قصة نوح عليه السلام

36 5 0
                                    

لما رأى إدريس بني قابيل في المعاصي وعبادة الأصنام سأل الله ان يرفعه اليه، وان يطهره من خطاياه فأجابه إلى ذلك، وأوحى الله اليه ان يلازم الهيكل هو وشيعته أربعين يوماً وأوصى إدريس الى ابنه متوشلخ لأن الله أوحى اليه ان اجعل الوصية في ابنك متوشلخ فإني سأخرج من ظهره نبياً يرتضي فعله.

فقيل انه رفع الى السماء السابعة، وأما متوشلخ فأقام مع أخوته وبني أخيه، أمام الهيكل يعبدون الله تعالى والنقباء السبعون معهم ولما رفع الله تعالى إدريس عليه السلام كثر الاختلاف بعده والتنازع وأشاع عليه ابليس أنه هلك، وأنه كان كاهناً أراد الصعود إلى الفلك فأحرق، وحزن عليه ولد آدم المتمسكون بدينه حزناً شديداً، وأظهر ان صنمهم الأكبر أهلكه فزاد في عبادة الأصنام وتحليتها والذبائح لها، وعملوا عيداً لم يبق احد إلا حضره وكانت لهم يومئذ سبعة أصنام يغوث ويعوق ونسر وود وسواع ومزية وضمر

وانقطع الوحي بعد إدريس عليه السلام، ومات أولئك النقباء، فكلما مات واحد منهم صور بنوه وأهله صورته في بيت لهم ليذكروه ويستغفروا له.

وكان متوشلخ أراد طمس تلك الصور فمنعوه، فلما حضرته الوفاة أوصى الى ابنه لمك ومعنى لمك الجامع، وعهد اليه أبوه ودفع اليه الصحف والكتب المختومة التي كانت لإدريس عليه السلام، وكان عمر متوشلخ تسعمائة سنة.

وانتقلت الوصية الى لمك وهو أبو نوح عليهما السلام، وقد كان رأى أن ناراً أخرجت من فيه، فأحرقت العالم ورأى وقتاً آخر كأنه على شجرة في وسط بحر لا غير.

ولما ولد له نوح عليه السلام ذكر العلماء والكهان ذلك للملك يمحويل وعرفوه أن العالم يهلك في زمانه وأنه يكون طويل العمر، وقد كانوا رأوا أنه طوفان يغرق الأرض، فأمر يمحويل أن يبنيا له المعاقل على رؤوس الجبال، بنياناً عاليا ليتحصنوا بها، فعملوا منها سبعة معاقل بعدة الأصنام التي كانت لهم وعلى أسمائها، وزبروا عليها شيئاً من علومهم ويقال إن الملك عملها لنفسه خاصة.

وكبر نوح عليه السلام فنبأه الله عزوجل وهو ابن خمسين سنة وارسله الى قومه، وكان من نعته أنه آدم رقيق البشرة، في رأسه طول، عظيم العينين رقيق الساعدين والساقين، كثير لحم الفخذين طويل اللحية عريضها، طويل، جسيم وكان حياً بعد إدريس عليهما السلام، وهو من أهل العزم من الرسل.

وفي بعض الأخبار أن عمره ألف ومائتين وخمسين سنة، وأنه لبث في قومه يدعوهم الى الإيمان ألف سنة إلا خمسين عاماً كما قال الله تعالى.

وعلى رأس مائتي سنة من عمره هلك يمحويل ملك الكفرة وملك بعده ابنه الدرمشيل، فشدد في عبادة الأصنام، وأعلى أمرها، وجمع الناس اليها، وأخذهم بالتعبد لها، فأظهر نوح عليه السلام دين الله عزوجل، وكان يدور في محالهم وأسواقهم وهياكلهم يدعوهم الى الله تعالى وكانوا يطوون ذلكعن مليكهم، ويزجرون مع ذلك نوحاً ويهددونه، ويهولون عليه، إلى أن جلت قصته، وعظم أمره، وتحاماه الناس، وتخاطبوا في أمره، الى أن وصل خبره الملك فأحضره وأمره أن ينتهي عن إفساد الدين وسب الآلهة، فكان لكل صنم من أصنامهم الكبار عيد في وقت من أوقات السنة يحضرون وينحرون له ويطوفون به، فحضر عيد يغوث، فاجتمع الناس اليه من كل مكان، فأتاهم نوح عليه السلام، فقام في وسطهم وناداهم أن قولوا لا إله إلا الله، فوضعوا أصابعهم في آذانهم، وأدخلوا رؤوسهم تحت ثيابهم وسقطت الأصنام عند ندائه عن كراسيها، فوثبوا عليه فضربوه وشجوه، حتى سقط على وجهه وسحبوه الى قصر الملك حتى ادخلوه عليه، وكان في مجلس مزخرف بأنواع الألوان، وبدائع التصاوير والأصباغ، مفروش برفيع الحرير، على سرير مصفح بالذهب، منظوم بالجوهر.

قِصَّـص الْاَنۢبِيَــاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن