رحلة لم تكن هادئة

1 0 0
                                    

الحلقة الاولى من روايتي ( جبال اوقاسيون )

الشمس اوشكت على المغيب و ما هي الا لحظات قليلة و سوف يحل الظلام ! علي الاسراع في ايجاد مأوى قبل ان يظهر ذلك الشيء مجددا .. فأنا لا اعلم موعد ظهوره  و لكنه في العاده يخرج عندما تغيب الشمس .. بدأت بالركض بأقصى سرعه و نظري معلق في كل الاتجاهات  خوف و برد و قلق !!  مشاهد تتكرر يوميا مع  مشاعر متضاربة ..  اصبحت اعاني نفسيا و جسديا في محاولة اخيرة للصمود و البقاء حيا في تلك الصحراء !! لم استطع تجاوز الامر رغم كونه قد حدث منذ مده ..   فما حدث معي لا ينسى ..
بدأت القصه عندما قررت مع اصدقائي الذهاب في رحلة الى قلب الصحراء ..   حزمنا امتعتنا و انطلقنا بسيارتي رباعية الدفع ..  كنت انا السائق و كان  بجانبي صديقي عمر مرشدنا في الصحراء  و في الخلف ( هيثم و محمود ) كانت رحلة طويلة و لكنها لم تخلو من المرح .. كان الكل يرقص فرحا مع صوت المذياع !! استمرت رحلتنا قرابة ال 4 ساعات .. ليقطع انسجامنا صوت قد اتى من اسفل السيارة .. نظرت  الى اصدقائي  ثم قلت لهم : لابد و انه صوت الرمال و هي تلامس ارضية السيارة ..  كان عمر ينظر الى هاتفه النقال مشيرا بأصبعه بأتجاه اليمين .. كنت اقود وفقا لتعليماته حتى وصلنا  بعد رحلة استمرت 7 ساعات !!!
بدأنا في نصب الخيمه  فالنهار على وشك الهروب .. قام هيثم و بمساعدة محمود بأشعال النار ثم انطلقا للبحث عن بقايا فروع لأشجار ميته من اجل ان تصمد النار لوقت اطول .. مع انني كنت واثق ان محاولاتهم سوف تبوء بالفشل .. فلا يبدو ان هنالك اي نبات يستطيع الصمود في هذا المكان !!!
نظر عمر الى ثم قال : أحمد هل تفقدت اسفل السيارة ؟!
قلت له : لا تقلق يا عمر فسيارتي من النوع الذي يتناسب مع هكذا تضاريس .. من جهة كنت احاول طمأنة عمر و ازالة قلقه و من جهة اخرى بدأت انا من يشعر بالقلق .. توجهت نحو السيارة يا إلهي هنالك رائحة وقود تفوح منها !!  نظرت اسفلها و هنا كانت الصدمه .. انه خزان الوقود .. هنالك تسريب للوقود من ذلك الخزان !!! نظرت الى عمر ثم قلت له : يبدو اننا في ورطة يا صديقي .. كان الضرر جسيما اسفل السيارة و لا يمكن اصلاحه .. بدأ التوتر يسود الاجواء خصوصا و ان الليل قد انزل ستائره و مازال المشهد قلقا هو عدم رجوع (هيثم و محمود ) بدأنا بالنداء عليهم اكثر من مرة و لكن لا احد يجيب .. عمر لديه هاتف يستطيع الاتصال بواسطة الاقمار الصناعية .. اتصل على خدمة الطواريء و التي بدورها قالت لنا : لقد حددنا موقعكم سوف نرسل لكم فرقة الانقاذ  فور شروق الشمس .. عم الهدوء بعد تلك المكالمه ..   اخرجت حقيبة السكاكين و عدة الشواء ثم بدأت بتحضير وجبة العشاء و عمر بدوره قام بأشعال مصباح كهربائي صغير  مستخدما بطارية السيارة .. كانت الاجواء رائعة رغم كل ما حدث .. اللحم بدأ يستوي شيئا فشيئا .. و في وسط كل هذا عاد الغائبان ( هيثم و محمود ) كانت وجوههم شاحبة لم ينطق اي منهم كلمة .. تناولنا العشاء سويا .. كنت استرق النظر بأتجاه هيثم و محمود اللذان كانا ينظران لبعضهما البعض و يبلعا ريقهما اكثر من مرة  .. تكرر سلوكهما هذا كثيرا  .. لدرجة انهم استفزو فضولي فوقفت قائلا : ما خطبكما ؟! هل تحاولان بث الرعب في نفوسنا .. كفاكم مزاحا !! لما تتصرفون هكذا؟ و ما المقصود بنظراتكم تلك ؟!  