الأوروبوروس

70 6 7
                                    


"المرجو منكم الحفاظ على الهدوء. رجاءا اتبعوا إجراءات السلامة و لا تتدافعوا. "

صوت الصراخ لسكان المبنى ذي الأربع طوابق يعلو المكان. منظر العائلات تهرول نازلة الدرج يشبه لقطة من لقطات فيلم نهاية العالم حيث الجموع تفر هاربة من هجوم زومبي مباغث .

تكرر النداء من مكبر الصوت المعلق في ركن علوي من كل طابق. صوت المتحدث يبدو لرجل في الخمسينات. صوت ذو نبرة حازمة و هادئة في آن واحد :

" ستتدخل السلطات في الحال لإيقاف الحريق في الشقة 18. إلى ذلك الحين، رجاءا فليتجمع السكان بعيدا عن مدخل المبنى. فلنتعاون لنفسح المجال للسلطات لكي تقوم بعملها. شكرا لتفهمكم. "


دقائق معدودة حتى وصلت سيارة الإسعاف و شاحنة المطافئ. اقتحم رجال المطافئ المبنى واحدا تلو الآخر . كل فرد فيهم وقف في زاوية من طوابق المبنى الثلاث لتأمين السلامة، أما الأغلبية الآخرين فقد أكملوا ركضهم مارين على الشقق الخمسة ليصلوا بعدها إلى نهاية الممر حيث تتواجد الشقة 18.



" يا إلهي . ما الذي يحدث ؟ "

سألت إحدى النساء المارات قرب المبنى أحد السكان الذي يحضن زوجته و طفله ذي السبع السنوات.

" نحن أيضا لا ندري. لقد كنا نتناول العشاء عندما سمعنا صوتا مشابها لانفجار. ثوان بعدها حتى انتشرت رائحة دخان كثير و النيران صارت بعدها تلتهم الشقة 18"

" كم هذا مخيف "

علقت المرأة.

" ماذا عن سكان تلك الشقة ؟ هل هم بخير؟ "


رد الأب و هو يحضن ابنه بقوة " لا ندري. يُقال أن الشقة مستأجرة و لكن شخصيا لم ألتق مطلقا بصاحب الشقة. نتمنى أن تكون فارغة ، إذ أشك أن ذلك الحريق سيترك شيئا واحدا سليما في تلك الشقة"


" عزيزي، انظر هناك. لقد خرجوا"

قاطعت الزوجة حديث زوجها و هي تشير إلى باب مدخل المبنى.


تجمع حشود السكان بسرعة بجانب سيارة الإسعاف و هم يحدقون بأعينهم المترقبة إلى رجال الإطفاء الذين يدفعون في سرير متحرك شخصا. لم يستطع أحد لمحه إذ أخفى رجال الإطفاء ما تبقى من جسد ذلك الشخص المجهول بلحاف أسود.


" إنها جثة! "

" أ ذلك صاحب الشقة 18؟ يا له من مسكين! لم ينج إذن "

" سمعت من صاحبة الشقة 7 أنه لم يسبق لأحد أن قابل صاحب الشقة 18. أ يعقل أنه كان من النوع المنعزل ؟ "



ظهر رجل قصير القامة خلف سيارة الإسعاف و راقبه السكان يتحدث لبرهة مع رجال الإطفاء قبل أن يغادروا.

التف حوله السكان ليلقوا عليه جبالا من الأسئلة التي لا تعد و لا تحصى حول الحادثة المؤسفة.


" رجاءا التزموا الهدوء. بصفتي صاحب المبنى، سأجيب على جميع أسئلتكم. "

نطق نفس الصوت الذي كان يردد النداء قبل قليل عبر مكبرات الصوت.

"... و لكن قبل ذلك"

أكمل صاحب المبنى

" هل رأى أحدكم صاحبة الشقة 17 ؟ "


التف السكان حولهم و بدؤوا يتهامسون فيما بينهم. أجابت أحد النساء في الجموع :

"التقيت بها قبل ساعة في الدرج. يبدو أنها كانت عائدة إلى شقتها

أكملت المرأة بنبرة قلقة:

" لقد كنت أبحث عنها طوال هذه المدة بأعيني لكنني لم ألمحها. هل تلك الشابة بخير ؟ "


أخذ صاحب المبنى شهيقا ثم زفر، ليرد بعدها :

" انتقلت النيران إلى الشقة 17 لكن ليس بسوء الشقة 18. لذلك اقتحم رجال الإطفاء شقة الآنسة خوفا على سلامتها"


" يا للهول. هل تأذت؟ أ يعقل أن تكون هي من أخرجوها ..."


قاطعها صاحب المبنى:


" كلا. لم تكن هي. و لكن يبدو أن الشرطة ستكون مهتمة في العثور عليها في أقرب وقت ممكن "




☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆



To be continued...



تعليقاتكم مرحب بها !!

بعد غياب أربع سنوات بعد نجاح رواية بلانكا ، أتمنى أن تحصد هذه الرواية كامل تشجيعاتكم .

و في المقابل، سأستمر في إظهار المزيد من الروايات التي ، و بإذن الله ، لن تخيب أملكم ^^ ♡

Inside You  | بداخلكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن