الفصل الثالث: مع احترام لعدالتك

106 3 0
                                    

حدّق كراولي في المناظر خارج النافذة الصغيرة من داخل العربة المهتزة.
كانت القرية التي تتواجد فيها ورشة النّقاش على بعد يومين عن البلدة، واستمر هطول الأمطار طوال الوقت بينما كانت العربة تهتز طوال الطريق، وقد استغرقت الرحلة وقتاً أطول من المفترض لأنه على مدى الطُرق الغير مؤهلة، فقد علقت العجلات في الوحل بين الحين والآخر، ولكن في النهاية...
غمغم كراولي:
"نحن على وشك الوصول"
كان قد علم بأن القرية يجب أن تكون قريبة من مدى تحسّن الطريق، وهذا يعني بأن القرية قد شهدت حركات مرور جيدة، حيث على ما يبدو بأن الكثير من الناس يأتون ويذهبون.
توقف المطر عن الهطول عند طلوع الفجر، وأخذت الغيوم الكثيفة تنقشع، وبدأ الضوء المشع يضيء العالم.
ناداه كراولي بينما هو يوجه عينيه بعيداً عن النافذة الى داخل العربة.
"فريد كن"
".........."
لم يتحرك فريد قيد أنملة.
خلال ليلة الأمس، أسرف الاثنان في شرب النبيذ، وقد استهلك فريد برميلاً صغيراً كاملاً كان بحوزته من أجل "استخدامه الشخصي".
ربما الاستيقاظ الآن يعد امراً كثيراً لطلبه منه.
"فريد كن، نحن على وشك الوصول"
".........."
"هل أنت نائم؟"
على هذا، أجاب فريد وأخيراً وهو لا يزال مغمضاً عينيه.
"لا... لم أنم على الإطلاق، لا أستطيع النوم"
"آوه حقاً... على الرغم من أن صوتك يبدو ناعساً للغاية"
فتح فريد نصف أحد عينيه بشكل حاد ونظر نحو كراولي بنظرة خاطفة قائلاً:
"ألست سكراناً أنت بنفسك؟"
"ليس إلا منذ فترة قصيرة، لا"
"يا لك من وحش"
ابتسم فريد بضعف، ثم أشار نحو النافذة التي تلقي بالضوء عليهما وقال:
"هل تمانع في إغلاق النافذة؟ أنا أكره الشمس، كما ترى..."
"وقد توقف المطر الآن، فإنه صباح جميل وجذّاب في الخارج"
تلوّت قسمات وجه فريد بإستياء.
"إييووو"
نظر كراولي نحو النافذة مره اخرى، كانت القرية في قريبة في الأفق الآن.
سوف يصلون قريباً.
"على أية حال، فلتستيقظ، الرحلة قد انتهت"
قال فريد بحسرة:
"أكره الصباح"
وهو يمرر يده على سوار على يده.
في تلك اللحظة، صاح الخادم الذي يقود العربة بصوت عالٍ:
"فريد ساما!"
"نعممم؟~ هل وصلنا؟"
"نـ...نعم سيدي! لكن، لكن... ما هذا بحق الارض؟!..."
كان من الواضح بأن صوت السائق لم يكن طبيعياً. لقد كان صوت شخص خائف من شيء ما، وقف كراولي وفتح الباب على الرغم من أن العربة لا تزال تسير بأقصى سرعة.
"فلتحذر من السقوط"
حذّر فريد كراولي، الذي تجاهله، وأمسك بالجزء العلوي من الباب مميلاً خصره للأعلى نحو الخارج.
كان الطقس لطيفاً حقاً، ومثالياً لتجول والاستكشاف، كانت السماء صافية وقد بدأت حرارة ضوء الشمس بتجفيف برك الماء من على طريق القرية بالفعل، كان مشهداً مثالياً حقاً لولا... وجود أربعة جثث أمامهم، كانوا رجالاً لا يزالون يرتدون ملابس عملهم، ومن المحتمل بأنهم كانوا عمالاً من ورشات النّقاشين.
عبس كراولي قائلاً:
"حسناً... سوف أكون ملعوناً حقاً، فريد كن!"
"لقد قام بسبقنا وقام بتسديد ضربته، حسب ما أعتقد؟"
جائه الرد من أعماق العربة.
"إييه؟!"
كان على كراولي أن يعيد نفسه الى داخل العربة في تلك اللحظات.
كان فريد لا يزال يجلس ساكناً بعينيه المغمضتين، وقد بدا الدوار بادياً عليه وهو مبهور من الشمس، لكن كراولي تجاهل وضعه وصرخ فيه قائلاً:
"لقد كنت تعلم؟!"
"هذا ما كنت سوف أفعله بنفسي لو كنت في مكان القاتل، ففي اللحظة التي سوف أُدرك فيها بأنه قد تم ترك أدلة، سوف أتحرك مباشرة لمحو آثاري"
أخرج فريد الإبرة الفضية من جيب صدره ومررها بين أصابعها. وعلى الرغم من الوضع، فقد بدا بأنه مستعد ليغط في النوم في أية لحظة.
"مهلاً، فلتستيقظ الآن! دليلنا الوحيد قد اختفى الآن!"
"إذاً ماذا؟ كل شيء جيد على اية حال"
"لا انه ليس كذلك!"
"يا إلهي... أنت صاخب للغاية على هذا الصباح"
في تلك اللحظة، فتح فريد عينيه، ومرر اصبعه على السوار الذي على يده بلا اكتراث مره اخرى، ثم نظر باتجاه الباب المفتوح.
"واااه... وضوء الشمس هذا امر اخر... اذاً أعتقد بأن لدي مشكله..."
تمتم بنبرة خوف في صوته.
"لا يبدو بأن حلقة الحماية من اشعة الشمس تعمل بالشكل الصحيح... يجب علي اصلاحها لاحقاً..."
"كفاك دردشة يا فريد كن، يجب عليك أن تلقي نظرة على الخارج انت أيضاً..."
"نعم، نعم، سوف أفعل، هينويه"
أمر فريد السائق قائلاً:
"فلتوقف العربة، سوف نسير من هنا"
بتجنب الجثث الملقاة في منتصف الطريق، توقفت العربة.
إلتقط كراولي السيف الموضوع أسفل المقعد وقفز  من ذات وضعيته، راكضاً نحو الجثث.
جميع الجثث قد اصيب بجروح في ظهورهم، وعلى ما يبدو أن ما خلّف تلك الجروح كان سيفاً... أي بعبارة اخرى، كانت الضحايا تحاول الهرب عندما تم تمزيقهم من الخلف.
كان هناك أربعة جثث بالمجموع، وجميعهم قد اصيبوا بجروح منحنيه على ظهورهم، كانت آثار القطع متقنه للغاية، مما يدل على أن من خلّف هذه الجروح ماهر للغاية في استخدام السيف.
في تلك اللحظة، تنازل فريد وأخيراً وترجّل من العربة، واقترب وهو يترنح في خطواته، ويرمش بعينيه بشكل بائس، وقد بدا بوضوح انه يعاني من الدوار من الشمس.
"استمع الي كراولي كن... هل يمكننا التحقيق في هذا الأمر خلال المساء؟ أخشى بأنه لا يمكنني النهوض في الصباح..."
"ولكن إذا ما تأخرنا، القاتل سوف يهرب!"
"لقد هربوا بالفعل"
"كيف تعلم بذلك؟!"