نظر هيثم الى محمود ثم قال : هل نخبرهم بما رأيناه ؟! فأجاب محمود : لا داعي لأخبارهم .. لن يصدقنا احد !! قلت لهم و انا مبتسم : لقد نجحتما في اخافتنا حقا تمثيلكم كان رائع لم اشك للحظه في اداؤكم المبهر .. لديكم مستقبل واعد جدا .. نظر هيثم لمحمود مجددا ثم قال : سوف اخبرهم .. لن اعيش ذلك الرعب لوحدي !!!!!!  بينما كنا نبحث عن اغصان الاشجار تعثرت قدمي و سقطت لم يكن هنالك اي شي .. كانت الرمال هي من اسقطتني .. او هذا ما اعتقدته حينها !! وقفت ثم واصلت المسير ليتكرر تعثري و سقوطي مرة اخرى !! نظرت بأتجاه محمود ثم قلت له : هنالك امر مريب في تلك الرمال !! اجابني محمود قائلا :  لا تتوهم يا صديقي لابد و انك قد وقفت على رمال متحركه .. فهذا النوع من الرمال يوجد في الصحراء و نحن في قلب الصحراء مختتما كلامه بضحكه اشعرتني بالطمأنينه .. تكرر مشهد السقوط مرة اخرى و لكن هذه المرة لم اكن انا .. كان محمود .. قلت له و على وجهي علت ابتسامه صفراء  : انها الرمال المتحركه اليس كذلك ؟!
لم ينطق محمود بكلمه واحده  .. نظر الى الاسفل ليجد يدين سوداء اللون تمسك بقدميه ثم بدأت بسحبه الى الاسفل !! بدأ بالصراخ بعلو صوته .. حاولت مساعدته و لكن دون جدوى كان ذلك الشي قويا لدرجة ان محمود اخذ يغرق شيئا فشيئا داخل تلك الرمال .. استمرت معاناتنا قرابة الساعه ثم انتهى كل شي !! اخرجت محمود بصعوبة شديده و عدنا بأقصى سرعه و ها نحن امامكم الآن ..
نظرت بأتجاه عمر و الذي بدوره لم يستطع ان يتمالك نفسه هو الاخر !! نوبة من الضحك الهستيري استمرت لدقائق ثم قلت لهم  : من اللي الذي قام بتأليف و اخراج هذا الفيلم ؟! اسلوب قديم لأثارة الرعب !!  عليكما ان تكونا اكثر ابداعا في المرة القادمه ..
وقف هيثم ثم قال : لن تكون هنالك مرة قادمه يجب ان نترك هذا المكان على الفور .. هنالك مخلوق غريب لقد رأيناه بأعيننا .. يداه كبيرتا الحجم .. نحن لا نختلق الاكاذيب انها الحقيقه !! نظرة خاطفه بأتجاه عمر تلتها ضحكة ممزوجة بالدموع .. كفاكم مزاحا !! ذهبت بأتجاه السيارة اخرجت ورق اللعب من صندوقها الداخلي ..  جلست بجوار عمر  و بدأت بتقليب الورق و ممارسة بعض الحيل السحرية ثم طلبت من الخائفان مشاركتنا اللعب .. رفضا ذلك .. صعدا الى داخل السيارة و اغلقو جميع ابوابها .. بقيت انا و صديقي عمر نتسامر طيلة الليل .. حل الصباح و بدأت الشمس تداعبنا بخيوطها الذهبيه معلنة عن موعد شروقها .. لم يغمض لنا جفن لا انا و لا عمر .. كنا ننتظر قدوم حرس الصحاري .. مر الوقت سريعا و لم يأتي احد !! اصبحت الشمس عمودية لقد انتصف النهار .. دخلنا الى الخيمه .. اخرج عمر هاتفه ثم قام بالاتصال بخدمه الطواريء .. معكم موظف خدمة الطواريء ما المشكله .. بدأ عمر كلامه قائلا : نحن عالقون في ......... الو الو الو   يا إلهي لقد نفذت بطارية الهاتف ..
قلت له اذهب الى السيارة و ضع ذلك الهاتف على الشحن و اعد الاتصال مجددا .. و بالفعل توجه عمر بأتجاه السيارة و التي كان بداخلها هيثم و محمود .. اخرج جهاز الشحن و قام بشحن الهاتف و لكنه لم يستجيب !!!!
قام بنزع الشاحن و تركيبه مرة اخرى و لكن دون فائدة .. بدأ بنفخ مكان الشحن اكثر من مرة  .. قام بتركيب الشاحن و النتيجة واحده في كل مرة الهاتف لا يستجيب !! التوتر يسود الاجواء مرة اخرى ... بدأت بالتحرك جيئة و ذهابا ثم نظرت اسفل السيارة ..  في الليلة الماضية لم استطع تحديد سبب التسريب في خزان الوقود لأن الظلام كان شديدا و لكن ما ان نزلت اسفل السيارة ليبدأ قلبي بالخفقان بشده ... لما يكن التسريب محظ صدفه .. بل بفعل فاعل !!!

يتبع 》》》》》

جبال اوقاسيونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن