الفصل الأول❤️❤️❤️
كانت قطرات العرق تتساقط منها بغزارة وضربات قلبها تتسارع فتشق السكون في ضجيج.
قشعريرة حادة انتابت جسدها البارد حين نهضت عن الأريكة، لتعدو من ذلك الممر متتبعة ذلك الكيان الذى كان يخطو أمامها بتثاقل، ومن خلفه يسحب ثوبه الأسود الطويل، وشعره الأشعث الذى يلامس الأرض متدليًا.
لم تكن تلك المرة الأولى التي تراه فيها يتجول أمامها بين الحجرات أو يسبقها في أحد الممرات، أو حين تفيق تجده بجوارها على الوسادة يحدق بها حتى يكاد قلبها أن ينفجر رعبًا.
علت ضربات قلبها أكثر حين اقتربت منه، فخفت الضوء بالممر وأرتعش ودلف ذلك الكيان إلى غرفة نومها واختفى.
تصلبت قدماها أمام باب الغرفة للحظات حاولت بعدها أن تتمالك نفسها، تنفست بعمق، ثم دفعت الباب وهى عازمة على المواجهة تلك المرة، ومدت يدها المرتعشة لتضغط على مكبس الضوء، فانفجر المصباح محدثًا دوي عنيف حين أطلقت صرخة كادت تشق حلقها وسقطت أرضًا بعينين شاخصتين، بعدما رأت ذلك الكيان يركض نحوها من وسط الظلام صارخًا بشعره الأشعث الغزير وعيناه التي تُضئ حُمرة كجوف النيران.
***********************
*منذ شهر مضى....
الشغف بقلبها كان يتزايد فتتسارع معه ضربات قلبها وأنفاسها كلما نظرت من نافذة الطائرة، لتلوح لها بالأفاق أرض الوطن الذى افتقدته كثيرًا منذ رحيلها عنه صغيرة مع أهلها إلى إحدى الدول الأوروبية.
لحظات مرت وجاء بعدها صوت قائد الطائرة آمرًا بضرورة الالتزام بالمقاعد وربط أحزمة الأمان استعدادًا للهبوط.
هبطت الطائرة ووطئت قدم فيروز لأول مرة منذ زمن طويل أرض الوطن.
وقفت تتلفت حولها بشوق وكأن عيناها تعانق كل شيء تراه، وهى تتنفس بعمق لتملئ رئتيها بذلك الهواء الذى افتقدته سنينًا.
أنهت فيروز إجراءات الوصول وحملت حقائبها وخرجت من بوابة المطار وابتسامتها تتسع ملئ وجهها، وخاصة حين وجدت صديقات الطفولة بانتظارها، فبالرغم من بُعد المسافات وفراق السنوات إلا أن علاقتهم ظلت مستمرة عبر وسائل التواصل وشبكات الأنترنت واليوم كان لقائهم المملوء بالحنين.
استقلت فيروز معهم العربة التي بدأت في التحرك والضحكات تتطاير منها على طول الطريق، وبعد مرور ساعة من الوقت توقفت أمام بناية كبيرة قديمة ذات طراز فخم بوسط البلد حيث تقع شقة أسرة فيروز.
نادت فيروز على حارس العقار الذى ركض لها مُلبيًا، وحمل الحقائب كما أمرت وصعد ليضعها لها بالشقة.
ودعت فيروز صديقاتها وصعدت شقتها، بعدما اتفقا أن يتقابلن ليلًا بعدما تنال قسطًا من الراحة بعد يوم طويل مجهد.
دخلت فيروز شقتها وظلت تجوب غرفها غرفة غرفة، والحنين بقلبها والذكريات تتقافز من كل ركن حولها.
انتشلها من شرودها صوت زوجة حارس العقار التي اقتربت منها لترحب بها وتخبرها إنها قد أنهت تنظيف المنزل وأعدت لها شيء لتأكله.
ابتسمت لها فيروز برقة وشكرتها كثيرًا وأخبرتها أنها تحتاج للراحة أكثر، وبالفعل حين غادر الحارس وزوجته دلفت فيروز إلى غرفتها، وبعدما بدلت ملابسها ولامس جسدها الفراش استغرقت في سُبات عميق.
*************
طرقات متعددة ومتتالية على باب الشقة جعلتها تنهض من سُباتها عنوة وتخطو بتثاقل للخارج وهى تفرك رأسها بخمول.
فتحت فيروز باب الشقة، فابتسمت حين وجدت الطارق لم يكن سوى اصدقائها المقربين الذين جاءوا مهللين.
دلفت ليلى وداليا وريم إلى الداخل وتتبعهن صديقهن فهد حاملًا الكثير من الطعام والحلوى، وحين وضع الأكياس على الطاولة انضم لهن وجلس على المقعد موجه حديثه لفيروز قائلًا بمرح: لقد أخبرتهن أن نتركك لتستريحي الليلة، ولكنهن قد رأوا أن ما نِلته من راحة يكفي كثيرًا.
ضحكت له ليلى وقالت بحماس: ليس هناك وقت للراحة فلدينا الكثير من المرح.
تثاءبت فيروز وهى تحاول أن تستفيق بشكل كامل، ثم ابتسمت لهم برقة وقالت: لا تقلقوا لقد نمت كثيرًا وكنت سأستيقظ على كل حال.
ثم نهضت عن مقعدها واقتربت على الطاولة تحمل الأكياس وهى تقول لهم: سوف أعد الطعام لنا سريعًا، وأنت يا فهد حاول أن تُعيد تشغيل التلفاز فأنه مغلق منذ زمن طويل، ولا أظنه سوف يعمل بسهولة.
نهضت الفتيات ودلفن مع فيروز إلى المطبخ لمساعدتها في تحضير الطعام، بينما بدأ فهد في محاولة تشغيل التلفاز لكنه استسلم بعد محاولات عديدة بائت بالفشل.
خرجت الفتيات من المطبخ تحمل أطباق الطعام وهم يتضاحكن، فقال فهد لفيروز بامتعاض وهو يشير للتلفاز: هذا لا يحتاج إلى إصلاح، انصحك أن ترميه في أقرب سلة مهملات او تحوليه لحوض تربين فيه الأسماك.
ضحكت فيروز وبقية الفتيات ثم وضعوا الطعام واجتمعوا جميعًا ليأكلوا.
كان الوقت بينهم مرحًا تملئه الدعابات وبعض الألعاب الشبابية ويتخلله ذكريات الطفولة الفائتة، وحين انتصف الليل نهض فهد قائلًا للفتيات: لقد تأخر الوقت هيا لنرحل، فبالكاد استطيع توصيل كل فتاة منكن إلى بيتها قبل أن اعود بيتي.
نهضت الفتيات وقبلن فيروز ورافقتهم هي حتى باب الشقة، لكن قبل ان يغادروا ألتفت لها ليلى ووقفت للحظات تنظر للفتيات نظرات ذات المغزى، وحين ضحكت الفتيات تسألت فيروز بفضول قائلة: ماذا تخفين؟
ضحكت ليلى ثم قبلتها وقالت لها بمرح: غدا في السابعة صباحًا سوف نأتي لاصطحابكِ معنا في نزهة لعدة أيام، لا تتأخري.
نظرت لهم فيروز في تعجب وقالت: نزهة؟! إلى أين سنذهب ولما لم تخبروني من قبل.
قبلتها ليلى مرة أخرى والتفت لترحل معهم وهى تلوح لها قائلة: لا تنسي إعداد حقيبتكِ، فستكون نزهة مميزة لن تنسيها أبدًا.
حاولت فيروز سؤالها مرة أخرى لكنها رحلت مع أصدقائها، فأغلقت فيروز باب الشقة ودلفت إلى الداخل وهى تفكر في حيرة.
**********************
في تمام السابعة صباحًا كانت فيروز تقف أمام منزلها وهى تحمل حقائبها، ولم تمر دقائق إلا وتوقفت أمامها عربة يقودها صديقهم فهد وبرفقته صديقاتها، فنظرت لها ليلى وقالت ضاحكة: كنت أخشي أن لا أجدك في الانتظار.
استقلت فيروز العربة معهم وهى تسأل ليلى بفضول عن المكان الذى سيذهبون له، فضحكت داليا صديقتهم وقالت: دعكِ من كثرة التساؤل يا فيروز، نحن أيضًا لا نعلم إلى أين سنذهب، فتلك النزهة كلها من تخطيط تلك المختلة.
فقالت ريم هي الأخرى مازحة: وهذا ما يقلقني.
ضحكت فيروز ونظرت إلى فهد وقالت: ولكن مؤكدًا أنت تعلم إلى أين سنذهب، فأنت قائد تلك النزهة.
ضحك فهد والتقط نظارته الشمسية ووضعها على عينه قائلًا: لما أنتن دائمًا هكذا قليلات الصبر، بعد ساعات قليلة سوف تعلمن كل شيء.
شقت العربة الطريق الإقليمي تحت أشعة شمس الصيف الساخنة، وبعد أكثر من ساعة خرجوا من الطريق الإقليمي وبدأوا في شق طريق العلمين والصحراء ذات الرمال الذهبية تحدهم من كل جانب ولا يوجد سوى عدة عربات قليلة أخرى.
شقت ليلى السكون وقالت لهم بنبرة ذات مغزى: هل تعلموا كم الأشخاص التي قُتلت هنا أثناء الحرب العالمية الثانية، وحتى الأن يفقد الكثير حياتهم بفعل الألغام التي زرعها جيشي البريطانيين والألمان، وما زالت حتى الأن متناثرة بين رمال صحراء العلمين.
امتعض وجه فيروز وانقبض قلبها من سماع ذلك، وحين التفت لترد على حديثها دارت العربة حول نفسها بقوة، ثم توقفت بشكل مفاجئ محدثة صوت انفجار شديد، وبرغم كل هذا كان السبب الذى جعل الدماء تتجمد في قلوبهم هو .....
يتبع..
أنت تقرأ
ما لا تراه أعيننا
Horrorمجموعة من الأصدقاء يلعبون لعبة طاقات ويلقون تعويذة بمقدورها ازاله الحجب بينهم وبين العوالم الاخرى مما يجعلهم يحييون مواقف مرعبة ومثيرة