رمق فريد كراولي وهو يحني رأسه للاسفل اليه قليلاً بوجه مرهق، مجيباً على سؤاله قائلاً:
"لأن القرية هادئة للغاية... على حد علمي، ورشة العمل هنا تتألف من أكثر من أربعين حِرفياً... ولكن أين جميع الأصوات إذاً؟"
في الواقع، لقد كانت هادئة للغاية، فالأصوات الوحيدة التي كان بإمكان كراولي سماعها هي صفير الريح، حفيف ورق الأشجار، وأزيز الحشرات.
غامر كراولي قائلاً:
"جميعهم... قُتلوا؟..."
هزّ فريد كتفيه فحسب مع نظرة تقول "ما يمكن أن يكون غير هذا؟"
"نعم... على الارجح، لذا فالسؤال التالي هو... كم مضى من الوقت على قتلهم؟ حسناً، نحن نتحدث عن جريمة قتل جماعي هنا، لو كان قد تُرك أي شهود، أو جاء أي زائر  كان لديه موعد قبلنا إلى هنا، بلا شك كنا سوف نجد نوعاً من الضجة... ولكننا لم نجد أي شيء، أي أنه لم يمضِ وقت طويل منذ حدوث هذه المجزرة، لذا فنحن أول من اكتشفها... وبالرغم من ذلك، هذا لا يعني بأن الجريمة قد وقعت قبل فترة وجيزة، فهذا واضح من الجثث، تم جرح وقطع الضحايا من ظهورهم، ولكن لا وجود لأي آثار لدماء على الارض، لماذا؟ هل فكرت بهذا؟ لأنه قد تم جرف الدماء بالأمطار، أي أنهم قد قتلوا قبل توقف هطول المطر... ومتى توقف المطر عن الهطول يا  هينويه؟"
سأل فريد في النهاية.
أجاب السائق:
"قبل حوالي ثلاث ساعات يا سيدي"
"فهمت... إذاً، بعد رؤية كل تلك الدماء قد انجرفت تماماً، أود أن أقول مقدراً بأنهم قد قُتلوا منذ حوالي ست ساعات"
سأل كراولي لتأكيد:
"أي في وقت متأخر من ليلة الأمس؟"
"نعم... وبشكل عام، لن يذهب أي أحد لمهاجمة جماعة تتكون من 40 شخصاً في وضح النهار بعد كل شيء... حسناً إذاً، لقد انتهيت، والآن، يجب أن تفهم بنفسك بأنه لا يمكننا أن نقبض على الجاني حتى لو انطلقنا في عجلة، لذلك دعنا نأخذ قسطاً من النوم لبقية النهار، ونحقق في ذلك بلطف وهدوء بعد هذا؟"
لم يستسلم فريد.
يبدو بأنه إستطاع إستنتاج كل ذلك بمجرد نظرات خاطفة على مسرح الجريمة... اعتقد كراولي بأن إحضار هذا الرجل معه كان قراراً صحيحاً... هذا الرجل سوف يقوده إلى قاتل غيلبرت، لقد كان متأكداً من ذلك.
وبالرغم من ذلك...
"فريد كن"
"همم؟"
"إذا كانت جريمة القتل قد حدثت ليلة البارحة... فهذا يعني بأننا كنا سوف نلحق بالقاتل لو أنك لم تتأخر في يوم مغادرتنا... أليس كذلك؟"
"ربما الأمر كذلك"
"هل يمكنك أن تكون دقيقاً في مواعيدك؟!"
"إذا لم يكن هذا بسببي، فأنت لم تكن لتحضر إلى هذه القرية في المقام الأول"
حسناً، لديه وجهة نظر هنا.
"بجانب ذلك..."
أكمل فريد:
"لا أريد أن أترك الصديق الذي تعرفت إليه وأخيراً يُقتل"
"انتظر... إذاً فأنت كنت تعلم بأن هذا سوف يحدث ولم تدعني أقابل الجاني عن عمد؟!"
قهقه فريد فحسب.
تذمّر كراولي قائلاً:
"لم أطلب منك أن تحميني بهذه الطريقة!... لو أنني التقيت القاتل فحسب..."
"ما الذي كنت سوف تفعله عندها؟ ماذا لو كانوا أشخاصاً لا يمكنك الانتصار ضدهم؟ هل ما زلت تريد أن تواجههم؟ سوف ينتج عن ذلك عواقب وخيمة، هل لا بأس بالنسبة إليك ما إذا قتلت نفسك إذاً؟"
"أنا..."
"ليس لدي أي نية لمساعدتك في الانتحار... إذا كنت تريد بأن تموت، فهناك العديد من الطرق الأكثر سهولة، من دون اللجوء إلى مثل هذه الاعدادات المتنقة... يمكنك اغراق نفسك بشرب النبيذ حتى الموت، على سبيل المثال"
"ليس الأمر وكأنني أريد أن أموت..."
لكن فريد لم يسمح له بالحديث، مشيراً نحو الجثث بدل من ذلك قائلاً:
"أعتقد بأنك على دراية بأمور السيف أكثر مني... لذا آثار التمزقات على الضحايا، هل تمت جميعها من قبل ذات الشخص برأيك؟"
دفع ذلك كراولي بأن يلقي نظرات فاحصة على الجروح المحفورة على الجثث الأربع ومقارنتها للمرة الأولى... وعندما فعل هذا، اكتشف بأن الجروح لم تكن متشابهة تماماً، ربما كان هناك امكانية وجود العديد من الجناة في ذلك الوقت... علاوة على ذلك، كان هذا يعني أن القتلة كانوا مسلّحين، ومبارزين ماهرين.
ولكن ذلك ينبغي بأن يكون واضحاً إلى حد ما حتى من دون التفكير بعمق فيه لوقت طويل، فبعد كل شيء، هاجم الجناة قرية تحتوي على أربعين شخصاً وقاموا بقتلهم جميعاً، تلك لم تكن جريمة يرتكبها شخص واحد، وهذا بدوره يعني...
"إذاً انه ليس وحش الحرب..."
يمكو لذلك الوحش بأن يقتل الجميع بمفرده، ولن يستخدم سيفاً لأجل ذلك.
ابتسم فريد مراقباً كراولي.
"آوه؟... يبدو لي بأنني أتذكر بأنك كنت متأكداً من انها كانت مجرد هلوسات قد راودتك؟"
"وما زلت أعتقد ذلك... سوف تكون تلك كارثة لو أنه كان هناك وحوش كهذه موجوده بالفعل"
علّق فريد بمرح:
"ربما هم موجودون"
قال كراولي وهو ينظر نحوه:
"فريد كن"
"همم؟..."
"إلى أي مدى أنت قادر على توقع الأشياء؟"
ولكن كما هو متوقع، لم يعطه فريد إجابة، فقط إستمر بالإبتسام.
"لقد تأخرت عمداً، صحيح؟ لتضمن بأنني لن أقابل مجموعة القتلة المسلحين"
"على الرغم من ذلك فأنا قد أطلت في النوم فحسب"
"أريد اجابات صحيحة... في الحقيقة، أنت تعرف بالفعل من هم القتلة، أليس كذلك؟!"
أثار هذا الاستجواب إبتسامة اخرى على فريد.
"لا، لا، أنت تقدرني للغاية، هل تظنني إلهاً ربما؟ هناك أشياء حتى أنا لا أعرفها"
"هل تقول الحقيقة؟"
"نعم، الحقيقة، الحقيقة وحدها، لكن... حسناً، لدي فكره تقريبية عن من قتل غيلبرت كن"
"ماذا؟! من يكون؟!"
