ألا عودي

331 2 0
                                    


ألا عودي فقدْ تعبتْ جُهودي
وضاقَ العيشُ في وسط القــرودِ

بكى الإبداعُ في وطني سنيناً
وسالَ الدّمعُ منْ فوق الخُــدودِ

وطلّقتِ المــدارسُ كلّ نهْجٍ
يُفكّرُ في الخـلاصِ من القـيودِ

فعـودي يا منار الفكر عودي
وجودي بالحضارة في الوجـــود

أحبُّ السّيرَ نحْو الشّرقِ فجراً
وفوق عمامتي مَـجْدُ الجـدودِ

أفتِّشُ عنْ خيالِكِ في خيالي
وأسألُ عنك منْ سَهروا اللّيـالي

ذهبْتِ ولمْ تعودي منْذُ عهْدٍ
تَكــلّلَ بالرّفيعِ من الخـصالِ

وكنتِ منَ العذارى في عُصورٍ
لكِ الشّـــعراءُ غَنّوْا بالجــمالِ

رمْوكِ بِعُقْمِ فَهمِكِ كان جهلاً
وَساموكِ المـــهانةَ في الفــعالِ

وأنتِ من البهاءِ أراكِ شَمْساً
أشعّتُها استـقرّتْ في خيـالي

لساني لمْ يعُدْ يُجْدِ الرّفيقا
وقد كَرِهَ الرّكاكةَ والنّهـيقا

وذهْني طالهُ الإرهاقُ لمّا
أضاعَ الفـقْهَ وافْتـقدَ الرّفيقا

تعثَّرَ في التّعلّمِ من زمانٍ
كأنّهُ في الكرى أضْحـى غريقـا

وحولهُ في الورى أعجازُ نخْلٍ
ولغْوٌ في الشّــفاهِ غدا نقــيقا

فيا لغَةَ العـروبةِ أينَ أنت؟
فنحْنُ اليوْم أصبـحْنا رقيـقا

طغى التّدليسُ وانتشر البغاءُ
وَمِنْ رَحِمِ الغــباء أتى الشّقاءُ

تعثّر كلّ ذي رأيٍ وفــهمٍ
وفي أحشائنا انتَـحرَ الوفاءُ

نفـكِّرُ في التّآمر كالأفاعي
وسمُّ الغَدْرِ ليــس له دواءُ

تغوّلَتِ السّياسةُ في بــــلادي
وثارَ الجِنْسُ فانتَـفضَ النّساءُ

وزغردتِ الرّذيلَةُ في بيوتٍ
بها الأخلاقُ طلّــقها الحياءُ

دعوني بالغباوة أستــعين
فمثلي يستــعين ولا يــعين

أقبّل في الرّؤوس مع الأيادي
لأنّي في الورى عبد هجـيــن

وصرت إذا أصابتني خـطوب
شعرت بأنّني بشــر لعـــين

وما ذنبي سوى أنّى أصيل
وأنّــي بالتّــلاعب لا أدين

ألا عودي إلى وطني فإنّي
بحرفك في المعارف أستـعين

طموحي بينكم أضحى أسيرا
وشعري عندكم أمــسى شعيرا

تريدون الرّعاع ولست منهم
لأنّي ما استطعت بأن أصــيرا

رفضت المدح في نظمي انتهازا
وفي خلدي أحاول أن أطـــــيرا

أفتّش في الحروف عن المعاني
وأرسم ما أراه لنا مصــيرا

وأعلم أنّني عبد ضعيف
وعبد الله من ملك الضّـميرا

رغيف الشّعر يخبز للعباد
ليدفع بالعـقول إلى الرّشاد

يغذّي الطّامحين إلى ارتقاء
بنظم تستجـيب له الأيادي

ويسقي أنفسا بزلال مــــاء
فتـشربه القرائح كالجياد

فتزهر حينها الأفـــــكار فقها
يداوي من أصـيب من العــباد

وإن نحن اعتبرنا الشّعر رجسا
سنــــغرق في الهراء وفي الفساد

في عينيكي حكايتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن