شعرت بالألم في رقبتي من جلستي الخرقاء أثناء قراءتي، لقد أخذت الكثير من الوقت في البحث عن الرواية بين محتوياتي، أنا فتاة مهملة ولا أنظم مقتنياتي فأستغرق الكثير من الوقت في البحث على ما أريد، لا يهم المهم هو أن أجد ما أريد.
شعرت بالملل من قراءتي لتلك الرواية التقليدية، أعترف أني ما زلت أتأثر بشخصية البطل الاعتيادية وتأسرني بعض الجمل التي يقولها، ولكن لم أعد أنبهر بالأمر مثل السابق، لم تعد الوسامة تبهرني مثل السابق، فقد اكتشفت أنها مجرد غطاء لكل ما يمكن أن يكون جيد أو سيء، وفي معظم الأحيان يكون سيئًا، لقد أصبحت مؤمنة أن الخالق لا يوهب الشخص كل شيء، فلا يعطي أحدهم المظهر الجميل والشخصية الحسنة، لا يتوافق هذا في شخص واحد فقط، على أحدهم أن يأخذ المظهر الجميل وآخر الشخصية الحسنة، وبعد خيبتي الأخيرة ما عُدت أثق في صاحب المظهر الجميل أو صاحب الشخصية الحسنة.
استقمت لأجلس على الفراش، دلكت رقبتي بتعب وقد بدا أن رقبتي ليست الوحيدة التي تؤلمني فقد شعرت بالألم في ظهري أيضًا، تنهدت بتعب وأنا أحاول تدليك رقبتي، لن أستطيع أن أخلد إلى النوم في تلك الحالة، عليّ أن أسير قليلًا لأحرك عظامي.
أخذت الرواية معي بينما بدأت رحلتي من شرفة غرفة الطعام لأن البوابة الرئيسية موصدة، سرت ببطء شديد في المرج الواسع الذي يحاوط الفندق، لم أرتدِ حذاءً حتى أشعر ببرودة الحشائش، وأشعر بها وهي تتزاحم بين أصابعي وتداعبها، شردت بينما رُحت أستمتع بهذا الشعور اللطيف.
- ماذا تفعلين في هذا الوقت؟
جفلت عندما وصلتني تلك النبرة الهادئة الرقيقة، استدرت لأجد نفسي في مواجهة موظف الاستقبال، مانويل، كانت ملابسه في حالة يرثى لها ولكنه لم يبدُ بائسًا من هذا، اقترب مني وهو يحتفظ بابتسامة جذابة على شفتيه وعندما وقف أمامي كرر سؤاله:
- ماذا تفعلين هنا؟
أشحت بنظري بعيدًا لسبب أجهله وأجبت الإجابة الإعتيادية والتي بدت لي رتيبة جدًا:
- لم أستطع النوم.
أومأ بينما التقطت عينيه الرواية التي بين يدي، فقال:
- أرى أنكِ من محبي المطالعة.
وقبل أن يترك لي المجال للتحدث سحبها من بين يدي مما أدى إلى تلامس أيدينا عفويًا، تركتها له بعد أن سيطر الارتباك عليّ، فآخر رجل لامسني كان هو، في لقاءنا الأخير، ذلك العناق البارد الخالي من المشاعر الذي أعطاني إياه، كان ذلك العناق أكثر قسوة وبرودة من الوقوف فوق تل في الشتاء ليلًا وبملابس خفيفة كالتي أردتيها الآن، أثرت تلك الذكرى فيّ بطريقة سيئة فارتجفت، لاحظ مانويل - الذي كان يطالع الرواية بسطحية - ارتجافي، فقال:
- هل تشعرين بالبرد؟ وددت لو أعطيكِ شيئًا ما تضعينه على كتفيكِ ولكن للأسف أنا أرتدي قميص يجعل البرد يتسرب إلى عظامي.
أنت تقرأ
غرف فندقية
Romanceلم أتصور أني عندما أتيت إلى هذا الفندق حاملة قصتي كالدرع الصدئ الذي أرغب في التخلص منه، سأخرج منه أحمل قصصًا أخرى سردتها ضوضاء عقول المقيمين في هذا الفندق لجدران غرفهم وتناقلتها تلك الجدران حتى وصلت لي، لم أتوقع أبدًا أن تلك الفتاة التي أتت إلى هذا...