تائهة

26 12 6
                                    

—سأل احمد ذو العشرة اعوام :
- هل تولى احدهم امرها،ام بقيت منتقلة من منزل الى آخر؟
- لا يا طفلي لقد ربتها زوجة خالها.
قال مصطفى البالغ 12 عام :
- مسكينة تلك الطفلة ،انا متأكد انها لا تعي معنى الطفولة.
- ولدي العزيز، لقد بدأت تنضج وتحلل الامور كما يجب.
عقّب ذو النون وقد بلغ لتوه 8 اعوام :
- لو كانت صديقتي لتزوجتها،لاصبح انضج من مصطفى.
ضحكت الام وقبّلته ثم قالت:
- صغيري المدلل،سوف ازوجك بأجمل منها .
- اريدها هي.
- حسناً،سوف آتيك بمثلها عندما تكبر.
اما الطفلان الاخران،فقد غلبهما النوم واخذ كل منهما سباته.واسترسلت بعد صمت (انه صمت الذكريات)
- والان اخلدوا للنوم ،نكمل البقية في مساء الغد يا صغاري.
قالت ذلك و وزعت قبلها للثلاثه الصغار...
انزوت في غرفة يسودها الظلام الدامس، و تغطس في ماضيها الى القاع الاكثر ظلمة...
- هل اكملت الواجب يا نور ؟
- لا يا زوجة خالي ..لكن اكملت للتو من تعليم طفلك الصغير.
- حسناً،اذا غادري الان وادرسي ،لك ساعتان فقط، فاليوم الاعمال المنزلية كثيرة انجزي ذلك وعودي.
غادرت نور لتدرس ،فمكان دراستها في المخزن الخارجي ،خوفاً ان تعبث بأشياء زوجة خالها ..ومضت لمخيخها فكرة ، بأن تغادر المنزل ولن تعود ،لتنجو من عذاب حياتها المأساوية ،البائسة ، وكما قال مصطفى انها لم تعي معنى الطفولة ولا تعرف شعوره.
بالفعل غادرت المنزل وتركت دراستها،بلغ سنها آنذاك 17،ضلّت الطريق وباتت في متاهة ، يعجز عن تفسيرها فيلسوف ..رعبتها المنعطفات ،وكانت على وشك ان تتلاشى لخشية الازقة ،فكثير ما سمعت حكايات مخيفة عن الازقة ،والاماكن الضيقة المنفردة،لكن بعد ان بات الجو حالكاً، والامطار غزيرة ، والطرقات يسودها الصمت الخانق..بينما الإله يتعاطف مع مخلوقه ،ويرسل لها رجلا متوسط السن ،يبدو كأبيها  لصغر سنها .. انه ثلاثيني.

انتشل الرجل الفتاة الصغيرة وحمل بها الى منزله ،الى حيث تمكث بناته

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

انتشل الرجل الفتاة الصغيرة وحمل بها الى منزله ،الى حيث تمكث بناته.
فقال بلهجة مطمئنة:
- منذ اليوم وصاعداً انتِ واحدة منهن ، ولك ما لهن وهذه غرفتك.
تفرست فيه لفترة طويلة ،حتى قالت جازمة:
- عليك الزواج بي.
- ماذا !
- اجل،ان كنت بهذا السخاء فتزوجني ،لاكن ملكك وعاملني كما تريد وكيفما اتفق،لكن..لا تشردني وتسئ لي.
فكر بعمق وحكمة ثم قال:
- غداً صباحاً سوف احسم الامر، قبل ذلك عليك ان تحكي لي قصتك الليلة فلي بعض الوقت، لاسمعكِ.
- سأفعل يا سيدي انا ممتنة لك بشدة ، لا اعرف كيف ارد جميلك ايها لسيد السخي.
- مازلت صغيراً، اسمي بحر،استاذاً في الفيزياء ستعتادين علي في الايام المقبلة...

آمنت بغبائيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن