°° الفصل الثـالث °°

14 1 0
                                    

#الوجه_الآخر_للدنيا

" البشر مُرعب والمكان هنا بارد ، ليتك هنا با أبي ، ليتك ترى "
.....
حلَّ الظلام الدامس أرجاء المكان وتناغم الهدوء مع تلك الأضواء الخافتة فى الغرفة ، نظر لتلك الساعة الذهبية فى معصمه ، لقد دقت الرابعة فجرًا و لم ينم منذ معرفته بـ موت أخيه ، لم يرمش له جفن ، كان يحاول أن يظل بجانب ابنه أخيه طوال الوقت وخاصةً أن حالتها النفسية تسوء شيئًا فشيئًا ، ألقى عليها نظرة مطولة فوجدها منغمسة فى نومها  .
كيف ستتحمل كل هذا ؟
كيف ستتحمل الوحدة  !؟ ، ظلم العالم ، و النفوس المريضة التى تتطلع لمن يُحنى عظامهُ فـ تفتك به فى الحال .
ألقى عهدًا على نفسه ، لن يمسها السوء ما دام موجودًا .
قطع حبل أفكاره ولوج " مازن " إلى الغرفة .

حرص على التحدث بخفوت حتى لا يُوقظها متسائلًا  :
- عملت إيه يا مازن ؟ 
اصفرار وجه " مازن " والتوتر الجال على ملامحه زعزع داخل أبيه .
سلَّط موضع بصره على أرضية الغرفة وأحنى رأسه قليلًا .
ضيق "قاسم"  عينيه ثم تابع :
- فيه إيه يابني إنطق !
تردد قليلًا قبل أن يردف :
- مات يا بابا ملحقتوش
هب " قاسم " واقفًا وقد لثَّمت الصدمة فاهُ.
اتسعت حدقتيه وكادت أن تنقلعا من مكانهما من هول الصدمة ، وبلهجة غير مصدقة أردف :
- مات ! مات إزاي ؟ ولا إنت عملتله حاجة !
هز "مازن" رأسه بعنف رافضًا تلك الأفكار  ثم تحدث بعصبية:
- معملتلوش حاجة يابابا ، أنا مقدرش أقتل .
نظر " قاسم" ليُسر التى تململت فى سريرها فأمسك بذراع "مازن" وجرَّه للخارج حتى لا تستيقظ ثم أغلق الباب خلفه :
- أومال مات إزاي ؟ إنطق .
تخيل " مازن " هيئته أثناء احتضاره ، هو لم يقتل قَط ، رغم طرقه غير الشرعية أحيانًا ولكنه رغم ذلك لم يظلم أحدًا فقد أخذ كل ذى حقٍ حقه .
رتب الكلمات داخله قبل أن بتفوه بها و :
- هما الرجالة ضربوه ، وهو يستحق دا ، بس معرفش إن عنده القلب تقريبًا أثر الخضة على كل دا تعبه ومات ، والله كنت هوديه المستشفى ، إنت عارفني يابابا ، إلا القتل .
إلتمس " قاسم " الصدق فى نبرته فهو يعلم ابنه جيدًا رغم كل العداءات التى واجهوها فلم يردوا أبدًا بالقتل .
مسح وجهه بنفاذ صبر ثم تسائل :
- عمل كدا ليه ! مقالش ؟
ضيق " مازن " عينيه قائلًا :
- مش عارف ، هو قعد يقول ورق عند ماجد  ، بس برضو مفهمتش ايه علاقة الورق  دا بـ يسر
- طب ومعرفتش مين باعته ؟
تنهد " مازن " ثم حرك رأسه يمينًا ويسارًا لعدم معرفته .
زفر " قاسم " نفس عميق فلم يعلم بأي لعبة قذرة دخل أخوه وأدخل عائلته معه ، لم يجد ما يفعله سوى أن يبحث خلف ذلك الرجل علَّه يجد شيء ما يُفيده .
أشار لـ مازن آمرًا :
- كل حاجة عن الراجل دا تبقى عندي ، ساكن فين متجوز ولا لا ، شغلانته وكل علاقاته حتى عايز أعرف بيتنفس كام مرة .
وصل صوت تنهيدة " مازن " العالية أُذن أبيه ، حتى أنها اخترقتها ، قال بضجر :
- بابا ! أنا مش فايق للحاجات دي بجد ، ممكن نأجلها شوية ! أنا تعبان بجد .
" قاسم " قائلًا بغلظة :
-  أنا عارف إنك تعبان وكلنا تعبانين ، بس دي لحمنا ودمنا يا مازن مهما كان ، لازم نقف جنبها ولا إيه .
رد " مازن " على الفور مصححًا كلمات أبيه :
- أنا مش قصدي كدا ، أنا تعبان ومش فايق دلوقتي ، ياريت نأجل الحوارات دي شوية .

رواية ° الوجه الآخر للدنيـا ° للكاتبة وفاء السيدWhere stories live. Discover now