السّابع من كانون الاوّل201
شوارع طوكيو المزدحمة والمغطيّة بالثلج ,سيّارات تتسابق فيما بينها للحاق الإشارة الخضراء بينما تندمج إضائآتها الاماميّة والخلفيّة مع إضاءآت المتاجر و الإعلانات المعلّقة على البنايات العالية أجنبيّة الطراز لتطرد الظلام المخيّم بين أركان اللّيل
رأيت المشهد ذاك آلاف المرّات بالفعل وأنا عائد من عملي متشبّثًا بحقيبة سوداء كالرّوبوت , كنت في الصباح قد مرّدتُ بعض خصال شعري لتغطيّ عينيّ ذات الملامح الحادّة كي امنع أي تواصل بصري بيني وبين العامّة و الآن اصارع كي لا أرتطم بأحد في وسط زحام الرّصيف
اسير شاردًا بالّاشيء نحو محطة القطار حتى شممت تلك الرّائحة التي ادخلت مئة ذكرى وذكرى داخل عقلي في بضع اجزاء من الثانية"سيّارة محروقة"
تمتمت بنفسي قبل أن اتبع تلك الرّائحة لا إراديًّا والتي كانت تفوح من أحد الأزقّة التي لا تصلها انوار العاصمةسرعان ما بدأت بلمح الضوّء مرة اخرى ولكن من الجهة التي كنت مرتادًّا إليها ضوء برتقالي ممزوج بدخّان متصاعد لمحتهما من خلف حائط كان يمنع عنّي الرؤية
تقدّمت وتقدّمت إلى ان تمكّنت من رؤية المشهد كاملًا ... كانت سيّارة صغيرة تحترق بين عدّة سيّارات اخرى وعلى سطح واحدة منهم كانت تجلس طفلة صغيرة بشعر طويل منسدل تدير ظهرها لي ورأسها موجّه للسيّارة المحترقة
-"أنتِ مالذي تفعلينه!"
ناديت بقلق لتدير نظرها نحوي , عيناها كعيناي ثاقبة وواسعة تشبه اعين البومة لحدّتها
-"انا جائعة"
إكتفت بقول ذلك بملامح معدومة وكأنّها خارج وعيها تقدّمت لها حتىّ سمعت صوتًا غريبًا يأتي من السيّارة-"النيران وصلت للوقود ستنفجر السيّارة"
صرخنا بنفس التوقيت لأحملها من خصرها عرضيًّا وأهرب عائدًا أدراجي للشارع الذي اتيت منه
إتكئت بلهاث على احد الحوائط بعدما وضعتها ارضها ليصدر بطنها الصغير صفيرًا يدلّ على جوعه , تكوّرت هي على الارض مخفية وجهها بمرفقيها من الإحراج,
-"اين عائلتك ؟"
-"هربت من المنزل..."
"لما"
-"ما علاقتك انت"
إختفى خجلها إلى تعابير وقحة منزعجة , تنهّدتُ بيأس ثم اردفت
-"سنتناول الرّامن هناك ... عندها ستتصلين بوالداك من هاتفي"
"على شرط...ان يكون ما حدث سرا بيننا"لم ارد فقط وقفت ومددت يدي لها لتمسكها بيدها الصغيرة دالة على موافقة كلانا للشرط
.