التحضير

37 2 1
                                    


المكان: قرية صغيرة

سنة: ۱۹۹۸

كانت ليلة سوداء حالكة، تلك الليلة التي قدر لها أن تنتهي بعقده الجديد مع الشياطين، عقد لا يقل خطورة وشرا وإجراما عما سبقه من عهود مع قبائل الجن وملوكهم. ولم لاا وهو وما وصل إليه من قوة وجبروة؛ فهو الساحر العليم... أبو عابد المقرضي الساحر الذي خضع له أقوى ملوك الجن الشبع؛ وهوا الملك المعظم رقيائيل، وجنوده الذين كانوا جميعا في معية ذلك الساحر، فلم تسلم تلك القرية الصغيرة التي تقع على أطراف السلوم من مكر وشر ذلك الساحر، حتى وصل جميع من فيها إلى مرحلة أنهم يخشون ذكر اسمه؛ بل ويخشونه هو شخصيا كخشيتهم للموت، بل أصبحوا بين ليلة وضحاها يتباركون به، وكأنه من أولياء الله! لم يكن هناك من يقوى على الوقوف في طريقه، حتى جاءت تلك الليلة المشؤمة، التي بدأت أحداثها مع تلك المرأة التي أقبلت إلى منزله في غير وقت استقبال المسحورين، قاطعة عليه خلوته لتستعين به على الشياطين التي جعلت ابنها الصغير غريب المظهر والتصرفات. - إلحقني يا شيخنا، ابني يا مولانا بتحصله حاجات غريبة، وولاد الحلال دلوني عليك عشان تلحقه... ومين غيرك يا سيدنا في القرية يقدر على كده، ده انت سرك باتع يا شيخنا.


قالها المقرضي بتأفف

- مهملا محاولة المرأة في تعظيمه

- بعد أن اضطر أن يقابل تلك الحمقاء التي صممت على مقابلته، حتى وإن كانت آخر لياليها في الحياة.

- عنده خول بسيط في عينه، ولسانه شکله غریب کده، تحشه معووج، ومشقوق متعرفش زي لسان الحية بالظبط.. وطول الوقت تايه مبيتكلمش خالص، وله عينه يا مولانا يا حفيظ بتنور يا مولانا! بتنور.. و.. وتحسن إذ..

- أنت بتقولي عينه فيها خول، ولسانه مشقوق ؟! أنت متأكدة من الكلام ده ؟ قاطعها المقريضي بعد أن أظهر لهفة غريبة تعجبت لها المرأة في سؤاله عن الطفل بعد أن نسي غضبه من عقده المعطل بسبب: الحمقاء، فمن صفات هذا الشيخ أنه جامد المشاعر والملامح، لا تلك يتأثر بسهولة.

- أيوه يا شيخنا، عينه بتنور، وفيها حول، ولسانه مشقوق. نظر الشيخ إليها نظرة صارمة، وقال آمرا بغير نقاش، ويصاحب قوله قليل من التخويف.

- الواد ابنك لازم يجيلي هنا ضروري، أنت فاهمة ؟ تخرجي من عندي فورا وترجعي بيه، يا إما ابنك هيحصله حاجة، مش بعيد أن الجن يخطفه تحت الأرض، ومتشفيهوش تاني.

- يا ندامتي! لا.. لا يا مولانا، أنا هجبهولك فورا، إديني بس نص ساعة، مسافة السكة يا شيخنا.


أشار لها أبو عابد بالانصراف بإشارة من يده وكأنها مجرد شيء غير ذي قيمة لينهي الأمر. ثم ما لبثت هي على الفور أن استجابت لأمره وخرجت من الغرفة التي لا تختلف كثيرا عن غرف الدجالين المعروفين في الأفلام والمسلسلات، على الرغم أن تلك الغرفة كان يوجد بها أمر آخر، أو شيء آخر.. شيء يقبع في الظلام في آخر الغرفة. نظر الشيخ لمن كان حاضرا تلك الجلسة في الظل، ولمعت عينه أيضا حينما سمع أمر الفتي، وقال له الشيخ:

- بعد أن تجسد أمامه

- في خشوع ومذلة مختلفة عما كان يتحلى به من قوة منذ قليل.

- مولاي قائد جيوش الساماد القائد دنهش سفير ملك ملوك الجن الأعظم رقيائيل، أتمنى أن أكون قد نلت رضاكم عن أدائي في خدمتكم. تحرك ذلك الكائن من موضعه في الظل ليظهر أكثر المخلوقات رعبا على الأرض... فقد كان ذا بشرة سوداء تُشبه خلقة سكان أفريقيا؛ طويل القامة ولكن طوله يختلف كثيرا عن البشر، ذو جسد قوي، يرتدي على رأسه طربوشا أحمر لا يتناسب مع العصر الحالي، ولا يتناسب أيضا مع بقية ملابسه! وعيناه كانتا سوداوين بأكملهما مع غياب للجزء الأبيض، أما بقية ملامحه لم يكن وصفها أقل رعبا مما وصفنا. اقترب من الساحر الذي كان ينظر إليه وكأنه فأر صغير من خوفه من ذلك الكائن الذي يستطيع أن يدمره بحركة أصبع، وقال له بصوت جهوري مرعب.

- أنت أقل أن تنال رضا أقوى وأعظم مخلوق على الأرض! يكفي أن أجعلك قونا على بني جنسك الحقراء، وأن أستمر في جمح رغبتي في من قتلك أيها العبد.

الساحرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن