١

25 2 0
                                    

في يوم شديد الحرارة شهر اب اللهاب كما هو معروف في العراق هذا الحر اللاهف يملئ هواء العراق كلما تأتي الرياح تشعر و كأنها رياح قادمة من بركان و كأن ما تحت الارض المبلطة الذي يمشي عليها الناس مصنوعة من اللهب من شدة حرارة في صحراء العراق الملتهب اللافح كان يتجمع خمسة رجال الاول و من جلسته و لغة جسده هو القائد رغم انه مازال شابا لكن ذكاءه و خبرته يعادل حاكم عمره تسعين سنة   من العمر رزين ابيض البشرة حواجب كثيفة و اسفل عينيه جرح كبير عينين شديدة الصفار كلون الشمس   و شعر يميل الى اللون الماروني انف طويل و وجه طويل جميل و جالس معه رجل شديد النحافة يمسك عصا غليظة و طويلة لدرجة انها تصل الى طوله شعره شديد البياض  طويل يشبه الحرير و لحيته شعثاء و نظرات باردة  فيها نوع من الغرور و الوقار عمره يصل الى  السابعة و السبعين التجاعيد تملأ وجهه و اسنانه متفرقة و يلبس ملابس درويش و اما الثالث فهو رجل ذو شارب شديد الخشونة عملاق الهيئة مفتول العضلات اصلع  مع انف غليظ و شفة منفوخة و الاخران هم رجل و ابنه الرجل يبلغ الستين و ابنه يبلغ  بين السابعة او الثامنة  عشر متشابهان   في كل شيء لون الشعر الاسود الفحمي الملامح الذكاء الصفات النرجسية و حتى النظرات و الابتسامة و الحركات

الرجل الاول اسمه نجم الدين كان يتكلم مع الباقين   قائلاً
علينا اولاً ان نجمع المال لشراء بعض الاسلحة فلا نستطيع البقاء احياء بدونها بندقية واحدة لا تكفي حتى قاطعهم بدوي مخمور يضحك و ينزل من جمله يقول و هو يضحك اتريدون المال لشراء اسلحة انتم مثلي الفقر و العوز يلحقكم عليكم اذاً ان تحصلوا عن الذهب ذهب العراق الملعون لم يهتم نجم الدين و لا الرجال كلام هذا السكير لكنه اخرج من جمله خريطة شبه ممزقة قال انظروا هذا جزء من مكان الكنز الذي ابحث عنه فلم يسمعو الى كلامه فقال ضاحكاً اعرف انكم تظنوني كذاب لكني انصحكم للمجيء معي فانا احتاج الى فريق فقال له نجم الدين اذهب فنحن لا نريدك و لن ننضم اليك فقال توقعت ذلك لكن اقدم لكم اعتذاري ساقتلكم  مثل الذين قبلكم فانا اخاف ان يأتي يوم تصدقوا ما قلت و تبحثوا عني فضحكوا الرجال ثم لاحظ الرجل السبعيني اختفاء البندقية فحذر نجم الدين فقال ارجو الا تفعل شيئاً تندم عليه فضحك و قال انا سكير و ليس لدي ما اخسره و حمل البندقية التي سرقة منهم دون ان يدرون بكل خفة  و هددهم بأن يطلق عليهم منها ثم اخرج طبنجة( المسدس) و لكن كان الرجال الاربعة لم يخافوا او يفعلوا شيء فكان ينظروا اليه بكل سكينة و صمت و البدوي يصرخ عليهم و كأنه تحول من سكير محبوب الى خنزير وحشي مجنون يصيح بكل همجية مهدداً و اللعاب ينزل من شفتيه حتى جاء من خلفه شخص طعنه بخنجر في مؤخرة رأسه تجمد في مكانه و الدم ملئ ظهره و مؤخرته و وقع ارضاً فقد كان الرجال اربعة فالخامس هو الشاب ذو التاسعة عشر كان تاركهم  ليتبول  و جاء لحسن حظهم عندما هددهم ثم جاء الرجل العجوز و اخرج الخريطة القديمة و قال هذه نصف خريطة فقال نجم الدين تظنون ان ما قاله هذا البدوي حقيقي فنحن كنا في السجن لسنوات طويلة فقال العجوز فلنبقي الخريطة احتياط و لنأخذ جمل المقتول فهو مليء بسرقات سرقها و نحن نحتاجها هي و الجمل فالرحلة طويلة و لا ندري ما يخبئه لنا القدر فساروا سوياً حتى وصلو الى الفلوجة مزارعين بسطاء و بيوت متآكلة عشوائية و في اطرافها بضائع للبيع من الخضروات و قطيع الخرفان و الابقار و الدجاج فظلوا بها و قال نجم الدين للعجوز السبعيني يا شيخ احمد لا تدع اي احداً يرى الخريطة حتى لو كانت مزيفة و غير حقيقية لكن قد يصدق الناس الساذجون المكتوب عليها بانها خريطة الذهب و قال المفتول العضلات يا نجم الدين علينا الذهاب الى بغداد فسمعت بعض من اهالي الفلوجة يشكون من الوالي الجديد فقال نجم الدين اخاف يا قاسم ان يكشفوننا لكن علينا ان نلبس ملابس الحمالين و نمثل ان عبد الله و ابنه سنان هم تاجران بسيطان جئنا من الحجاز مررنا بالفلوجة و من ثم بغداد لزيارتكم لبعض الاقارب و العمل فوافقوا و نجحت الخطة دخلوا الى بغداد و الدموع ملئت اغرقت اعينهم نظرات فضولية و العجوز احمد بقي يمسك التراب و يقول ما اصدق انني دخلت بغداد اخيراً بقي يتمشون في كل مكان بشكل منظم و كأنهم نمل  لحسن الحظ او لسوئه فقد كانت بغداد كما كانت قبل لم يتغير منها سوا مقر الحكومة و الادارة و قليل من الطرق فقال قاسم و هو يؤشر انظروا مازال مكان بائعة الاحجار الكريمة و عبد الله و ابنه سنان ينظرون الى الجوامع و الكنائس القديمة التي يعود عمر بعضها الى قرون و كأن جدرانها تحكي لنا قصص و حكم الحياة الابدية و عينيهم فيها نوع من الامل و الحب و نجم الدين شعر بالتوق القديم نفسه الى الانتماء الاصيل و السكينة الامنة انها بغداد انها بغداد.....

ذهب العراق الملعون Where stories live. Discover now