الفصل السادس عشر
بعد منتصف الليل جلست اميرة فوق الفراش تضحك بسعادة وعيونها المنبهرة تتطلع فى ارجاء الغرفة وهى تتحدث فى هاتفها قائلا
: اسكتى ياما على العز اللى بنتك فيه... هنا ياما هنا
صمتت للحظة تستمع لطرف الاخر عاقدة حاجبيها بتركيز تهتف بعدها
: لاا... وانا اعرف منين هو رمى لى انا وعمتى الكلمتين واختفى ....ومن بعدها مشفتهوش لهو ولا المحروسة مراته
توترت ملامحها تهمس بانزعاج
: تفتكرى انه يعملها؟
عادت تكمل فورا تقنع نفسها قبل ان يكون اقناع لطرف الاخر
: لا متخفيش... هو خلاص سلم ووافق... وبعدين مكنش ادامه حل غير كده... لااا متخفيش عمتى مظبطة كل حاجةوبنتك اخيرا هتعيش وتقب على وش الدنيا
قطع حديثها طرقات هادئة فوق بابها لترتفع الحيرة فوق ملامحها وهى تتطلع الى الباب قبل ان تعاود التحدث فى الهاتف هامسة باستعجال وهى تنهض من مكانها متوجه ناحية للباب
: بقولك ايه ياما اقفلى دلوقت وهكلمك بعدين... اصل فى حد على الباب هشوف مين وارجعلك ...
اغلقت هاتفها بينما تمتد يدها لمقبض الباب وهى تسأل بقلق وحيرة عن هواية الطارق فى مثل تلك الساعة فيجيبها الصمت من الطرف الاخر لتقف مكانها بحيرة تلوك شفتيها قلقا حتى تغلب فضولها اخيرا عليها حين عاود الطرق مرة اخرى ولكن هذه المرة باصرار لتحسم امرها وتفتح الباب فورا
فتتسع عيونها ذهولا وصدمة وتتراقص امارات الخوف والقلق فوق ملامحها حين رأت امامها اخر شخصا تتوقع حضوره اليها فى تلك الساعة وهو يقف مستندا فوق اطار الباب بارتخاء وراحة تتراقص ابتسامة ساخرة فوق شفته القاسية ليزحف الشحوب الى وجهها تزيده البرودة المنبعثة من عينيه لها جاعلة دمائها تتسرى فى عروقها كالسقيع تشعر وكأنه زحف الموت اليها ببطء شديد
***********
لاتدرى كيف مر عليها اليوم فبعد خروجه العاصف من الغرفة ظلت مكانها فوق الفراش تطالع السقف بعيون شاردة متألمة لا تعلم كيف لها ان تتصرف ا
اتذهب الى منزل ذويها كما نوت منذ البداية وتتجاهل شعورها بالخوف من راغب وما يستطيع فعله بها خاصة بعد خروجها عن حماية جلال لها
ام تظل هنا تشهد بعينيها كرامتها المهدرة ونظرة الانتصار فى اعين الجميع لها بعد ان يعلم الجميع ماحدث معها وكيف تم استغلال سذاجتها
لتظل على حيرتها حتى بعد حضور حبيبة اليها ومحاولتها الاستفهام منها عما حدث وكيف اصبحت ابن خالها هى الزوجة المنتظرة لجلال لكن استقبلت ليله جميع اسئلتها وحيرتها بالصمت والسكون التام لا تجيبها بحرف واحد تجلس شاردة باهتة الملامح حتى استسلمت حبيبة تزفر بحيرة وهى تغادر الغرفة تاركة ليله مكانها كتمثال قد من حجر بعد فشل جميع محاولات حبيبة المتكررة لاخراجها عن صمتها هذا
حتى تعدت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل وهى مازالت على جالسة بحالتها هذه بعد ابدلت ملابس النوم اعلانا منها باستلامها ومكوثها هنا حتى اشعار اخر تتأكلها الافكار حتى شعرت بثقل عيونها وزحف النوم اليها وقد حاولت مقاومته كثير لكنه تغلب عليها اخير متكاتفا معه ارهاقها واجهادها طوال اليوم ليسقط جسدها المرهق فوق الاريكة تغيب عن العالم تماما