صاح كراولي مطالباً بالمعرفة.
ولكن في تلك اللحظة ادار فريد ظهره اليه، موجّهاً نظره نحو القرية الساكنة التي لا تزال أمامه.
"ولكن مره اخرى، عندها لا يمكنك القبض على أي شخص بناءً على الافتراضات والفطنة فقط... الحصول على دليل لابد منه، ولهذا السبب قد جئنا إلى هنا... حسناً، اذا كنت لا تريد الانتظار حتى الغسق، فهل يمكننا الذهاب لتحقق من القرية الآن؟ وكما قلت، شخصياً فأنا أكره ضوء الشمس، أنا ساكن ليلي، كما ترى"
"أراهن بأنك تحب الملاهي الليلية فحسب"
"فوفوفو..."
بدأ فريد في السير وهو يضحك لبعض الوقت.
سأله كراولي وهو يتبعه:
"انظر... أخبرني بإسم القاتل على الأقل"
"إذا قُلت بأنه كان أنا، ماذا سوف تفعل؟"
ابتسم فريد.
"ليس لدي الطاقة والرغبة لتسلي بنكاتك في ظل هذه الظروف"
"هاهاها!"
دخل الاثنان إلى القرية.
ظهرت قرية الحرفيون بمنظر مرعب حقاً، في كل منزل كان الحرفيون، زوجاتهم، وتلاميذهم الصغار، معلقين ويتدلون رأساً على عقب.
"هذا مريع..."
اختار كراولي منزلاً واتجه مقترباً نحوه، وعلى الشرفة، تم شنق طفل من ساقيه، وكان هناك جرح قد خلّفه سيف على ظهر الطفل، وجرح وخز على رقبته من شيء يشبه الابرة.
أنزل كراولي جثمان الطفل ووضعه على الأرض، يبدو بأنه قد تم استخراج كل دماء الصبي، مثل ما حدث مع العاهرات منذ بضعة ايام... لم يكن كراولي يعرف السبب، ولكن القتلة قد سرقوا الدماء بالفعل.
كانت تفوح من هذا رائحة لعنة سحرية، مثل الطقوس التي تخص السحرة أو عبدة الشياطين... بالرغم من ذلك، فإن فعل شيء كهذا بهذا الوضوح وجذب الانتباه يعد عملاً انتحارياً، كان الأمر كما لو أن الجناة يعلنون الحرب على الكنيسة، إن تنفيذ مثل هذه المجزرة يجعل لحاق فرسان الهيكل ومحاكم التفتيش خلفهم امراً محتوماً في أي وقت.
"لا... قد يكون هذا هو هدفهم على الارجح، أن يبدأوا بـ..."
فبعد كل شيء، لقد وصلوا الى حد قتلهم لغيلبرت الذي كان مرشحاً ليصبح السيد التالي لنظام فرسان الهيكل... لكن لا يزال، لماذا؟ من الذي سوف يستفيد من جعل جميع فرسان الهيكل أعدائهم؟
"فريد كن، أريد أن أستمع إلى ما لديك لتقوله بهذا الشأن"
ناداه كراولي واستدار خلفه.
لم يكن فريد ظاهراً في مرمى بصر كراولي، وبالرغم من ذلك، فهو قد اختفى من دون أن يخلّف اية آثار، ولم يلاحظ كراولي حتى متى غادر.
"هاه؟ فريد كن؟"
ولكن لم يأتيه أي رد.
"فريد كن، أين أنت؟"
قام كراولي بتفحص كامل القرية، لكن كل ما رآه كان جثث الموتى، ويبدو بأن الجناة قد قتلوا جميع الحرفيين حتى آخر واحد منهم بالفعل.
"سوف أحتاج لاستدعاء فرسان الهيكل إلى هنا فيما بعد أيضاً..."
تمتم كراولي متجهاّ نحو الساحة في وسط القرية.
"فريد كن! اين انت!"
تم الرد على ندائه واخيراً.
"أنا هنا..."
كان صوته صادراً من مبنى على الجانب الشمالي الغربي في القرية.
وجه كراولي أنظاره لذلك الاتجاه، ولم يتفاجأ بعثوره على جثث رجل وامرأة معلقين على جدار المبنى.
أظهر فريد برأسه من خارج المنزل ونادا على كراولي.
"هنا! هنا!"
وقعت عيني كراولي على الطريق المؤدي إلى المنزل الذي كان يتواجد فيه فريد الآن، على الرغم من أن جميع الأدلة المحتملة قد تم تدميرها نهائياً من قبل الامطار في وقت سابق، ولكن عندما رأى الطريق، فهم كراولي لماذا اختار فريد هذا المنزل ليتحقق منه اولاً قبل الأخرى.
عند إلقاء نظرات متفحصة، اتضح انه يمكن العثور على آثار أقدام عديدة في اتجاه ذلك المنزل، ولكن يجب أن ينظر المرء عن كثب ليلاحظ هذا، جميع المؤشرات تشير إلى أن هذا المبنى بالذات مهم إلى حد ما.
بتفحص آثار الأقدام التي بالكاد يمكنه رؤيتها على الطريق بعينيه، غمغم كراولي لنفسه.
"كيف تمكن من إيجاد شيء كهذا من النظرة الاولى؟ إنه حقاً رجل مخيف"
بالرغم من ذلك، توجه كراولي إلى حيث كان فريد، وخلال الطريق لاحظ بأن آثار الأقدام لم تصل إلى المنزل الذي كان فريد قد توهم بأنه هو، ولكنها تجاوزته وتوجهت إلى مبنى أبعد.
"هاه؟"
أمال كراولي رأسه للجانب في حيره من امره، ثم سأل وهو يدخل إلى المنزل الذي كان فيه فريد.
"فريد كن، يبدو بأن آثار الأقدام تؤدي إلى منزل آخر على مسافة ابعد قليلاً عن الطريق..."
ولدهشته، لم يجد فريد في الداخل، تفحص كراولي الغرفة الامامية، والمطبخ، لكنها فارغة، لم يكن في المنزل غرفة معمل، لذلك توجه كراولي ليتفحص غرفة النوم، وهناك واخيراً وجد فريد.
كانت الستائر منسدله، مما أغرق الغرفة في الظلام الدامس، وعلى السرير استلقى فريد بذراعيه مطويتين على صدره وعينيه مغلقتين، وقد بدا سعيداً.
"آوه هيا، فريد كن!"
"نعممم؟"
"من السابق لأوانه بأن تكون متعباً للغاية"
"من السابق لأوانه بأن أستيقظ، هذا طبيعي"
"أنا مذهول من قدرتك على الشعور بالنعاس كما لو أنك سوف تنام بعد لحظة في مكان بجثث ملقاه في كل مكان"
"إذاً، هل تريد بأن تخبرني بأنك لم تنم على الاطلاق عندما كنت في الحملة الصليبية يا كراولي كن؟"
زجره فريد بملاحظة سخيفة.
بالطبع كراولي قد نام بالجثث من حوله ايضاً، ولكن لا يزال...
"إنه ليس بذات الأمر، ولكن بوضع هذا جانباً فريد كن"
"أنت أيضاً إطلعت على آثار الاقدام على ما اعتقد؟"
"آه هاه، لكن جميعها تؤدي إلى..."
لكن فريد قاطعه قائلاً وعينيه لا تزال مغلقتين.
"أنت لم تنظر إلى الجثث، أليس كذلك؟ لم يُقتل سكان هذا المنزل بالسيف"
هذا صحيح، لم يقم كراولي بفحص الجثث وهو في طريقه إلى هنا.
سأل كراولي.
"وما الذي قد يعنيه إذا لم يكونوا قد قتلوا بالسيف؟..."
أجابه فريد:
"هذا يعني بأن صاحب هذا المنزل لم يحاول الهرب... ولكن لماذا لم يفعل ذلك؟ هل تعتقد بأنه بإمكانك العثور ولو على شخص واحد ينتظر بطواعية ليتم قتله حتى لا يحاول الهرب بينما سكّان قريته يُقتلون واحداً تلو الأخر من حوله؟"
"باختصار... ماذا؟ توقف عن تعليقي هكذا وفلتخبرني حالاً"
"هل يمكنني القيام بذلك بعد أن أحظى بقيلولتي الجميلة؟"
"لا"
"إيييه..."
فتح فريد عينيه، كان مضطرباً بشكل واضح، وضغط على السوار الذي على يده، وثم...
"بجديه هل تعلم... الحلقة قد اصلحت نفسها"
كان فريد يتمتم.
"هاه؟"
"لا شيء، كنت اتحدث إلى نفسي"
بالرغم من ذلك، جلس فجأة مليئاً بالطاقة... فتح ستائر غرفة النوم، وهتف عالياً:
"يا إلهنا! فلتسلط الضوء علي أكثر! شكراً لمنحك لنا الشمس!"
"فقط... ما الذي يجري معك بحق؟"
تساءل كراولي عمّا إذا كان فريد قد تناول دواءً آخراً بشكل طائش مره اخرى او شيء كهذا.
كان فريد يبتسم ببهجة.
"قيلولة صغيرة تفعل العجائب، وأنا مستيقظ الآن، حسناً إذاً، ما الذي كنا نتحدث عنه؟"
"لقد كنا نتحدث عن سبب اختصارك لهذا المنزل"
"آها، نعم، نعم، هذا..."
ومع هذا، استلقى فريد مره اخرى على السرير.
علّق كراولي قائلاً:
"اعتقدت بأنك قد استيقظت الآن؟"
وضحك فريد فحسب، ثم دحرج نفسه على السرير، ثم القى نفسه من على السرير، ثم انحنى ونظر إلى أسفل السرير.
"حسنننناً، من خلال عدم الهروب وترك انفسهم يُقتلون، صاحب هذا المنزل وزوجته قد نجحوا في حماية طفـ..."
كان فريد قد بدأ بشرحه، ولكن بعد ذلك فقط...
"آوووااااااههه!!"
قفز  طفل صغير يبلغ من العمر ستة اعوام من تحت السرير رفقة سكين في يده.
"آوواااه!!"
تراجع فريد كما لو كان متفاجئاً.
وبالرغم من ذلك، حاول الصبي دفع سكينه لصدر فريد، وصرخ فريد.
"كراولي كن!"
ذلك الوضع قد دفع كراولي إلى التصرف بنفس الاسلوب، وداس بقدمه على يد الصبي بقوة.
"آغهه!!"
سقطت السكين من قبضة الصبي.
"اللـ... اللعنة! اللعنة!"
أمسك كراولي بالطفل الذي كان يكافح بعنف.
"لا... لا تقتلوني!!"
واعتلت نظرة يأس عميقة وجه الصبي.
يبدو بأن الصبي قد كان يختبئ هنا طوال الوقت، وبحسب ما قاله فريد، فقد قتل الجناة سكان القرية ست ساعات على الاقل، لذا لابد بأن هذا الطفل كان هنا طوال ذلك الوقت... ربما كان مشلولاً من الخوف ولم يستطع الحركة، معتقداً بأنه سوف يُقتل إذا خرج، أو أن والديه قد أخبراه بعدم الخروج مهما حدث.
كان وجه الصبي غارقاً بالدموع، كان نصفه السفلي رطباً ايضاً، لابد بأنه قد اوسخ نفسه تحت ذلك السرير.
بإدراك كل ذلك عن الصبي، نادى كراولي على فريد.
"فريد كن، لدي شيء لأطلبه منك"
"وماذا يمكن أن يكون ذلك؟"
"هل يمكنك التعامل مع الجثث التي خارج هذا المنزل؟"
كان كراولي يشير إلى جثث والدي هذا الطفل، ففي الوقت الحاظر، كانا يتدليان رأساً على عقب على الجدار بوحشيه، مع سحب دمائهم بالكامل، ولكن لم يكن هناك حاجة لأن يرى الطفل ذلك.
"سوف تتسخ ملابسي إذا فعلت هذا، لذا، لا"
رفض فريد طلب كراولي.
وجّه كراولي غاضباً نظراته نحو شريكه الغريب.
"هل يمكنك الاعتناء بالطفل لبعض الوقت؟"
"إن هذا يعتمد على وجهه، إذا كان يتناسب مع ذوقي، فلن أمانع الإعتناء به"
آه، صحيح... كان هذا الرجل منحرفاً لا يميز مهما كان من أمامه، سواءً كان رجل أو إمرأة... لم يستطع كراولي بأن يعهد إليه بهذا الطفل حالياً.
تنهد كراولي، ثم التفت ليواجه الصبي مره اخرى.
"لا داعي للخوف، أنا من فرسان الهيكل"
"إييه؟ هل انت كذلك الآن؟"
"فلتكن هادئاً فريد كن، ولتبقِ فمك هذا مغلقاً لبعض الوقت"
"حسناً، حسناااً"
بمجرد أن تأكد كراولي من أن فريد سوف يظل صامتاً، نظر نحو عيني الصبي مره اخرى، لقد كانت غارقة في الخوف تماماً.
قال كراولي وهو ينظر إلى تلك العينين مباشرة مؤكداً:
"لقد نجوت"
".........."
"استمع إلي، حسناً؟ يمكنك الاسترخاء الآن، لا حاجة للنضال بعد الآن، هل تفهم ما أقوله؟"
بهذا، شعر كراولي وأخيراً ان الصبي قد هدأ قليلاً.
حدّق الطفل في كراولي وسأله بصوت مرتجف.
"أيـ... أين أبي وأمي؟..."
"لقد قام والديك بحمايتك"
"هـ...هم قد ماتوا؟"
أومأ كراولي برأسه، وأغرقت عيني الصبي بالدموع على الفور.
ضمّه كراولي بين ذراعيه، كان الصبي قوياً، انتحب بهدوء، لكنه لم يذرف الدموع، لهذا السبب تحديداً كان قد نجى، لأنه كان قادراً على البقاء تحت السرير لساعات دون أن يصدر أدنى صوت.
وبالرغم من ذلك، لا يبدو بأنه سوف يكون قادراً على اخبارهم بما حدث في وقت قريب، لتتحسن حالته العقلية بما يكفي ليتحدث، سوف يحتاجون لغسل الدماء والفضلات من على جسده، وجعله يغير ملابسه، ويطعمونه، لم يكن من الممكن القيام بأي شيء من ذلك هنا.
"فريد كن"
"همم؟"
"ما الذي يجب علينا التحقيق فيه هنا أيضاً؟"
"تحقيقي قد انتهى بالفعل"
ألقى كراولي نظرة على فريد.
"هل... من الممكن بأنه لم تكن هناك أي حاجة للمجيء إلى هنا في المقام الأول؟"
ابتسم فريد.
