بابا

881 42 0
                                    

مازلت اتذكر ذلك اليوم اليوم الذي رأيت فيه بابا لاول مرة
كنت في الخامسة او السادسة تقريبا
اعيش في ميتم ، و لا اتذكر اي شئ عن اهلي
كان لي صديق واحد اكبر مني بعام ، اعز اصدقائي
كنا نتسلل احيانا خارج الميتم و نعود في الليل أو قرابة الفجر
كل شئ كان في أفضل حال إلى أن تم تبنيه من قبل عائلة اجنبية ، كنت سعيدة من أجله
لكن لن اخفي حزني بأنه سيتركني
في بادئ الامر كان يزورني كل يوم و نخرج و نلعب معا و تعرفت على عائلته انهم لطفاء جدا
استمر هذا الوضع ما يقارب العام حتى قرر اهله في يوم ما العودة إلى بلدهم كنت حزينة للغاية
لكنه اخبرني انه سيعود مجددا و اننا سنبقى اصدقاء و اعطاني قلادة مقسومة إلى نصفين مكتوب عليها BEST FRIEND
اخذ هو نصف و انا نصف و غادر
حتى في عدم وجوده مازلت اتسلل كل يوم خارج الميتم سواء في النهار او في الليل
و في يوم كأي يوم آخر ما يقارب منتصف الليل كنت اتجول في إحدى الاحياء حتى لفت نظري مكان أشبه بالحديقة الكبيرة محاط بسور حجري و مليئ بالاحجار في الداخل و حولها الكثير من الزهور
كان هناك لافتة معلقة على البوابة كتب عليها بالخط العريض ( مقبرة )
سمعت عنها قبلا من شخص ما و تذكرت مرورنا من جانبها انا و بيستي و كان يقول انه مكان سئ
كنت سأرحل لولا سماعي لصوت البكاء و الشهقات المنخفضة ، انتابني الفضول فتوجهت ناحية مصدر الصوت ، كان هناك رجل يجلس امام إحدى الحجارة و هو يبكي بحرقة و يردد كلمتي اسف و انا اخ سئ
لأكون صريحة شعرت بالحزن لاجله راقبت في بادئ الامر حتى وجدته قد كسر المزهرية التى كانت جانب الحجر تحتوي على زهور و كان سيجرح معصمه فذهبت دون تفكير و حضنته
شعرت به تجمد من الصدمة و انا ابتعدت عنه رفع رأسه و نظر إلى كان رجل بالغ يبدو في العشرينات او الثلاثينات من العمر بندبة على عينه و شعر و أعين سوداء ، نظر إلى بتلك الاعين الفارغة
لم أعرف حينها ماذا أفعل او ماذا أقول لكن المطر لخص ذلك المشهد بمشاعر كلانا عندما بدأ في الهطول
نظر إلى بعمق قبل ان يقول ( ماذا تفعل طفلة هنا و في هذا الوقت )
لم اجب فقط ظللت انظر و حسب ، لم ارغب في الاجابة حتى سأل مجددا
( اين هم اهلك )
ذلك السؤال المقيت كم كنت أكرهه
هززت كتفي بمعنى لا اعلم
( هل انت وحيدة )
سأل مجددا و نبرة الحزن في صوته
و انا هززت رأسي للمرة الثانية كعلامة إيجاب
( ما اسمك ايتها الصغيرة )
( كي .. كي .. كيوكو )
( و ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت وحدك )
صمتت الصغيرة مجددا مما جعل صاحب الندبة يستغرب من أمرها، حملها و اخذها إلى مكان يحتمون فيه من الأمطار.
ظلا واقفين تحت إحدى محطات انتظار الحافلات دون نطق اي كلمة في انتظار توقف المطر
بعد فترة ليست بطويلة و بعد يأسه من توقف الأمطار ، ذهب صاحب الندبة ليجري اتصالا و مازالت الفتاة الصغيرة واقفة تراقبه و حسب و هو ينظر إليها بطرف عينه .
عاد بعد ثواني ليجلس على كراسي الانتظار و يحملها لكي تجلس بجانبه
( إذا ، كيوكو الصغيرة هل انت تعيشي وحدك )
( لا انا ..... اعيش في ميتم الزهور )
( هكذا إذا ، حسنا انا الان اتصلت بصديق لي ليأتي و يأخذني ، لأن الأمطار لن تتوقف قريبا ، فما رأيك أن تأتي معي الليلة لمنزلي و غدا أعيدك للميتم )
( لا )
صرخت به الفتاة بصوت عالي نسبيا و فيه نبرة القلق
( لا تخافي لن افعل شيئا ، انا لست شخصا سيئا )
( لا علي العودة الليلة )
( لما )
( سأعاقب إذا علموا بأنني خرجت )
( لا تخافي لن يحصل لكي شيئ )
( لا ارجوك ... انهم ... لالا فقط اعدني او اتركني سأعود وحدي )
صمت ساد لثواني حاول بعده الرجل تخفيف الجو المتوتر بتغيير الموضوع
( حسنا إذا ، كم عمرك ايتها الصغيرة )
( ست سنوات )
( ستة إذا انت كبيرة و هل عندك اصدقاء )
( لا ليس لدي ، كان عندي صديق واحد في الميتم ولكن تم تبنيه و سافر بعدها )
( اها ... و ماهذا ارى ان لديكي قلادة جميلة )
( شكرا ، انها هدية من صديقي قال بأننا سنلتقي مستقبلا ما دمنا نرتديها )
( يبدوا ان صداقتكما قوية جدا .. امل ان تلتقيه مجددا ..حسنا لقد أتى صديقي تعالي لنوصلك )
( حسنا )
توقفت سيارة رياضية سوداء بزجاج مظلم فتح لي السيد اللطيف الباب الخلفي و صعد هو في الأمام

حال صعودي نظر لي شاب يبدو أصغر سناً من السيد اللطيف كان له ندبة على طول رأسه حتى عينه و خده و عينه بيضاء نوعا ما كان غريبا لاكنه يبدو لطيفا خاصة بشعره الاسود
( كيوكو الصغيرة هذا صديق لي و اسمه كاكوتشو )
( اهلا كيوكو الصغيرة )
( اهلا سيد هرة تبدو لطيفا )
( اه شكرا ) قالها بأحمرار واضح على خديه حتى أذنيه
( اذا اين يقع الميتم )
( انه في ........)
( هل هو ميتم الزهور )
( نعم سيد هرة )
( اتعلمين عندي صديق يعمل هناك)
( حقا )
( و بما أن الجو ممطر و الارصاد تحذر من عاصفة الليلة فما رأيك أن تبقي معنا الليلة و سأحدثه بشأنك،  ما رأيك كي الصغيرة)
( لا ادري الخروج من الميتم بعد الغروب ممنوع و انا كنت اتجول ليلا ، لكنك قلت أن الجو سيكون خطيرا )
( لا بأس هي ليلة واحدة فقط)
( و سأعطيك بعض من الشوكولا الساخنة في البيت ما رأيك)
لمعت أعين كيوكو حالما تم ذكر الشوكولا الساخنة فهي تحبها و تذكرها بصديقها
( موافقة )
ضحك الاثنان في المقدمة على لطافة و برائة كيوكو او كي الصغيرة كما سمياها
( لو كنت اعلم ان الشوكولا الساخنة ستغير رأيك كنت لاعرضها عليكي منذ وقت طويل )
اشتدت العاصفة و أصبح الجو عبارة عن امطار تنزل خيوطا من السماء و رياح عاتية في مقدورها قلع الاشجار من جذورها و اصوات الرعد تهز أوصال ساميعيها
في هذه الاثناء كانت كيوكو الصغيرة تستمتع بشرب الشوكولا الساخنة مع بعض الكوكيز بينما تشاهد برامج الاطفال
( هل أعجبك الطعام كي الصغيرة )
( نعم انه لذيذ ، شكرا لك ..... صحيح المعذرة ولكن نسيت أن اسئلك عن اسمك )
( اه اسف هذا خطئي )
( اذا الن تخبرني )
( اه صحيح ، اسمي هو تاكايومي )
( سررت بمعرفتك تايومي )
( و انا كذلك كي الصغيرة )

.....................................................................................................................................

بعد ذلك اليوم أصبحت ارى تايومي كثيرا جدا
فزيارة الميتم أصبحت عادة يومية له
و احيانا ارى معه السيد هرة
و احيانا اخرى ماكان يأخذني الي أماكن جميلة كالحديقة و الشاطئ و مدينة الألعاب
و كان يحظر لي الألعاب و الحلوى و احيانا الفساتين الجميلة كلما كان يأتي
بعدها بعدة اشهر او سنة تقريبا لم أعد اتذكر تغير كل ذلك

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

في يوم بينما كان تاكايومي ذاهبا الي الميتم كالمعتاد رفقة كاكوتشو
( هل انت متأكد من ذلك )
( قراري سيظل كما هو و لن يغيره شئ )
( فقد ماذا سيظر ان اعدت التفكير قليلا )
( و ماذا سيظر ان بقيت على قراري ، انت اكثر من يعرف كيف تكون الحياة داخل الميتم )
( اعلم ولكنك تزوروها كل يوم و تحظر لها كل شئ قد ترغب به فلما ترغب في تبنيها )
( أريدها ان تكون ابنتي )
( حقا انت حتى لم تتزوج )
( و ما علاقة هذا في ذاك )
( اعني ، لا اعلم أفعل ما تشاء ، لكن الن يكون ذلك خطرا عليها )
( ستكون في امان فلا داعي للقلق سيد حنون )
( هي لا تناديني هكذا )
( نعم قد نسيت انت سيد هرة . ههه )

لكن ما لم يتوقعاه هو ما سمعاه تاليا عند دخولهما مكتب المديرة
( كيوكو اصيبت في رأسها و أثناء لعبها و هي الان في المشفى )
( ماذا )
هذا كل ما نطق به الذان الان يجريان بأقصى سرعتهما للوصول لغرفة كيوكو
حتى لمحى الطبيب خارج منها لينهالى عليه بالأسئلة
(  كيف حالها أيها الطبيب هل هي بخير )
حاول كاكو ان يسأل الطبيب في هدوء
للأسف ان حالتها ....

يتبع

 عائلة اكاشيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن