مــستيقظة في سبات عميق

43 4 11
                                    


مستيقظة في سبات عميق  ، أرى كل شيء يتجسد امامي  ، السلام  ، الوئام الحب والجروح المخيطة  تجسدت امامي امي وهي تركض في حديقتنا ، تقطف الورد وتتعلق مكانه..
كانت قدماي خفيفة كالريش  ، اطير على بساط أحلامي..
كنت اتصرف بغرابة ، بسخافة وسذاجة..
اصبحت المشاهد الخيالية ، حقيقة...
ابتهجت بالاشياء التي لطالما وجدتها مملة .. خرجت الى الشارع واستنشقت الهواء ، شعرت ان كل ما استنشقته طيله هذه السنين هو الكاربون فقط  ، كاربون ناتج عن حريق  احترقت به اعضائي ثم احتيت ثم احترقت ويستمر الأمر.

انها الفراشات  ، فراشات خفية كانت تتطير ، شعرت بها في بطني..
هل انا نائمة؟  ام هذه الحقيقة..  لم يسبق لي ان احلم بهكذا احلام وردية للغاية..
اود قرصةََ كما يفعلون في الافلام.. او ربما رقصة!
اصطحبت والدتي ووالدي واطفال اختي وخرجنا جميعا 
ركضت  وركض اولاد اختي معي ، تعثرنا وتلطخنا بالطين..
سمع الجيران تنهيدات ضحكاتنا , وخرجوا  مستغربين..
كنت اخبرهم انني احلم ، وان كل هذا ماهو الا سبات طويل ..
قمت وتركت كل شيء مرتميا على الأرض  ، نفضت كل ما عليّ من اوساخ ، في كل نفضة  كان يقع مني الاف من الخوف  و الاف من السنين  والاف من البراءة..
عندما لمست يدي كل قطعة من جسدي  تفاجئت!!
ياللهول الأمر ليس مزحةً ولا سباتاََ ، لقد كان حقيقياََ للغاية.
تحررت يداي بعدما كانت ستقطع من رباطها ، عيناي رأت النور والألوان  بعدما كانت لا ترى الا الحائط.
  تتمشى قدماي على الشارع بعدما كان ابعد مكان تصل اليه هو المطبخ!
ياللسذاجة ، اواه علينا اواه!
فرغم فرحتنا الا اننا لم نسعد برؤية ارضنا مهشمة  ، مفتته ... ممزقة من اثار الحرب.. أيقنت انها الحقيقة فعلا ، وماكانت امي تتعلق محل الورد المقطوف  ، كانت تتمزق محل البيت المكفوف  ، كانه اعمى  .. ما كانت تتمشى على حديقة حية ، فقد اصبحت مقبرة لكل مزروعاتنا..
فـ البيت ليس كالبيت!!
والوطن ليس كالوطن ، والدماء تنزف ، واغصان الزيتون المكسورة تكسو الأرض  والحمائم تراها وتبتعد ، اين السلام اذن؟
فرحنا للحظة بالحرية وارتدينا اثواب العزاء.

تحركنا بلا إيقاع طيلة الشهور الأولى ونحن نعاني من التشضي  مع ما تشضى من بيتنا ، اصبحنا ننمو مع العشب الجديد الذي نمى بعد الحرب ونتفتح كما تتفتح الأوراق والبتلات ، بدأنا نشعر بالبلل ، و بـرطوبة الجو  ونبني الاسوار من جديد...
اصبحت في سن الـسادسة عشر  ونحن قبل منتصف التسعينات ، طفلا اختي يبلغان من العمر ٣ و ٤ سنوات  ، و اصبحت عمةََ.
عادت معظم الأشياء إلى حالها ، الا انا ، فقد كنت مُنهارة من ترك الدراسة ومن حالة امي التي بدأ الزمان بأكل عقلها..  بعد ان اعطت كثيرا من الأهتمام لأخويّ ، الاكبر قليلا مني والاصغر مني حتى تماديا في التصرف واصبحا يمارسان المهزلة واكل الهواء علينا.

رافقت هذه الأحداث  ،أحداث اكثر سوءا انتهت بزواج اختي الوسطى لأبن جيراننا ، في ذات السنة التي تحررنا فيها ..
كُنا قد قاطعنا بيت خالتي بسبب الحروب فلم نراهم طيلة هذه الفترة. فعاودنا لقاءنا من جديد في زفاف اختي ، ارى شابا من بعيد ، انه ابن خالتي!
متى اصبح بهذه الوسامة!؟

مُـرتطمة في زوايـا المـنزل! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن