تلك الطرقات الحازمة لأحذية ميري، كأنها لطمات على وجه الأرض الصخرية، أيقظت كل حواسه التواقة للفرار، لكن إلى أين؟
عيونه زائغة النظرة، وصوت خطوات عسكر السلطة يقترب، دالا على وصولهم الوشيك لموضعه، لكن في لحظة اليأس، جاءه الفرج من حيث لا يحتسب، فقد سمع صوت انفراج باب، تسلل منه شبح للخارج مهرولا، مبتعدا في خفة، استغل هو الفرصة، واندفع بالمثل كما السهم، صوب ذاك القنديل المسرج، الذي يحمله مودع الشبح الفار، ليجد نفسه، داخل الدار، دافعا بجسد شخص ما، ليتسنى له غلق الباب خلفه، حمد الله أنها امرأة، التصق ظهرها بالجدار خلفها، مضغوطة إليه بفعل جسده، وكفه الضخم يغطي معظم وجهها، خوفا من صرخة قد تطلقها، يضيع معها، كل أمل له في النجاة.
اقترب وقع الأقدام الحازم، وتلاقت عيناهما، من خلف لثام الوجهين، فكانت شرارة، أشبه بقدح حجرين جافين، منذ عصور التيه الأولى، لا يعلم كم غاب وعيه اليقظ، سارحا في تلك النظرة المذعورة، التي طلت من عينيها الكحيلتين، إلا إنه استعاد زمام الوعي الشارد سريعا، مدركا أن القنديل الذي ما زال بحوزتها، مسرج، أزاح بعض من لثامه، لينفث فيه بقوة مطفئا جزوته، لتعم عتمة ساكنة، لم يبدد وحشتها، إلا ذاك القرب المؤنس منها، والذي أدركه جسده الرجولي، رغم استيقاظ كامل حذره، لعسكر السلطة، الذين مروا بهم اللحظة، واستكملوا طريقهم، ليعود كل شىء لسكونه، إلا صدره، الذي عربد فيه قلبه، بطرقات جنونية على بوابات الصدر، طرقات لا دخل لها بالخوف مطلقا، ما دفعه ليؤثر السلامة، مبتعدا في بطء متثاقل عنها، محذرا في نبرة عميقة، خرجت مخالفة تماما، لطبيعة صوته الأجش: إياكِ والصراخ، فيه موتكِ.
#نبوت_وسيسبان
#بنت_جاويش
#إبداع_للنشر_والترجمة_والتوزيع_قاعة٢_جناحB15
#معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب
أنت تقرأ
نبوت وسيسبان
Espiritualصراع أبدي، معركة من نوع خاص، درب وعر، مطايا عرجاء، والوسيلة هي عين الغاية، والجائزة الكبرى، لن تكون في متناول الجميع، فهل سيكون هو يوما، من الفائزين!؟