الفصل السابع
كانت "مريم" بغرفتها تحتل ذلك المقعد الهزاز وهي تقرأ أحد كتب علم النفس بتركيز قوي فقد قررت التبحر في هذا العلم الذي لطالما أحبته منذ دراستها الثانوية، الآن بات أنيسها في وحدتها التي حاوطت أيامها رغم وجود والديها إلى جوارها، خاصة والدها الذي يدعمها بقوة ويشدد من أذرها، أما والدتها فدائمًا ما تلقي اللوم والعتاب عليها حتى أنها تتهمها بالتقصير مع زوجها ذلك الملاك كما تراه هي وقد نسيت أننا بشر نُخطئ ونُصيب ونرتكب معاصي وذنوب.
تطوي ورقة تلو الأخرى بنهم قوي أخرجها منه ذلك الرنين الدائم لهاتفها، فـ"يحيي" لم يمل من محاولات التواصل معها إما بالرسائل النصية التي لم تُكلف نفسها عناء قراءتها أو الاتصال الصوتي الذي ترفضه تمامًا كما فعلت هذه المرة،
وهي تردد بحنق ساخط : كفاية بقا.. كفاية يا "يحيي" سيبني لوحدي.
لتجد والدتها تفتح باب الغرفة وتلج إليها بمعالم متجهمة بعض الشيء مرددة : ياريت تقومي تساعديني عشان نجهز الأكل على ما أبوكي يرجع من الشغل.
وضعت "مريم" الهاتف إلى جوار كتابها أعلى المنضدة الصغيرة المجاورة لمقعدها،
ونهضت بمعالم لائمة مرددة بتساؤل : ليه بتعامليني كده يا ماما؟! دا أنا لو مش بنتك هتعامليني أحسن من كده.
اومأت "كريمة" برأسها بقوة وهي تردد بحدة : أه هعملك أحسن من كده، لو مش بنتي يا "مريم" هعملك أحسن من كده.
اتسعت عينا مريم صدمة وهي تقترب منها مرددة باستنكار قوي : ليه؟! أنا عملت لكِ إيه؟
أجابتها "كريمة" بحسرة وأسي : عايزة تخربي بيتك، البيت اللي ما صدقت أشوفك فيه.
تضاعفت صدمة "مريم" وهي تحرك رأسها بذهول : أنا يا ماما؟!
أومأت "كريمة" برأسها مرددة بحدة: أه إنتِ ما هو مش عشان مشكلة تافهة تسيبي بيتك، مش ده الحل لمشاكلنا.
رددت "مريم" بصدمة أقوى : مشكلة تافهة؟! إنتِ تعرفي أصلًا إيه اللي حصل؟
لوحت "كريمة" بيدها في الهواء وهي تهتف : مش عايزة أعرف لأنها أكيد حاجة تافهة، "يحيي" إبن ناس ومحترم ، وبعدين مين قالك إن البيوت خالية كل البيوت فيها مشاكل وخصام، أنا وابوكِ ياما حصل بينا عمرك حسيتي بحاجة؟
حركت "مريم" رأسها بنفي دون أن تنبس ببنت شفة،
لتكمل "كريمة" حديثها بجدية: عشان عمري ما حسستك بكده، ولا أهلي عمرهم حسوا بحاجة زي دي، كنت عروسة جديدة لسه مكملتش شهر ولقيت بنت عمه اللي اتطلقت من جوزها بتلف عليه وعايزة تتجوزه، تخيلي إحساسك لما تكوني لسه متجوزة وتلاقي اللي عايزة تشاركك فيه، واللي كسرني ووجعني يومها، رد فعل أبوكِ.
رمقتها "مريم" بنظرات ذاهلة إلا أنها كانت تحثها على إستكمال حديثها،
لتستطرد "كريمة" بوجع وألم وانكسار: يومها قالي بكل برود دي بنت عمي ولازم أقف جنبها، مينفعش أدخل وأخرج عليها من غير شكل شرعي للعلاقة، عمري ما هستحمل حد يتكلم عليها نص كلمة.
كانت "مريم" تتابع حديث والدتها بصدمة، وذهول تام،
لتجد شهقات والدتها المتقطعة تصاحب كلماتها :شهر كامل ما بنمش فيه غير ساعتين في اليوم، اتبدلت من عروسة فرحانة بجوزها، لست مكسورة بتستعد لدخول ضرة عليها في أي وقت، كرهت أبوكِ وكرهت قربه مني، واليوم اللي كان بيحصل فيه كده كنت بقرف قوي منه ومن نفسي.
اشتعل الغضب بقلب وعقل "مريم" لتهتف باستنكار لائم: وإنتِ إزاي تقبلي بحاجة زي دي؟! ليه كنتي ارجعي بيت أهلك؟
أجابتها أمها بحسرة : أرجع لابويا مطلقة وهو لسه مديون بفلوس جوازي؟ أرجع أقوله شيل همي تاني وسيب اخواتي؟ ولا ارجع اكسره في وسط الناس؟ ما هو لما عروسة تطلق بعد جوازها بشهر أكيد الكل هيقول العيب فيها هي ومحدش يفكر يجيب اللوم على الراجل.
تضاعف غضب "مريم" وهي تهتف بحنق ساخط : يبقى مجتمع متخلف. لما مجتمع يسيب الظالم ويحاكم المظلوم يبقى مجتمع مشوه وغير سوي.
إبتسمت "كريمة" ابتسامة جانبية متهكمة وهي تردد بيأس : هو ده المجتمع اللي احنا عايشين فيه، لا نعرف نغيره، ولا نغير تفكير الناس ومعتقداتها.
أجابتها "مريم" بصدمة: إيه اليأس والاحباط اللي في صوتك ده ياماما؟! طول السنين اللي فاتت دي أول مرة اشوفك بالسلبية والاستسلام ده؟! طول عمرك كنتِ قوية، وجامدة ومفيش حاجة ممكن تهزك، ولا تكسرك .
انفرجت ابتسامة صادقة بثغر "كريمة" وهي تردد بسعادة : بسببك، كنت قوية بسببك يا "مريم".
عقدت "مريم" جبينها بدهشة وهي تردد بتساؤل: بسببي أنا؟!
اقتربت "كريمة" منها محاوطة كتفيها بكفيها وهي تردد بحب وعطف : في عز كسرتي وانهزامي ربنا نصرني بيكي، الحاجة الوحيدة اللي رجعت أبوكِ عن قراره كان حملي بيكِ، لما عرف إنى حامل وإني هسيبه واخدك وابعد بعيد خاف عليكِ، خاف تتربى في حضن راجل غريب، أو على الأقل تتربي بعيد عنه، خاف احرمه منك يا"روما".
![](https://img.wattpad.com/cover/306977817-288-k352400.jpg)
أنت تقرأ
بقدر الحب نقتسم... كاملة . لولو الصياد
Romanceأن سقطت لا تنسى الوقوف مجدداً يا بني مهما فشلت أستمر بالمحاولة العبقري الشجاع هو الذي يجابه تحدياته بأصراره كن صبوراً قوياً بوجه تحدياتك الصعبة دع عزيمتك تكون كالجبال إن كنتَ ضعيفً أمام الصعاب سوف تنهار كثيراً في هذه الحياة لهذا كن قوياً جمال الحياة...