أسيرة الذكريات

7 1 2
                                    

كان المطر يهطل بغزارة، و الغيوم غطت الأفق تفرغ ما فيها من ماء ..
أسرع إلى منزله و قد كان يحمل أكياسا و مظلة يحتمي بها من المطر، دخل المنزل بعد أن قام بفتحه بمفتاحه الخاص، وضع الأكياس بالمطبخ و استراح على الأريكة بغرفة الجلوس، فجأة رن هاتفه فلمحه مسجل باسم صديقته المقربة " وعد " ، إبتسم تلقائيا حيث أنه قد اشتاق لها .. قام برفع سماعة الهاتف ..
- مرحبا وعد! كيف الحال ؟
- اهلا هيثم .. أنا بخير و أنت ؟
... لم يعجبه صوتها فقد كان هادئا و ضعيفا على غير العادة ..
- بخير .. لكن أمتأكدة أنك بخير ؟!
- نعم طبعا ..
- ...
- هل يمكنني أن أتي عندك .. فقد عاد أبي و ...
.. كان يعلم طباع والدها حيث كان يعود مخمورا لمنزله لوقت متأخر من الليل و يقوم بإبراحها ضربا ..
- تعلمين أنه مرحب بك هنا في أي وقت ..
- أنت صديق رائع .. أراك لاحقا

تنهد طويلا و هو يفكر بأسف في حالها ..

بعد مدة من الزمن رن جرس المنزل فأسرع لفتحه، شعر بالحزن عند رؤيتها فقد كانت شاحبة الوجه و الهالات السوداء مستقرة تحت عينيها البنيتين، كان واضح عليها أثار التعب و السهر ..

- ها أنت هنا، تفضلي لغرفة الجلوس و سأحضر العشاء ..
دخل المطبخ ليعد العشاء، في حين هي دخلت غرفة الجلوس، فجأة أسرعت " سكر " إليها ، القطة التي كانت تدللها كلما تزور منزل صديقها هيثم، حملتها بين كفيها و جلست على الأريكة تداعب سكر بأطراف أصابعها ..

- العشاء جاهز! _ قال هيثم _
إجتمعوا حول المائدة للأكل  ..

بعد إنتهائهم أصرت وعد على هيثم أن تقوم بجلي الأطباق، و فعلا قامت بذلك في حين هو جلس على أريكة غرفة الجلوس يشاهد التلفاز ..

بعد إنتهائها جلست بجانبه على الأريكة و هي تنظر جهة التلفاز، لكنها لم تكن تشاهد ما يعرض .. بل كانت تحدق في الفراغ و قد لاحظ هيثم هذا ..
- وعد .. ماذا حدث معك ؟
- ( إبتسمت ابتسامة خفيفة ) لا شيء ..
- وعد لا تكذبي .. أعلم أن بك شيء .. تحدثي!
..
وضعت وجهها بين كفيها و أخذت بالبكاء و قالت :
- قلت لا شيء!

إقترب منها و ضمها لصدره ..
- لا بأس .. لا بأس، لا تبكي أن بجانبك
- لقد كرهت .. كرهت! ... أنا أكره هذا العالم و أكره أناسه .. أكره نفسي و أكره هذه الحياة اللعينة!
أريد الموت .. أريد أن أموت! ( تنفجر بكاء )
انصدم هيثم لكلماتها و مرر كفه على شعرها يهدئها ..
- بالله عليك يا وعد، إذا مت فمن سيسعدني .. هاه؟!
إبتعدت عنه و قالت و هي تنظر للأسفل :
- أنت .. أنت صديقي المقرب و المفضل يا هيثم ..
بل أنا أحبك! و لكن لا مكان لي بهذا العالم .. أو بالأحرى لا أطيق البقاء به .. أنا يجب أن أضع حدا لمعناتي .. أن أسفة 💔

لم تمهله فرصة الحديث بل ركضت نحو الباب و اندفعت لطريق السيارات السريع .. و هو يركض خلفها و يصرخ بها لتتوقف ..

فجأة تجمد مكانه و هو يرى و يسمع صوت إنصدام السيارة ...

            الفصل الثاني قريبا...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 10, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أسيرة الذكريات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن