" لحظة واحدة فارقة ، تستطيع أن تقلب حياتك رأسًا على عقب "
°°°°
كانت تنظر للفراغ بملامح جامدة ، تجلس بهدوء يناقض الرياح الهوجاء بداخلها ، لا تعبأ بمن حولها ،تنظر بلامبالاة إلى الطرقات وهي تُراقب خطوات العاملين بالمستشفى خطوة تلو الأخرى تارة ثُم تشيح ببصرها إلى نفس نقطة الفراغ تارة أُخرى ، لم يعلق ببالها سوى أمر واحد ، كيف تم اخبارها بأن عائلتها بأكملها تعرضت لحادث مُفجع وأنها على وشك فقدان أحدهما ،شعرت بغصة فى قلبها لمجرد التخيل فـ عقلها لا يستوعب فكرة أن من بداخل هذه الغرفة - العمليات - هُم حشيتها ، ملاذها الآمِن ومسكنها .
هي مغيبة لدرجة أنها لم تشعر بيد صديقتها التى وُضعت على كتفها بطريقة مواسية ولا حتى إلى حُبها الوحيد الذي يقف هناك فى إحدى زوايا الطرقة مرتكزًا ببصره عليها كأنه ينتظر منها أي ردة فعل صغيرة ، لكنها كانت هادئة ، كـ هدوء ما قبل العاصفـة .
خرج الطبيب وهو ينتزع قناعه الطبي بتعب جالٍ بعد عملية دامت لـ خمس ساعات متواصلة .. ما إن خرج حتى إلتفَّ ثلاثتهم حوله وعلى وجوههم إمارات الاستفهام .
تقدمت منه "يُسر" بخطوات ثقيلة تحاول استجماع شتات نفسها ولازالت لا تستوعب الوضع الذي وُضعت فيه ، سألته بتحفظ شديد وكأنها تخشى الإجابة :
- طمنى يا دكتور .
بدأت تظهر إمارات الأسى بوجهه وهو يقول :
- للأسف فقدنا المريض وزوجته أما البنت فحالتها حرجة جدًا هنضطر نحطها فى العناية المشددة تحت الملاحظة
البقاء لله .
ذهب الطبيب بينما تركها جريحة ، لم تُرضها إجابته حولت نظراتها لصديقتها - التى شهقت فور سماع الخبر - وكأنها تستنجدها أن تُكذب هذا الخبر ، هل ما سمعته للتو صحيح ؟
خطى " يامن " إليها خطوات راكضة بعدما رآها تترنح يمينًا ويسارًا على وشك السقوط ، شعرت بالدوار وفى ثواني سقطت بين يديه فاقدة للوعي .°°°°
دلف "مازن" فجأة إلى مكتب أبيه "قاسم شكري" فصاح به الآخر
- ميت مرة قولتلك لما تفتح الباب تفتحه بهدوء
لم يهتم "مازن" كثيرًا ثم قال بوجوم :
- أخوك ومراته ماتوا .
ثم تابع بنبرة هادئة مصطنعة :
- ويارا لحقتهم بعد خمس دقايق من نقلها للعناية .
صُعق "قاسم" مما سمعه للتو مما جعله يقف بطريقة مفاجئة مُتسائلًا :
- انت بتقول إيه !! مـ ماتوا إزاي وامتى ؟
قال "مازن" بهدوء يعاكس الوضع الذي حلَّ بهم
- ماجد كان فـ بورسعيد هو ومراته ويارا كانوا بيزوروا سميرة أخت مراته وهما جايين عمل حادثة ودخلوا العمليات بس للأسف ماتوا .
انقبض قلبه ودمعت عيناه على أخيه ولا يزال مدهوشًا مما حدث ، فـ بالرغم من الخلافات بينهما وخصامهما ألا أنه يحبه كثيرًا فهو أخيه الأصغر ، ضغط على عيناه مانعًا دموعه من السقوط وسمح للتنهيدة العالقة بداخله بالخروج ثم قال بحزن :
- مات زعلان مني ، ملحقتش أراضيه
- وانت ذنبك إيه يا بابا مانت حاولت معاه كتير هو اللي راكب دماغه وعامل فيها زعلان
قالها "مازن" بلوم ثم أكمل حديثه بغيظ :
- خمس سنين يابابا بنحاول معاه بكُل الطرق، كل دا عشان اتجوزت بنت عدوُه .
لم يهتم "قاسم" لما يقول وحتى أنه لم يسمع ، كل ما جال بخاطره أن يذهب ليرى ما حدث لأخيه وعائلته.. هبَّ واقفًا ثم قال وهو متجه ناحية الباب :
- امشي هنروح حالًا ، لازم نبقى هناك لازم أبقى جنب أخويا ... حتى لو للمرة الأخيرة .
YOU ARE READING
رواية ° الوجه الآخر للدنيـا ° للكاتبة وفاء السيد
Actionمرت على هذه الحياة كـ عبء ثقيل ، لم يتسع العالم لها فقررت مُحاسبتها على اللاشـيء وكأنها تُحاسبها فقط على وجودها ! رأت الوجـه الآخر للدُنيـا فى سنٍ صغيرة ، شحنتها من كل ألم كرة ، حتى نبتت بأحشائها شجرة أصلها ثابت وهو الألـم والحرمـان ،،، وفرعُها ال...