من أنا ؟

67 3 2
                                    



كنت دائما ما اتساءل هل انا الفكر؟ هل الصوت الداخلي هو صوت نابع من القلب؟ و في كل مرة كان الأمر يزداد تعقيدا فشخصية الأمس لم تعد موجودة اليوم و شخصية اليوم لن تعود موجودة غدا... لم كل هذه الانفصالات و هل هذه الانفصالات حقيقية ام انها مجرد وهم من العقل؟ اين انا الحقيقية من بين كل هذه الانفصالات؟
راودتني الشكوك من كل جهة و حاصرتني افكار لا متنهية كشخص هرطقي ضمآن لمعرفة الحقيقة، تركت كل شيء خلفي
و من هنا بدأت رحلة البحث عن نفسي عن ماهية من أكون، شرعت بقراءة العديد من الكتب منها الفلسفية ، الصوفية و كتب علم النفس الى ان توصلت ان الصدمات النفسية  و العاطفية لها تأثير على صوتنا الداخلي و نظرتنا لأنفسنا و للآخرين و ان العقل هو اكبر عدو للإنسان بإستطاعته ان يجعلك خادما اسيرا له سيزجك داخل زنزانة العبيد،  فلا تستهن بقدرات عقلك
و بالأخص العقل الباطن فهو بمثابة صندوق اسود يخزن كل ملفات حياتك سيظل يلاحقك الى ان تقرر العبث في ماضيك وترميم تلك الملفات و هذا مايسمى في علم النفس "التشافي"
و في ديننا الاسلامي "التزكية".
    عملية التشافي تتطلب وقت و صبر و جهد لن يكون البساط الاحمر ممهدا لك ستجتازه إلا اذا كانت روحك فعلا شجاعة لمواجهة وحوشك الداخلية
و برمجياتك التي لاتخدمك و مع كل مواجهة سترى النور و ستبدأ انفصالاتك بالتلاشي شيئا فشيئا إلى ان تتصل بأناك العليا الفطرية الحقيقية المحبة للجميع المتصلة بالخالق التي لاتعرف حقدا ولا كرها ولا كذبا لايهمها رأي الناس فهي تستمد قيمتها من المصدر، ستسترجع براءتك التي فقدتها يوما ما، طفلك الداخلي الآن هو بانتظار ان تعود إليه و تحضنه أن تشعره بالأمان و الحب الذي انحرم منه أن تشعره أنه مسموع و محبوب
و مرغوب...
    نسمع من الكثيرين يقولون انا احب نفسي انا اعشق تفاصيلي عن اي حب تتحدثون هل جلست يوما مع نفسك جلسة صدق و اختليت بها ام انك تلعب لعبة المطارد و الهارب الذي يقضي اغلب وقته في المشتتات و الشهوات لايعرف حتى التعامل مع مشاعره فيلجأ لتخديرها بمسكنات مؤقتة و مع كل جرعة اعتبرها منفذا زادت الطين بلة ليس إلا.
    لايمكنك قول أنني اعرف الخالق حق معرفة إن لم تكن فعلا غصت داخل اعماق نفسك و أزحت الشوائب عنها و في خضم ذلك لايمكنك أن تحب شخصا حبا غير مشروط ستظل تسقط عليه أحكامك على نفسك و تراه بعين عقلك لا بعين روحك طالما العقل هو المتحكم.
تجرد عن ماعلموك إياه تخلى عن ماتعرفه و ابدأ رحلتك. اطلق العنان لحريتك بعيش حقيقتك، لن تصل لنقيض الشيء و أنت في حالة صراع ومقاومة تقبل ظلامك و انسانيتك و اقر بوجودهما لتنعم بنورك.

للتفكر و التمعن:
وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) -سورة الذاريات-
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) -سورة الشمس-
لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) -سورة ق-
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) -سورة الحشر-
أولا على المرء ألا يبدأ بحب نفسه، لأنه يجهل حقيقة من هو...فمن سيحب إذا؟ -أوشو-
من عرف نفسه عرب ربه -الإمام علي بن أبي طالب-
و تحسب أنك جرم صغير و فيك إنطوى العالم الأكبر -الإمام علي بن أبي طالب-
وجودي فيك مفقود...أنا في فقدي وجودي -الحلاج-
الذين يحملون كتلة ألم كبيرة غالبا ما يحظون بفرصة أكبر للإستيقاظ روحيا
-جلال الدين الرومي-
تذكر دائما أن كل شخص تقابله هو كون واسع لاتعلمه و مهما صنفته بناء على عمله او جنسه أو مظهره و اي ما كان تراه منه، فهناك الكثير ماتجهله عنه، مايؤمن به و مايشعر به حينما يكون لوحده، و مايفكر به ليلا الكثير الذي يجهله حتى هو عن نفسه -سوفرس-
لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه لرأى عدل الموازين الباطنية برغم إختلال الموازين الظاهرية و لما شعر بحسد ولا بزهو ولا بغرور -مصطفى محمود-
أنت حر .. وحياتك مغامرة .. وغدك مجهول، أنت الذي تقيم أصنامك، وأنت الذي تحطمها .. فامض في طريقك ولا تنس هذه الأمانه التي تحملها على كتفيك"الحرية" -مصطفى محمود-
يعرِف معجم كامبردج على أن الطفل الداخلي جزء لايتجزأ من شخصيتك بل لايزال يتصرف و يشعر و كأنه طفل.
انتهى المحور الأول 3>

الصِراط حيث تعيش القصص. اكتشف الآن