"وما الذي يجعلك تعتقد هذا؟"
"لأن الحقيقة هي بأنك لا تقوم بأي تحقيق لائق"
"حسناً، هذا صحيح، ليس هناك حاجة لذلك، فنحن نعرف بالفعل اسم النّقاش الذي صنع هذه الابرة الفضية على اية حال"
قال فريد ذلك، ثم أخرج الإبرة من جيب صدره مره اخرى.
اسم النّقاش الذي صنعها، اذا كان كراولي يتذكر بشكل صحيح كان هيبرِل، هذا ما كانوا متأكدين منه بالفعل، وقد جاؤوا إلى هنا للحصول على قائمة عملاء هيبرِل.
حملق كراولي فجأة بفريد.
"فريد كن، هل تخفي شيئاً ما عني؟"
"لست كذلك، على الرغم من أنني لا أقول بالضرورة الامور الواضحة بصوتٍ عالٍ والتي يمكن لأي شخص اكتشافها إذا كان يستخدم رأسه فحسب"
مما يعني بأنه قد أبقى على اشياء معينه، بادئ ذي بدء، يبدو أن فريد لديه فكره عن أهداف القاتل بالضبط، وقد قال في وقت سابق أنه قد جاء إلى هنا للحصول على بعض الأدلة القوية التي سوف تكون كافية لاعتقال القاتل.
سأل كراولي
"ماذا عن أن تخبرني بإسم القاتل الآن إذا كنت تعرفه؟ وأيضاً... سبب مجيئنا إلى هنا"
"إيييه؟ لقد أتيت إلى هنا من دون أن تعرف سبب ذلك؟!"
"حسناً، كان لدي انطباع بأننا هنا للعثور على قائمة عملاء هيبرِل"
وعلى ذلك، شخر فريد، كما لو كان يسخر من كراولي، ثم هزّ كتفيه.
"وفي رأيك، وعلينا أن نأتي طوال الطريق إلى هنا من أجل ذلك فحسب؟!"
"انا لست على استعداد للعب الألغاز، هل يمكنك البدء في شرح حتى الخاتمة؟"
لكن فريد قال فحسب بعد أن بدا مستمتعاً للغاية.
"لن يكون ممتعاً إذا فعلت هذا، هل تعرف ما نو مكتوب في الكتاب المقدس؟ [إذا لم يعمل الرجل، فهو لن يأكل]، آه، ولكن مره اخرى، أنت قد توقفت عن الصلاة والدعاء ولا تقرأ الكتاب المقدس..."
"فريد كن"
صدر صوته بغضب بسيط، وهزّ فريد كتفيه مره اخرى، ثم أعرب برأيه بطريقة استدلالية غريبة.
"إنه صنع إبرة فضية مثل هذه لهو عمل ضخم، وأنا على إستعداد للمراهنة على أنتا باهظة الثمن للغاية، إن صنع واحدة فقط سوف يكون كافياً لإطعام الحرفي لمدة عام كامل حسب ما أعتقد"
إذاً هو يصر بعناد على رغبته في جعل كراولي يصل إلى الاستنتاجات الضرورية بنفسه، يا إلهي، يا له من رجل مزعج.
حدّق كراولي في الإبرة بين أصابع فريد، تلك كانت الانياب التي قتلت العاهرات، شيء لا يمكن للحرفي العادي أن يتأمل في صنعه، قد لا يكون هناك شك في أن صنع هذه الابرة سوف يستغرق وقتاً طويلاً، لقد كان عملاً دقيقاً، ولكن الابرة كانت قوية وقادرة على التحمل، لم تنكسر أو تتضرر حتى بعد اختراقها لأعناق البشر عدة مرات، إن صنع نموذجاً أولياً  سوف يستغرق وقتاً طويلاً بكل تأكيد.
كان الأمر كما قال فريد، الحصول عليها سوف يكون مسعى مكلّف للغاية، كما أنها تتطلب مكانه عالية، كان وقت الحرفي الماهر ثميناً، إذا كان سوف يتم شغل جزء كبير منه من خلال عمل واحد، فسوف يتعين عليه بأن يرفض طلبات العمل من عملائه رفيعي المستوى الأخرين، إضافة إلى حقيقة أنه لا يوجد شخص رفيع المستوى من بين أولئك الذين يعرفون كراولي، سوف يقلل هذا من زيارتهم الشخصية قليلاً لورشة العمل القذرة التي تقع بعيداً عن البلدة، وأدى به كل هذا لإستنتاج...
قال كراولي:
"كان هناك شخص في البلدة يتصرف كوكيل للعميل، ويدير الطلب"
أومأ فريد بإبتسامة عريضة.
"و؟..."
كان فريد يحثه ليكمل.
"وقد تمكنت من وضع يديك على قائمة العملاء في البلدة"
"نعم"
"لقد تواصلت بالفعل مع هذا الوكيل وعرفت اسم العميد الذي قدّم طلباً لهذه الإبـ..."
ابتسامة فريد العريضة لم تدعه يكمل حديثه.
"نالد ڤاين، نبيل"
اللعنة، هذا الرجل يعرف حقاً إسم القاتل إذاً.
مضى فريد قائلاً:
"وأنت تعرف هذا الاسم"
نعم، كان كراولي يعرفه، الابن الثاني لعائلة ڤاين ذائعة الصيت النبيلة، وواحد من كبار فرسان الهيكل... شارك هو وكراولي في ذات الحملة الصليبية معاً، وقد قاتلوا في ساحات معارك مختلفة، ولكن نالد ڤاين قد فعلها أيضاً وعاد إلى الوطن حياً.
لقد سمع كراولي فحسب بأنه د بدأ في التصرف بشكل غريب بعد عودته إلى المنزل، أصيب بنوبة اكتئاب واصبح عرضة للحديث بهذيان غير مفهوم، وبعد فترة وجيزة، توقف عن المجيء إلى النظام والكنيسة.
ولكن كراولي كان مثله، منذ عودته من تلك الحرب، توقف عن الذهاب إلى الكنيسة، لذلك لم يكن يعرف أية تفاصيل حول كيف نأى نالد ڤاين نفسه عن فرسان الهيكل... لذا مره اخرى، أصبح هناك عدد غير قليل من الفرسان من هذا القبيل، كانت تلك الحملة الصليبية كارثية للغاية، ولم يكن هناك اي قلة في أولئك الذين اختاروا أن ينأوا أنفسهم عن أوامرهم بعد ذلك.
"إذاً، هل كان نالد ڤاين هو الذي قتل غيلبرت تشارترز؟"
"من يعلم... ولكن على الاقل فهو الشخص الذي تنتمي له هذه الإبرة، علاوة على ذلك، يبدو بأنه بعد عودته من الحملة الصليبية، تحدث عن بعض الاشياء الغريبة... بأنه في تلك الحرب قد واجه وحشاً لا يمكن قتله ويمتص دماء البشر"
"...ماذا... هذا..."
"وأنه كان من الممكن الحصول على الحياة السرمدية من خلال امتصاص دماء البشر... من خلال التهام حياة الآخرين، يصبح المرء خالداً، هذا ما أُخبر له في هذيانه على ما يبدو... آه، لكني يبدو انني أتذكر بأنه كان هناك مجنون آخر قد أخبرني بقصة مماثلة، من كان هو مره اخرى؟ أعتقد بأنه كان الرجل الذي شربت النبيذ معه مره واحدة... ألا تتذكر سماع تلك القصة يا كراولي كن؟"
كان فريد يتهكم.
وغني عن القول بأن المجنون الذي كان يتحدث عنه ما هو الا كراولي بذاته، كان كراولي هو من رأى مصاص دماء خلال تلك المعركة الاخيرة، وشاهد ڤيكتور والبقية يُقتلون من قبله.
"إذاً يبدو بأنك لم تكن الشخص الوحيد الذي قد رأى مصاص دماء"
"ذلك... مجرد هذيان رجل مجنون"
"أنت رفيقه على الرغم من ذلك"
"علاوة على ذلك، كان يجب أن تكون هلوسة"
"آمل أن تكون كذلك، لأنه لو كان مصاصي الدماء موجودين، فلن أكون قادراً على النوم ليلاً..."
تظاهر فريد بتعبير مرتعب على وجهه.
كان من الواضح بأنه يستمتع كثيراً بهذا العمل بأكمله، ومما يزيد الطين بلة، أنه قد اكتشف من الذي قتل غيلبرت وعرف أن شخصاً آخر قد رأى مصاص دماء، وبالرغم من ذلك، لم يقل أي شيء لكراولي، ليس حتى وصلوا من بعد كل ذلك الطريق إلى هذه الورشة... لابد بأنه ضحك في داخله طوال الوقت بينما اهتزت العربة طوال الطريق... طوال الوقت الذي قضوا فيه رحلة الصيد القاتله هذه التي لا طائل من خلفها.
سأله كراولي.
"هل أخذتني لأجل خدعة؟"
متجاهلاً ذلك، قال فريد:
"بالتأكيد لا، لن آخذ صديقاً لأخدعه"
"هاه، الشخص الذي يخدع صديقه ليس بصديق على الاطلاق"
"أنا لا أخدعك"
"انت لم تخبرني بما أحتاج لمعرفته على أقل تقدير"
لكن فريد رفضه بتلويحه من يده.
"لا، لا، لقد أخبرتك بكل ما تحتاج إلى معرفته، وحتى الكثير من الاشياء التي لم تكن ضرورية للغاية"
"إذاً هل تقول بأنه كان هناك حاجة من المجيء إلى هنا؟"
ضرب فريد على صدره قائلاً:
"بالطبع، صدقني"
لم يستطع كراولي تصديقه على الاطلاق.
عمّ السكون لوقت قصير، ثم قال:
"إذاً اخبرني عن سبب مجيئنا إلى هنا، هل لدينا أدلة قوية على جريمة نالد ڤاين؟"
كان يعلم بأن منزل ڤاين لديه الكثير من النفوذ للهرب من التهم الموجهه لأحدهم، إذا كانت مبنية على أدلة ظرفية فحسب، وسوف تُحسب الامور بشكل صحيح إذا كان العثور على ادلة حاسمة هو سبب قدومهم إلى هنا، بإستثناء أنه بالطبع، كان لدى فريد الكثير من الفرص لإخباره بكل ذلك في العربة، هذا لو انه كان حقاً صديقاً لكراولي.
نظر فريد من خلال النافذة، كانت أشعة الشمس قوية ومشرقة، حدّق فريد إليها بدون أية مشاكل على ما يبدو، على الرغم من انه كان يشعر  بالدوار الشديد من أشعة الشمس منذ فترة قصيرة.
"هممم... لا يزال هذا الوقت مبكراً بالنسبة لي... دعنا نتناول الغداء ونواصل هذا المرح في المسـ..."
"فريد كن"
كرر كراولي هذا بصوت حاد، ورفع فريد ذراعيه بإستسلام.
"لا حيلة لي في ذلك إذاً... علينا جعل الطفل يغادر القرية"
اذاً واخيراً شعر بأن فريد يتحدث عن العمل.
ومع ذلك، فكّر كراولي في فكره أن يكون الصبي خارج القرية بمفرده فكره جيده... اذا خرج من المنزل الآن، سوف يرى جثث والديه، هل يجب على كراولي فعل شيء ما لحمايته لهذا النوع من الخبره؟
".........."
لا... سوف يتعين على الصبي قبول ما حدث والتعامل مع الحقيقة في نهاية المطاف على اية حال... كان عليه أن يعيش وحده من الآن فصاعداً، كان والديه قد توفيا، إضافة إلى جميع سكّان القرية الآخرين الذين كان بإمكانهم العناية به.
قال كراولي وهو يحدّق اسفلاً نحو الصبي:
"هل... يمكنني أن أطلب منك الخروج؟"
رفع الصبي أنظاره نحوه.
أكمل كراولي:
"خارجاً في الشارع... هناك جثث والديك"
".........."
"لقد قُتلوا بطريقة وحشية... وكذلك قتل جميع الأشخاص الآخرين في هذه القرية"
".........."
"لكنك قد نجوت! أنت بأمانٍ الآن، هل فهمت؟"
أومأ الصبي، ويبدو بأنه كان لديه فهم للوضع بالفعل، لقد كان طفلاً قوياً حقاً.
"خارج القرية، سوف تجد عربة، اطلب من السائق أن يسمح لك بالبقاء فيها، ولتخبره بأنه أمر من فريد باثوري"
قال الصبي:
"لقد فهمت"
ربّت كراولي على رأسه بلطف، ثم غادر الصبي المنزل... وبمجرد أن غادر ، ضحك فريد متهكماً وهو يحدّق بكراولي قائلاً:
"أنت طيب للغاية"
"لقد فقد والديه للتو!"
"أراهن بأن الوثنيين الذين قتلتهم كان لديهم أطفال أيضاً"
".........."
"إذاً... ما الذي كنا نتحدث عنه؟ مره اخرى..."
"فلتذكر النتيجة، لقد سئمت وتعبت من الاستماع لكل هذا الهراء العابر"
"الرجال الذين ليس لديهم حب ليقدموه يكونون مكروهين، كما تعلم"
"إذاً فأنا عفيف"
"ها! ها! ها!"
ضحك فريد، لكنه بدأ في الحديث.
"حسناً... أولاً، بشأن فارس الهيكل رفيع المستوى نالد ڤاين"
"نعم"
"على ما يبدو بأنه بعد فترة وجيرة من عودته من الحرب، تخلّت عائلته عنه، لقد فقد عقله حقاً، وشرب دماء الخنازير، والدجاج... ثم قتل الخدم وشرب دمائهم، متمتماً طوال الوقت بأن هذا سوف يمنحه الخلود"
".........."
"عاجلاً أم آجلاً، سوف تصبح الأسرة هدفاً لمحاكم التفتيش إذا أبقوا على رجل مثله حولهم، لست متأكداً من ما إذا كان الخلود من خلال شرب الدماء هو سحر أسود أو نوع من اللعنات..."
"سوف تتم معاقبة جميع أفراد عائلته إذا استمروا في الارتباط به"
"هذا صحيح، ولهذا السبب قد تخلّوا عن نالد ڤاين، بإعطائه مبلغاً معيناً من المال ثم هجروه مستبعدينه من عائله ڤاين، وقد تم التخلي عن قصره لحد كبير... ولكن محاكم التفتيش لم تتحرك بعد، لأنه هو بذاته لم يتواصل مع أي أحد"
علّق كراولي ملاحظاً:
"في هذه الحالة، ليست هناك حاجة للأدلة لقتل نالد ڤاين"
وأومأ فريد.
"يبدو ذلك، وبالمناسبه، حسب تحقيقاتي، فجميع الخدم بإستثناء واحد منهم قد تخلّوا عنه أيضاً، الجميع حوله يكرهونه ويتجنبونه"
"ماذا؟ لقد حققت إلى ذلك الحد؟"
"حسناً... أمكنني التحقيق في شيء من هذا القبيل في ذات اليوم الذي شربت فيه النبيذ معك"
"انتظر لحظة الآن... هل هذا يعني بأنه لو أنك أخبرتني عن الجاني فحسب في ذلك اليوم... لربما كان من الممكن إنقاذ غيلبرت؟!"
كان كراولي يطالب بالمعرفة بشأن هذا.
لو كان هذا ما يبدو عليه الأمر... إذا كان الأمر حقاً هكذا... لكان هو...
ولكن عندها فحسب تحولت ملامح فريد إلى مظهر عابس بينما كان يتحدث.
"لماذا لا تبدأ في استخدام رأسك يا كراولي كن؟"
".........."
يستخدم رأسه؟ هاه؟ هذا يعني...
"نالد ڤاين ليس هو من خلف ذلك... هل هذا ما تقصده؟"
أجابه فريد وهو يتلاعب بالإبرة الفضية بين أصابعه الخفيفة.
"إن جريمة قتل العاهرات لم تكن بعيدة عن المثالية... كما لو أنها شكل من أشكال الفن... بدا الأمر رائعاً جداً ومثل ما قد يفعله رجل مجنون مأخوذ بنوع ما من الوهم تماماً... لكن السؤال هو، هل يمكن لمجنون واحد أن يرتكب مثل هذه الجريمة؟"
ودفع ذلك كراولي إلى إستذكار منظر العاهرات الثمانية اللواتي قُتلن دفعة واحدة، تم تعليق سبعة جثث منهن رأساً على عقب بواسطة الساقين وبينهن مسافات متساوية، جميع دمائهن قد تمت إزالته، مع عدم ترك قطرة واحدة في أجسادهن، وفي الواقع، إذا فكّرت بالأمر، فسوف تتساءل عمّا إذا كان مجنوناً يختبئ في الزقاق الخلفي يمكنه القيام بكل ذلك من دون أن يُرى.
وفي غضون ذلك، تابع فريد حديثه قائلاً:
"بالإضافة الى ذلك، فقد قُتلت أحد الضحايا بطريقة قذرة للغاية، كما لو أن القاتل قد تمت مقاطعته ووقع في مأزق، تاركاً دليلاً خلفه، كما لو أنه يريد منا أن نعتقد بأن هناك نوعاً من المشاكل قد حدث في منتصف عمله، متأكدين بما فيه الكفاية من هذا بسبب الأدلة التي تُركت... هذه الابرة الفضية"
ورفع يده ممسكاً بالإبرة.
"بعد الحصول على دليل كهذا، من السهل التتبع عبره إلى مالكه، الرجل الذي كان لديه قائمة عملاء هيبيرِل أيضاً، تم الوصول إليه خلال وقت لا يُذكر حتى، إنه لأمر مؤسف كما تعلم... أن الولاء هذه الأيام خارج الموضة السائدة"
إذاً... يبدو من ما قاله فريد فإن جميع هذه النقاط تشير إلى وجود جاني آخر... وقد حاول ذلك الجاني أن يوقع بنالد ڤاين، ولكن من يمكن أن يكون هو؟!
تابع فريد:
"دعنا نكمل... هل كان غيلبرت تشارترز ضعيفاً؟"
كان غيلبرت قوياً بالطبع، كان رجلاً يتمتع بموهبة في القتال بالسيوف، وكان يعمل بجدّ دائماً من دون إدخار أدنى جهد. كان هذا هو السبب بذاته وراء تسميته بمرشح السيد التالي.
سأل فريد سؤاله التالي.
"هل كان من الممكن قتله بسهولة؟"
"مستحيل"
"هل كان ذلك ممكناً لنالد ڤاين؟"
"غير ممكن، لقد كان نالد ڤاين وريثاً غنياً مدللاً... لم يكن يعرف ما هو العمل الشاق حتى، لا توجد وسيلة تخوله بأن يقتل غيلبرت! ناهيك عن أنه فارس هيكل سابق، من المؤكد أنه سوف يكون بارزاً ما إذا أظهر وجهه في المقر الرئيسي"
قهقه فريد قائلاً:
"نحن نتحدث حقاً الآن، هل تشعر وأخيراً بأنك تستخدم رأسك؟"
فكّر كراولي في كيف كان يبدو مشهد موت غيلبرت... كان وجهه متلوياً بالرعب واليأس، ولكن لم تكن هناك أية جروح في جسده بإستثناء الثقوب الموجوده على رقبته، ولا يبدو بأنه قد تم طعنه بالسيف في أي مكان أيضاً، وسيفه الخاص قد بقي في غمده أيضاً، مما يعني بأنه لم يستطع المقاومة حتى، لم يتمكن ذلك الرجل الرجل القوي المجتهد من خوض معركة حتى.
تحدث فريد مره اخرى.
"السؤال التالي هو... من الذي قتل غيلبرت إذاً؟ هل كان مصاص الدماء الذي صادفته خلال الحرب؟ ولكن إذا كان هناك مصاص دماء يمتلك مثل هذه القوة المذهلة،  فهل سوف يعكفُ ليلعب مثل مثل هذه الحيل الصغيرة؟"
لن يفعل، لم يكن ذلك الشيء من ذلك النوع السهل من الخصوم، عندما واجه كراولي ذلك المخلوق، كان قد شعر بأن موت لا مفر منه، هذا الوحش لن يلجأ لمثل هذه الحيل الصغيرة... إذاً من الذي فعلها؟
".........."
استرجع كراولي منظر جثث العمال الذين عثروا عليهم أمام مدخل قرية الحرفيين، بدا هؤلاء الرجال وكأنهم قد قُتلوا على أيدي العديد من الجنود المدربين تدريباً جيداً... جنود ينتمون إلى منظمة تمتلك من القوة ما يكفي لقتل قرية من 40 مواطناً من دو أية مشاكل.
تحدث كراولي.
"هل... كان قتل غيلبرت أمراً من فرسان الهيكل؟"
قتل فرسان الهيكل غيلبرت وكانوا يحاولون الإيقاع بنالد ڤاين الذي فقد عقله بعد عودته من الحرب ليقع في مصيدتهم، وقد وصلوا إلى حد قتل العاهرات والحرفيين لأجل هذا.
كل تلك الجرائم قد تم إرتكابها من قِبل فرسان الهيكل...
كان فريد يبتسم بتعبير يعبّر عن الكلمات والمشاعر ويقول "لقد استغرقك ذلك وقتاً كافياً".
"بالمناسبة، كراولي كن، أنا لا أؤمن حقاً بالاله بنفسي، لذا فقد أردت أن أسألك، هل يعتبر قتل الرفاق وايقاعهم في تهمة جريمة قتل هو الطريق الاقصر إلى نعيم السماء هذه الأيام؟"
وغني عن القول بأن هذا لم يكن الذي تعلموه جميعاً، ما تعلمه كراولي من القائد هو كيفية قتل أكبر عدد ممكن من الأعداء والموت لأجل رفاقه، كان هذا فقط ما تعلمه.
تحركت يد كراولي من دون وعيه للوصول إلى المسبحة المعلقة على عنقه.
