اليوم مِن الوظيِفة للمرةِ الخَامِسة، يقولُون أنني أنسى أن أخُذ المال مِن الزَبائِن ، لا يَعلمُون أنني إكرامًا لعينَاك أعد الجَميِع في حُضورِها ضُيوفًا. أُفكِر بِك وأنا بِرفقَة أصدِقائي، يَطرُق طَيفُك باب قَلبي ، فأرتبِك وأترتَب سَريعًا، يُلاحظُون الأمر ، يسألُني أحدُهم : ما بكِ؟ فأُجيب لاشيء ، فقط عادتَ الرُوح إلى مجْراها .

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jan 02, 2022 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

Eclipse . Where stories live. Discover now