الفصل التاسع.
نهار يوم جديد يطل على حياة "مريم" وعائلتها.
توقفت بسيارتها أمام البناية مترجلة عنها بهرولة تساعد شقيقتها في الترجل هي الأخرى
مرددة بحنو شديد : على مهلك يا حبيبتي.
تشبثت "حبيبة" بيد شقيقتها بضعف وهي تتنفس بهدوء محركة رأسها بوهن،
بينما ترجلت "كريمة" وهي تحمل "يزن" بين ذراعيها هاتفة بلهفة : براحة على أختك يا "مريم".
والتفتت نحو "محمد" الذي غادر الجانب الآخر من السيارة مرددة : ساعد "حبيبة" يا "محمد".
استدار "محمد" حول السيارة محاوطًا خصر إبنته بذراعه برفق وهو يردد : سيبيها إنتِ يا "روما" أنا هطلع بيها.
حركت "مريم" رأسها بنفي مرددة : لأ يا حبيبي أنا أساعدها.
مسدت "حبيبة" خصلاتها بنفاذ صبر وهي تردد : أنا لسه مولدتش على فكرة، يعني أعرف أطلع لوحدي، بعد إذنك يا بابا إنت ومريم كده.
وتملصت من بين يديهما خاطية نحو مدخل البناية،
تحت نظرات "كريمة" اللائمة لكليهما وهي تهتف بهما : برضه سبتوا البنت تطلع لوحدها.
طالعها "محمد" بابتسامة حانية مرددًا : متقلقيش عليها يا "أم مريم" أنا هوصلها.
وخطى مهرولًا خلف إبنته ، بينما التفتت "مريم" نحو والدتها بجدية مرددة : طب يا ماما، أنا هروح أجيب شنطة "حبيبة" من المطار، وكمان هعدي على الشقة أجيب شوية حاجات تخصني.
أومأت "كريمة" برأسها مرددة بجدية: متتاخريش عشان أختك لازم تغير هدومها.
وأكملت بنبرة أكثر ود وعطف : وبعدين يا بنتي اتكلمي مع "يحيي" وحلي اللي بينك وبينه "يحيى" إبن حلال ويستحق كل خير.
زفرت "مريم" زفرة ساخطة وهي تستقل سيارتها مرددة : إن شاء الله يا ماما، أنا همشي أنا.
وانطلقت "مريم" بسيارتها.
بينما تنهدت "كريمة" بأسى مغمغمة بدعاء : ربنا يهدي سرك يا بنت عمري.
واتجهت نحو مدخل البناية بينما كانت "حبيبة" تلج إلى باب الشقة يتبعها "محمد" الذي يستشيط غضبًا داخليًا من "حسام" وبرودة دمه التي جعلته يترك زوجته الحامل وصغيره يسافرا كل هذه المسافة بمفردهم،
ليتنهد بهدوء منافٍ لذلك الآتون الذي يحرق أحشائه،
قبل أن يجلس إلى جوارها مردداً بلين : إزاي "حسام" يسيبك تيجي لوحدك يا بنتي، وبعدين ليه مش اتصلتِ بيا عشان أقابلك في المطار؟
استرخت "حبيبة" بظهرها قليلًا وهي تردد بابتسامة خادعة : بالعكس يا بابا هو قالي استنى لأول الأسبوع يكون خلص شغله ويجي معايا، بس أنا اللي كنت مستعجلة عشان أشوفكم، وكمان كان عاوز يتصل بيكم يعرفكم إني جاية بس أنا قعدت اتحايل عليه، عشان اعملها لكم مفاجأة.
أومأ "محمد" برأسه بلاتصديق وهو يمط شفتيه بابتسامة مصطنعة قبل يردد بثبات : ماشي يا بنتي.
وطوف معالمها بأنظاره المستنكرة وهو يردد بثباته هذا : مبروك النيوو لوك يا "حبيبة".
غضة قوية بحلقها فكلمات والدها عاتبة حتى وإن كانت تبدو غير ذلك، لتتحرك بموضعها محمحمة بحشرجة : أ.. أنا قولت.. أنا قولت تجديد يا بابا.
نهض "محمد" من مجلسه بهدوء دانيًا نحو ابنته ليدمغ قبلة حانية على جبينها ومن ثم انتصب بجسده وهو يمسد على خصلاتها مرددًا بود: التجديد مش إنك تتخلي عن حجابك يا بنتي.
وتركها مغادرًا إلى الخارج، لتنهمر عبراتها فيضاناً وهي تحادث نفسها بوجع حارق : أقولك إيه يا بابا؟! أقولك إني مش مالية عين جوزي وإنه شايفني مش لايقة عليه، ولا أقولك إنه كل يوم والتاني مع واحدة، ولا أقولك إنها وصلت إنه يجيبها بيتي وعلى سريري، أقولك إيه يا بابا؟ اقول إيه؟!
***************
دفعت "مريم" باب شقتها والجة إليها باشتياق جارف وهي تستنشق هوائها الذي لطالما حاوطها بالأمان، ليتسلل إلى أنفاسها شذى عطره الذي لم يفشل يوم في اهلاكها وأسر جميع خلاياها، تنهدت بقوة تحتبس عبقه بصدرها وهي تغمض عيناها برفق مبتسمة ابتسامة عاشقة، فهي حقاً تعشقه حتى النخاع، فقد أصبح "يحيي" ملاذها الآمن، وأصبحت عيناه موطنها الأصلي، فبعدما كانا فزعها أصبح مستقرا لها.
![](https://img.wattpad.com/cover/306977817-288-k352400.jpg)
أنت تقرأ
بقدر الحب نقتسم... كاملة . لولو الصياد
Romanceأن سقطت لا تنسى الوقوف مجدداً يا بني مهما فشلت أستمر بالمحاولة العبقري الشجاع هو الذي يجابه تحدياته بأصراره كن صبوراً قوياً بوجه تحدياتك الصعبة دع عزيمتك تكون كالجبال إن كنتَ ضعيفً أمام الصعاب سوف تنهار كثيراً في هذه الحياة لهذا كن قوياً جمال الحياة...