أشار فريد مباشرة.
"ها أنت ذا تلمسها مره اخرى"
عبس كراولي قائلاً:
"منذ متى وأنت تعرف الحقيقة؟"
"اتساءل..."
"فلتجبني"
"لم أكن أعلم بذلك بعد عندما وجدنا هذه الابرة... ولكن عندما قُتل غيلبرت كن، اكتشفت أن هدف القاتل مباشـ..."
"لماذا لم تخبرني حينها؟!"
"هاه... وماذا كنت سوف تفعل اذا علمت؟ تستل سيفك الذي تبرع فيه للغاية داخل مقر فرسان الهيكل وتقتل المسؤولين عن ذلك؟! سوف تنهي الأمر بقتل نفسك فحسـ..."
"أعطني أسماء المسؤولين عن ذلك"
وبهذا، مدّ كراولي يده نحو فريد، قابضاً عليه من ياقتي سترته، وضرب بالرجل ذو الشعر الفضي على الحائط بعنف، لكن فريد، الذي لم ينزعج على الاطلاق، استمر في الابتسام مثل الاحمق.
"لا، أنا لن أفعل، إذا فعلتُ ذلك، فسوف يكون هذا لعبة فقط بين ايديهم، فليس من الضرورة أن يوقعوا تهمة الجريمة على نالد ڤاين، فبعد كل شيء، كان هناك فارس آخر  يُظهر علامات للجنون، إعدادك كقاتل غيلبرت هو مـ..."
"فلتخرس فمك اللعين وأخبرني بأسماء قتلة غيلبـ..."
"وما الذي سوف تفعله عندها؟ بادئ ذي بدء... هل تعتقد بأنه لديك الحق في أن تغضب؟ إذا كنت لم تبتعد عن فرسان الهيكل فحسب، لما كنت بحاجة إلى أن تسألني من هم المسؤولون عن تلك الجريمة، وكنت سوف تعرف بنفسك من الذي كان منافساً لغيلبرت كن لمنصب السيد التالي"
".........."
"ولكن ليس لديك طريقة لمعرفة ذلك لأنك لم تعد أحد فرسان الهيكل بعد الآن... لقد قدّمت نفسك كشخص من فرسان الهيكل عندما أنقذت ذلك الطفل سابقاً، ها! ها! لا تجعلني أضحك! لقد هربت بالفعل من رفاقك ومن إلهك! هل أنا مخطئ؟"
"... أنا..."
"لقد كان غيلبرت كن متورطاً في السياسة وواجه أزمه صعبة، كان بحاجة إلى البطل ليعود ويتغلب عليها، ولكن هذا البطل قد فقد إيمانه بالاله ورفض العودة مهما حدث"
".........."
"روي رولاند الذي قام بزيارتك يوم جنازة غيلبرت كن كان في ذات الموقف... فصيل غيلبرت كن قد فقد قائده، إنهم ينهارون، علاوة على ذلك، فقد قُتل هذا القائد من قِبل زملائه الفرسان، هناك عدد قليل للغاية من الرفاق الذين يمكن الثقة بهم الآن بين الاعضاء... فبعد كل شيء، العدو كان حذراً للغاية، ومن نوع الناس الذي لا يمكن لشيء إيقافهم... حتى في قتل خصمهم السياسي وإلقاء اللوم على الأبرياء. ولكن لا يزال... لو أن البطل قد عاد في ذلك الوقت..."
".........."
ابتسم فريد وتوقف عن الحديث قليلاً، ثم لمس يد كراولي بهدوء وأكمل قائلاً:
"إذا كنت قد قلت بكل راحة فجأة بأنك قد استعدت إيمانك بالاله وعدت إلى فرسان الهيكل، ثم أخبرتك بكل هذا في هذا الوقت، إذاً نعم، على ما أفترض فأنا خائن... اعتذاراتي ولكن كما ترى، حتى أنا لدي حسي الخاص بالعدالة... لا يمكن إيقاف هذه التطورات بعد الآن، حتى لو عدت، فسوف ينتهي بك الأمر مقتولاً مع روي رولاند فحسب، ولهذا السبـ..."
"لقد منعتني من الذهاب إلى الجنازة... وأخذتني إلى مكان بعيد بمسافة جيدة عن المدينة بدلاً من ذلك، هاه..."
وفهم كراولي أخيراً هدف فريد، لقد سحب كراولي بعيداً عن مركز الصراع السياسي، حتى لا يُقتل كراولي.
قال فريد مبتسماً:
"ألستُ مراعياً لصديقي؟ إنها مسألة وقت حتى تبدأ بمناداتي بصديقك المفضل!"
في الواقع، قد يكون قد أنقذ حياة كراولي...
بالرغم من ذلك...
"أنا لم أطلب منك ذلك"
"وهل عدت إلى النظام عندما توسّل إليك غيلبرت كن؟"
".........."
"آه عفواً... هل كانت هذه المضايقة كثيره على أن تتقبلها؟"
حرر كراولي رداء فريد من يديه، كل ما قاله فريد كان حججاً سليمه، كل تلك الأشياء كان بإستطاعة كراولي أن يدركها لو أنه حاول فحسب. إلا أنه لم يلاحظ... حتى أنه لم يحاول أن يلاحظ.
أمسك كراولي بالمسبحة... ضغطها كراولي على صدره بقوة، كما لو كان يحاول خداع الألم الذي ينبض عميقاً داخل صدره، لكن الألم لم يزول... ولم تظهر الآلام القوية اية اشارات على خبوها.
"اللعنة... فريد كن"
"نعممم؟"
"لقد تحمست للغاية في مضايقتك... والآن صدري يؤلمني"
"ها! ها! ها!"
"إنها ليست مسألة تستدعي الضحك"
"لا اظنه كذلك حسب ما أظن... إن خسارة الايمان بالاله لطالما كان مأساوياً"
إعتلت ملامح فريد لمسة من الحزن، إلا أنه كان بالكاد يمكن ملاحظته.
برؤيته لهذا، لم يستطع كراولي منع نفسه من السؤال.
"هل فقد الاله أيضاً؟"
"منذ وقت طوييييل للغاية..."
"على الرغم من أننا لسنا بذلك العمر الكبير..."
"ألسنا كذلك الآن؟"
"اخبرني فريد كن"
"هممم؟"
سأله كراولي:
"هل سوف يُقتل روي؟"
على الرغم من انه كان يعرف الجواب، لكنه لم يستطع منع نفسه على اية حال، وبلا شك هذا لأنه كان ضعيفاً.
أجاب فريد مباشرة وبكل سهولة.
"نعم، لسوء الحظ"
"هل سوف يكون بإمكاني الوصول في الوقت المناسب إذا عدتُ الآن؟"
"كان بإمكانك... لو أنك قد عدت عندما طلب غيلبرت كن منك ذلك"
ولكن هذا كان أمراً من الماضي البعيد الآن، أمر ميئوس منه ولا يمكن التراجع عنه أبداً... فبعد كل شيء، غيلبرت قد مات بالفعل.
تنهّد كراولي وهو ينظر إلى الأرض، ثم قال وهو يبدو كما لو انه يختنق بعبراته:
"هل هذا صحيح..."
"نعم"
وبهذا، كان فريد مراعياً بما فيه الكفاية ليصمت لفترة من الوقت.
وهكذا بدأت آخر أيام كراولي كبشري...

The Story of Vampire Michaela 2  قصة مصاص الدماء ميكايلاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن