الفصل الاول

1.3K 52 13
                                    


كانت تجلس في غرفتها علي احد المقاعد العالية بعض الشئ امام الشرفة ، و امامها متخصصة التجميل تضع لها اللمسات الأخيرة و كأنها لوحة فنيه ستستكمل بعد حين .
بينما هي تنظر امامها بشرود و عقلها لا يستوعب ما حدث او ما سيحدث بعد ساعة ، دقات قلبها تتصارع بين جنبات صدرها بعنف ، لم تكن تتخيل ان في تلك المدة القصيرة سيفعل كل ذلك بها ، ففي اقل من شهرين كان قد اتي الي هنا حيث قصر العائلة يتحدي عمتها و هذا البغيض ابن عمها مصرحا برغبته في الزواج منها أمام الجميع .
لترتسم ابتسامة صغيرة علي وجهها الشارد و هي تتذكر موقف اخيها من هذه الزيجة .
فلاش باااااااك .
كان يجلس الجميع في بهو القصر و كأنهم علي وشك بدء حرب و ليس طلب للزواج ، فقد كان يجلس سليم و ابنائه يزيد و حسام و في مواجهته أدم و راشد و بينهم تجلس راوية و لجوارها سالم بينهم علي آريكتها العريضة ، تستند بيديها فوق عصاها القوي ، بينما علي الجانب الآخر تجلس مجيدة و سلمي و لجوارهم سعاد يراقبون ما يحدث بصمت و داخلهم يرتجف خوفا من مظهر الرجال المتأهبين بينما هي كانت تقف تراقب كل ما يحدث و بجوارها مديحة التي اخذت تربت علي كتفها كلما زادت حدة الجلسه و لجوارهم امينه التي كانت تراقب الجميع بغل غير مفهموم .
تنحنح سليم ثم هتف بصوته الرخيم : طبعا يا سالم انت عارف احنا هنا ليه .
نظر له سالم يومئ برأسه موافقا علي حديث سليم : طبعا يا سليم عمر قالي .
ليبتسم سليم بمودة : و انا هنا علشان الكلام يكون رسمي ، انا طبعا يشرفني اني اطلب ايد بنتك سما لحسام ابني ، طبعا انت عارف حسام و السنة دي الاخيرة ليه في الجامعة و لو حصل موافقة ان شاء الله نعمل الفرح بعد امتحاناته.
ابتسمت راوية بسخريه مردفه : عيل يعني .
اتجهت انظار الجميع لها ما بين غاضب و مُحتقر و سعيد .
كانت مجيدة تراقب الجلسه من بعيد و كادت ان تتدخل و تعطي لتلك الجالسه بين الراجل و كأنها مثلهم درسا لن تنساه و لكن منعتها يد سلمي التي كانت علي علم بتفكير والدتها و حبها الشديد لهم .
نظر لها سليم و مازالت ابتسامته علي وجهه : انا معنديش عيال يا راوية انا عندي رجالة
ثم نقل نظره بينها و بين أدم مكملا : و اظن انتِ عارفة ده كويس .
نظر حسام لسالم يحاول تجاهل تلك الراوية و بداخله يحاول كبح جماح غضبه : انا يا عمي زي ما بابا قال ان دي اخر سنة ليه و انا الحمد لله من اوائل دفعتي ، يعني مسألة شهور و اتعين معيد ، ده غير شغلي في الشركة كعضو مجلس إدارة .
ابتسم له سالم بهدوء و جلس ينقل نظراته بين حسام و ذلك الجالس في مواجهته ينظر لحسام بغل واضح للجميع ، نقل نظره لابنه فوجده هو الآخر ينظر بإتجاهه ينتظر قراره علي احر من الجمر ، و بين نظراته قرأ هذا الرجاء ، رجاء بالا يخرب حياة الصغيرة .
شاهد نظرات ابنه التي تنتقل بينه و بين ماهر و كأنه يخبره بألا يسير في نفس المسار الذي سلكه مع والدته لتكن هي الضحية ، و نهايته الي الأن ذراعه المجبر و ضمادة رأسه البيضاء و تسطح اخيه في الفراش .
و له ما اراد .
نظر سالم للجميع ثم هتف بموافقة مبدئية : انا يشرفني طبعا ان بنتي ترتبط بيك ، و انا عن نفسي موافق لكن اكيد رأي اخوها الكبير مهم .
هنا استطاع أدم ان يزفر انفاسه الذي حبسها داخل صدره بإرتياح ، فقد نجا بالصغيرة من بين براثن الذئاب .
نظر أدم لحسام بمرح ثم هتف بجدية : طبعا حسام اخويا و شهادتي في مجروحة ، و الرأي الأول و الاخير لسما ، انا هبلغها و ابلغكم بالرد ، ثم هتف بمرح لم يستطع كتمانه : و اهو نسأل علي حسام برضه في محل سكنه و شغله.
ضحك الجميع علي دعابة أدم بينما راويه و ذلك القابع في مواجهة حسام ظلوا يتأكلهم الغل .
هتف سليم مرة أخري لسالم : انت طبعا عارف يا سالم اني عندي فيلا كبيرة في القاهرة و طبعا حسام و سما هيعيشوا معايا زي يزيد و ريم ، علشان مقعدش لوحدي انا و مجيدة ، مع ان بيني و بينك نفسي جدا
ضحك الجميع علي دعابة سليم و لكن هي لن تترك تلك الجلسه تمر مرور الكرام .
هتفت بعداء ملحوظ : علشان الست مراتك تعمل حما عليها و تخلي بنتنا تخدمها
تلاشت ابتسامة الجميع ليعود التوتر يسود الاجواء مرة اخري بعدها اختفي و لو لدقائق .
نظر لها سليم بجدية و هو يعلم تمام العلم انها لا تتمني سوي فساد تلك الزيجة فهتف بقوة و نظراته ترسل لها رسالة معينه لن يفهما سواها و اخيها : اطمني ، انا عارف انك قلقانه علي سما بس مجيدة مفيش احن منها و مش محتاجة حد يخدمها .
ثم أكمل ضاغطا علي تلك الجمله بطريقة موحية : و مهما يحصل في البيوت مش هتوصل للموت يا راوية ، صح كلامي ؟
نظرت له بنظرات يقطر منها الغل ، و هو يواجهها بكلماتها له منذ عشرون عام " مهما يحصل في البيوت مش هتوصل للموت يا سليم ، اكيد مش احنا اللي قتلناها "
رأي سليم غل راوية بوضوح ليقرر ان ينهي تلك الجلسة التي يعلم انها اذا استطالت ستكن النتائج غير محمودة ، لينهض يغلق زرار حلته الرماديه هاتفا : احنا لازم نستأذن دلوقتي و منتظرين ردكم النهائي علينا
لينهض الجميع عدا راوية التي ظلت تضغط علي رأس العصا بغضب حتي ابيضت اناملها .
انسحب سليم و عائلته و خلفهم أدم و سلمي لتوديعهم ليتركوا تلك التي وقفت تخرج نار حقدها في وجه اخيها متوعدة بالخراب للجميع اذا تمت تلك الزيجة .

ثأر أمي ( الجزء الثاني )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن