Avelos babies: High twins

15

تظافر ظلام المساء الدامس مع رياح قوية هبّت من الجنوب، وعدا عن صفير الطبيعة لم يُسمع في المكان بأكمله صوت، وحتى الهمس لم ينجح في التسلل من أفواه الأشخاص الذين اتخذوا من الليل ستاراً ومن الشجيرات رغم صغرها مخبأ يقيهم أن يُكشفوا أمام الطرف المقابل.

على بعد عدة أمتار من المكان -وتحت ظلمة الليل- اصطفت السيارات العائدة في ملكيتها إلى الفرقة الأمنية، وكانوا قد وصلوا نصف ساعة تقريباً قبل الموعد المحدد، ترجلوا مسافة معينة ليستقروا أخيراً هاهنا متوزعين بخط أفقي بحيث يفصل بين الاثنين منهم خمسة إنشات أو نحو ذلك؛ مقررين التزام الصمت التام وإبقاء التواصل بحدوده الدنيا.

بأعين متسعة عن آخرها قد راقبوا الظهور المرتقب لأفراد العصابة -والذي كان على النقيض من أي توقعات رسموها وظنّوا أنّهم استعدوا لها- وشيئاً فشيئاً قد بدأ الارتياب في التسلل إلى أبدانهم يجعلها عاجزة عن الإتيان بأي فعل سوى عن قشعريرة لاإرادية وغير مألوفة بالنسبة لمعظمهم.

عقل القائد قد فاز بالنصيب الأكبر من غيوم التوتر الناشئة للتو، وعبثاً أخذ يحاول الموازنة مابين خياراته الممكنة.

من ناحية، أقلقه الطنين الداخلي لصوت مُحذّر يخطره بوجوب الانسحاب الآن وحالاً، فربما ما يزال مخبأهم محصن...

ومن الناحية الأخرى، توتر القائد يعمّه الخوف على مصدر المعلومة التي اتضح الآن فقط أنّها خاطئة.

أيستطيع الهرب مخلّفاً شبله الشجاع ليواجه مصيره بمفرده؟

مخاوفه بشأن الوضع الحالي للأصغر تكافح لتثبت وجودها منذ بعض الوقت، ولكنه لا يسمح لها بذلك الآن...

وماذا عن سائر أبطاله المتبقين؟

ماذا عن فرخه الذي ينتظره بأمل في المنزل؟

وابل من الرصاص قد فُتِح عليهم من كل الاتجاهات أعاق دماغه عن التفكير كلياً، للأسف الفكرة الأخيرة عن طفله علقت بداخل رأسه تتكرر مراراً جاعلة من الحرارة تتصاعد في جسده بوتيرة مجنونة.

الأنين المكبوت من مرؤوسيه حوله قد من وقع الأمر سوءاً.

الأنين تحول تدريجياً إلى صرخات متألمة مفزوعة، ربما أدرك جميعهم بحلول هذه اللحظة أنهم مكشوفون كشجرة في الشتاء أمام مهاجميهم المستميتين على ما يبدو في حربهم الشعواء من طرف واحد.

أجال غابرييل نظراته المحمومة في الأرجاء ممسكاً سلاحه الآلي حينما تمكن أخيراً من القبض عليه في وسط تشوّشه وارتباكه.

في تلك اللحظة بالتحديد قد لاحظ الرجل اثنين من رجاله يطلقان الرصاصات البطيئة نسبة لرشاشات عدوّهم، فقط قبل أن يُرديا قتيلَين أمامه في مشهد بدا له بعيداً بحيث لا يستطيع أن يجزم يقيناً أنّه موجوداً بداخله حتى...