فلا تشعر بشيئ عن دخوله الهادىء الى الغرفة ولا وقوفه بصمت عدة لحظات يتطلع اليها بنظرات لا تقرء للحظات طوال حتى تقدم منها ينحنى على عقبيه امامها متأملا وجهها عن قرب يلاحظ علامات الاجهاد فوقه وشحوبه الشديد ليهاجمه شعور من عدم لرضا عن رؤيته لحالتها هذه يزعجه بقوة زافرا بحدة لعله يمحو شعوره ذاك قبل ان ينحنى عليها يرفع جسدها بين ذراعيه برقة متجها بها ناحية الفراش بخطوات هادئة خوفا من استيقاظها
لكنها ظلت مغلفة داخل شرنقة النوم لا تشعر شيئ مما يجرى حتى بعد ان وضعها فى فراشهم بحنان ثم يغيب عنها للحظات يعود بعدها الى الفراش ببنطال نومه وصدره عارى يستلقى بجوارها بهدوء يتتطلع الى ملامحها وانامله تتلاعب بخصلات شعرها تبعدها عن وجهها قبل ان يجذب جسدها اليه بهدوء يقربها منه لتسرع هى دون تردد كانها تعلم مكانها اين تتوسد براسها صدره الصلب وهى تضم جسدها اليه متنهدة براحة واستماع جعلته رغما عنه يبتسم ابتسامة صغيرة وهو يزيد من ضمها اليه هو الاخر يغمض عينيه بارهاق مستسلما لسلطان النوم سريعا
تمطلت براحة وهى تحرك راسها متنهدة بنعومة تمرر يدها بإستمتاع فوق وسادتها سرعان ما تحول لرعب حين شعرت بصلابة تلك الوسادة وتقسيماتها تحت اناملها التى من المستحيل ان تصير بها فتفتح عينها سريعا تتسع بصدمة حين وقعت نظراتها فوق عضلات معدته والتى كانت يدها تقوم بتحسسها قبل قليل شاهقة بفزع وهى تحاول التحرك مبتعدة عن جسده لطرف الفراش لكنها فشلت فشلا ذريعا حين جذبتها يده فورا من ذراعيها لتستلقى فوقه بنصفها العلوى وصوته الاجش من اثر النوم يصل اليها ساخرا
: على فين يا مراتى ياحلوة يا مؤدبة كده على الصبح.. ايه شوفتى عفريت؟!
رفعت ليله عينيها اليه تتطلع اليها بتوتر وقلق وهى مازالت تحاول الابتعاد عنه قائلة
: سيبنى اقوم... مش عارفة انا ايه اللى جبنى هنا انا كنتى نايمة على الكنبة
احاطها جلال بذراعه الاخر من خصرها يضمها اكثر قائلا بهدوء غير مبالى متجاهلا محاولتها الفكاك منه
: انتى....اللى جيتى الفجر وقلقتى منامى ولقيتك نمتى جنبى بالشكل اللى شوفتيه ده حتى معرفتش ابعد عنك طول الليل من تكتيفك ليا
كانت ليله تطالعه بذهول عينيها متسعة يظهر عدم تصديقها له فيهما لكن تمالكت نفسها سريعا تهمس بصوت مرتعش متوتر وقد بدء يزحف دفء جسده اليها كنار لاهبة من خلال كفيهاا المستقرين فوق صدره قائلة بتلعثم رغم محاولتها اظهار التماسك
: طيب... انا اسفة... ممكن.... بقى تسبنى اقوم
هز جلال كتفه يهمس بأبتسامة متلاعبة فوق شفتيه
: اتفضلى...انا مش ماسك فيكى على فكرة
توترت ليلة تشعر بالخجل الشديد حين وجدت صدق حديثه فقد اختفى ذراعه من حول خصرها ليصبح فجأة خلف رأسه براحة لا تعلم متى حدث ذلك بينما وهى من تستلقى فوقه بجسدها دون اى تمسك بها من ناحيته لتنهض سريعا بأرتباك مبتعدة عنه ثم تغادر الفراش بلهفة كادت ان تسقطها ارضا تتجه بخطوات سريعة ناحية الحمام ولكن وقبل بلوغها اياه نداها صوته الناعس غير مبالى وهو يعاود النوم على جانبه
: لما تخلصى حمامك صحينى.... علشان اقوم انا كمان استعد... يدوب الحق اسافر انا واميرة بلدهم علشان اكلم خالى فى موضوع جوازنا
وقفت مكانها كمن ضربتها صاعقة تضربها كلماته فى مقتل تسحب منها روحها بعيدا عن جسدها فكل حرف كان يخرج من شفتيه صب فى اذانها كالمعدن المنصهر يثقل جسدها فتصبح جسدا هامدا بلا روح الا من شفاها والتى اخذت تحاول التحرك بلا صوت تشعر بها ثقيلة كالباقى من جسدها حتى خرجت اخيرا منها كلمة واحدة كصرخة متألمة
: هتتجوزها؟!
اعتدل جلال فى الفراش على ظهره مرة اخرى ينظر اليها ببطء وعينه تلتمع بشراسة قائلا بقسوة
: وليه لا..... على ما اظن ده كان بموافقتك امبارح...ولا انا غلطان
وفقت مكانها لاتدرى بأى كلمات تجيبه تتلعثم الحروف داخل جوفها دون ان يخرج منهم شيئا للنور فقد ظنت ليلة امس حين عرضت عليهم ابنه خاله ذلك الامر انه بمثابة شرط تعجيزى منهم لها حتى ترضى بما حدث وتصمت فى مقابل احتفاظها به ليأتى كلامه لها الان ليمحو ظنها هذا تماما فتتكسر الى شظايا حين عاود الاعتدال مرة اخرى على جانبه يغمض عينه وهو يكمل بصوت خشن جاف
: يوم كتب الكتاب ارضك هترجعلك...واظن كده ابقى نفذت طلبك
ليله بصوت خرج اخيرا من بين شفتيها تهمس برجاء منكسر رغما عنها
: بس انا مش عاوزة الارض...انا عوزاك انت
لم يتحرك جلال ابدا كانها لم تنطق بشيئ بل ظل مكانه مغمض العينين لا يظهر عليه اى ردة فعل بانه استمع لها فتعلم انها قد همستها لنفسها كأن كرامتها مازالت لها السلطة العليا على جسدها تتحكم به دون رحمة او شفقة به
*******************
جلست قدرية فى صحن الدار تتناول فنجان قهوتها الصباحى بمتعة وتلذذ بينما نزلت حبيبة تقترب منها حتى وقفت امامها غاضبة هاتفة بحدة
: ارتحتى لما عملتى اللى فى دماغك مش كده ياما
قدرية وهى مازالت تستلذ بطعم قهوتها محركة شفتيها باستمتاع قائلة بعدها بهدوء
: ايوه يا قلب امك ارتحت...ولسه هرتاح اكتر لما الجوازة تتم
حبيبة بذهول وصدمة
: طيب ليه؟ عملتلك ايه الغلبانة دى علشان تعملى فيها كده ما الارض ورجعتك عاوزة ايه تانى؟!
وضعت قدرية فنجان قهوتها فوق الطاولة تهتف بحدة وعصبية تتخلى عن هدوئها
: عاوزة مرات ابن تملى عينى قبل عينه هو...مرات ابن نقاوة عينى ليه...عيلة المغربى خطفت منى الحاجة اللى اى ام تتمناها... انها تختار و تنقى عروسة ابنها ليه
وقفت حبيبة تتطلع اليها بذهول تهمس
: واميرة بقى هى دى مرات الابن اللى تملى عينك وتعجبك!
تراجعت قدرية فى مقعدها تهتف بحزم واصرار
: ايوه ياحبيبة اميرة هى اللى تملى عينى وهتبقى مرات اخوك غصب عن الكل
صرخت قدرية بجملتها الاخيرة لتتسمر خطوات سلمى وزاهية فوق الدرج بصدمة حين وصلهم صوت قدرية الغاضب فتسرع سلمى بالنزول سريعا بعدها فورا تتبعها زاهية هى الاخرى تسأل بصوت مرتعش مصدوم
: مين دى اللى بتكلموا عنها....مين دى اللى هتبقى مرات جلال
عم الصمت ارجاء المكان لا يجيبها احد لتهتف زاهية هى الاخرى
: هو جلال هيتجوز تانى.....مين ياقدرية قولى
أنت تقرأ
وجع الهوي
Romanceجعلوا من رفضه لها مستحيلا حين وضعوا زواجه بها سبيلا لتحقيق هدفه فارتضى بها زوجة فلا فرق لديه بمن تكون سوى انها تحمل مفتاح الطريق لهدفه اما هى فبلا حيلة لا تملك حق الرفض او الاعتراض حتى ولو فرضوها على زوج اوضح الجميع انها لاتستحقه فماذا تخبىء لها ايا...