الفصل الرابع
المَاضِي يَبُوحُ بِالحَقَائِقِ
دَخَلَ فجأةً ووجهُهُ لا يُبشرُ بالخيرِ وصَدَحَ صوتُهُ فِي أَنْحاءِ البَيْتِ يُنَادِي باسْمِها :
- "نعمة" يا "نعمة " .
أتَتْ مهرولةً فقَدْ كانَتْ نبرةُ صوتِه لا تُوحِي بخيرٍ :
- نعم يا آبيه .
- تعالي بسرعة هنا .
أَكْمَلَتْ نِزُولَ الدرجاتِ وتَبِعتْهُ للداخلِ حيثُ جلسَ على الكنبةِ و أَشارَ لَها أَنْ تَجْلِسَ عَلى المقعدِ أَمامَهُ ، قلبُها أصبحَ يختلجُ بعنفٍ و تَشعرُ أَنَّها يَكادُ أَنْ يُغْمَى عَليها ، ماذَا لَوْ هَرِبَتْ الآنَ ، أَوْ اسْتَدْعَتْ "نُهى" لتُدبرَها في أمْرِها .. تُرى فِيمَ يُريدُها ؟!
- إنتي قولتيلي تعرفي "نسمة" من إمتى ؟
- من زمان يا آبيه من واحنا في الإبتدائي ، كانت محولة من مدرسة تانية و مفيش بنت رضيت تقعدها جنبها فأنا قعدتها جنبي ومن يومها واحنا صحاب .
- و صاحبتك متتمنيلهاش الخير ؟!
- ازاي يعني يا آبيه ؟! محدش بيحب "نسمة" أدي .
- أمال هي بتقولي إنك وقعتي بينها وبين صحباتها عشان غيرانة إنها ليها صحاب تانيين غيرك .
شَعَرَتْ أَنَّ هَذا الكذبَ لإيقاعِها وأَنَّ كلمةَ كاذبةٍ لَنْ تَحلْ الأمرَ .. إِذنْ فلنَكذِبْ جميعًا .
- يا آبيه أنا موقعتش كل ما في الموضوع إني مكنتش أعرف .. هي كانت مخبية خطوبتكم عن اتنين من صحابنا عشان خايفة من عينيهم ومقالتش فانا لما قابلت البنتين صدفة وانا خارجة مع "نهى" قلتلهم لأني كنت فرحانة ، قامو زعلو وفهمو انهم خبت عنهم بالذات خصوصا انهم لاقو الكل عارف غيرهم .
سَكتَ قليلًا وبدأَ يُفكرُ بعمقٍ ، هو يَشعرُ أَنَّ الموضوعَ فِيه أَخطاءٌ وليسَ مُجردَ اختلافٍ في وجهاتِ النظرِ .
- لكن "نسمة" مقالتش كده .
- طيب قالت ايه يمكن فهمت غلط .
- قالت إنك كنتي تعرفي واحد و بتكلميه وهي كانت عايزاكي تبطلي تقابليه و إن هو بيتسلى بيكي عينه كانت منها وبعت مع صاحبتها أنه عايز يتقدم قالتلها مفيش نصيب ف غيرتي وبدأتي تقولي عليها كلام مش كويس لأصحابها عشان يتخانقو معاها وان ده سر انك محضرتيش قراية الفاتحة ومبتكلميهاش .
- أنا مش هرد على ده لأنه إهانة بالنسبة لي ، أنا هقولك سؤال واحد لما أنا مش محترمة وهي محترمة مقطعتش علاقتها بيا ليه وكانت كل يوم والتاني تيجي البيت هنا وتتصاحب على ماما واخواتي ؟! اللي أعرفه يا آبيه اننا كبنات لما نعرف إن واحدة صاحبتنا بتعمل حاجة زي كده بنقطع علاقتنا بيها عشان سمعتنا متتأثرش .