أمام المرآة يداخل حجرة استحمام صغيرة وقف روز يبدو على هيئته الكبر الذي عزّزته لمحة الشقاء الواضحة بشدة في ملامحه، دموعه في محجريه تجمّدت وما يبكيه يتكرر في ذهنه بإيقاع مُوجع، الذكرى المريعة شامخة في رأسه وكذا ما حملته من مشاعر مقيتة، وكفّه لم تُزح عن قلادته الثمينة؛ الصوت الصادر عنها كفيل ببقائه حتى هذه اللحظة دون أن يفقد آخر ذرة من إدراك تحصّل عليها يوماً.
حينما تناهى لمسمعه ضجّة خافتة يعلم مَن مُفتعلها، سارع بكفكفة دموعه يرش المياه فوق وجهه بنيّة تمويه لحظة ضعفه السابقة، وهو استنتج فشله الذريع فقط بالنظر إلى أمارات الشفقة التي أبداها الدخيل قبل أن يشرع في محادثته عمّا سمعه من ألسنة سكان الحي.
«هو أقسم إنّه لم يتعمَّد طردك، ولكنه كاذب».
اكتفى 53 بالهمهمة تأييداً لادعاء صديقه الذي اقترب منه على حين غفلة يضمّه لصدره قبل أن يتابع بنبرته المطمئنة المكتسبة: «غداً أو بعد غد، سينسى الجميع الأمر، وستعود النجوم لمواقعها».
انتفضَ الروز الحزين يبتعد عن رفيقه نافياً بلهجة تعمّد تشديدها: «هل تقول إنّ ابني سيصبح طيّ النسيان؟ هذا محال! في كل دورة استئناف سأعيد فتح القضية حتى النجاح. عزيزي يهاب الوحدة».
في النهاية هو جذب كفّ الآخر يقودها نحو قلادته وراقب بلهفة تغير تعابير صديقه عند استشعاره للحياة النابضة في رحاها.
«أتسمع طرقات قلبه؟ هو يناديني لأنقذه ولن أخيب أمله! أبداً».
فجأة شعر الروز المتكلِّم بساقيه تهتزان بعنف يتصاعد تدريجياً، فناظر أليفه بخوف كاد يغطّي على حزنه، وبينما يشاهدان الأشياء تتساقط ويسمعان أصواتاً مرعبة غريبة لا يفقهان مصدرها بالتزامن مع صيحات الاستجداء الآتية من الخارج، أطلقا ساقيهما للريح من دون وعي بينما يرددان عبارات تهوّن عليهما كربهما.
في عرض الطريق تجمّع حشد من الناس مهوِّل سرعان ما أخذ بالتناقص إلّا ثلة من المتجمهرين، كان من ضمنهم 53، صديقه القصير، والطارد الكاذب من وقت مبكر من ذلك اليوم والذي تجهّم على الروز الفاقد لابنه ما أن لمحه، فأخذ يسرد عليه تراكيب غريبة مصاغة بعجل توحي باعتذار لم يسع السامع معه سوى أن يومئ بقوة مربتاً على كتف المعتذر يمواساة يخبره أن لا بأس.
حينما اطمأن الروز إلى سماح مَن تجرأ على ظلمه لعيب وخطأ ليسا فيه استهدى أخيراً إلى الزر المضغوط في معصمه يستخدمه من فوره يتبع بفعلته هذه العديد من المنكوبين المتواجدين حالياً في فقاعات آمنة مجهّزة مسبقاً تحضيراً للحوادث المشابهة.
في الجهة الأخرى تبادل الصديقان نظرات الوداع قبل أن يلتفت الروز القصير مشيحاً بعينيه الدامعتين عن صديقه، ينتقل من فوره نحو موقع أكثر ضرراً تم تحديده آلياً.
أنت تقرأ
Avelos babies: High twins
Fantezieبقلمي: ꪜꪖ᥅᥅ꪗ خيال فانتازي & خيال علمي التصنيف العمري: +16 جميع الأطفال في جميع الأزمان يسببون التغيير في عائلاتهم أطفال كوكب أفيلوس غير مستثنين من هذا. للتمتع بالعمل بلا اتصال، اتبع روابط التحميل المباشر المرفقة بالفصول. الغلاف من تصميم فريق تصميم ت...