الوهم _ 2

92 1 2
                                    

بعد بحث وتتبع مستمر حول حقيقة هذا الحجر والسوار، تأكدوا من صحة الخبر وعرفوا أن ما قيل عنهما من عجائب ليس افتراء.. بل توصلوا إلى ما هو أعظم من ذلك..
الحجر ليس مجرد حجرَ سحرٍ خارق.. بل أيضا.. مفتاح للعبور عبر بوابة ما.. لكن.. أية بوابة..؟!

ازداد الفضول في نفوس هذا النفر فبادروا بفكرة المخاطرة..

ناقش وجادل بعضهم بعضا لرسم خطة دقيقة ومحكمة لا تحتمل الفشل للوصول إلى الحجر والسوار..

جماعة منهم ظلت متحمسة لهذا التخطيط، بينما الجماعة الأخرى شعرت بخطورة ما هم مقدمون عليه، وأن احتمال فشل هذا العمل الجماعي كبير جدا.. سيعرضهم إلى خطر الموت بقطع الرقاب أو التعذيب حتى الموت، لذلك سجلوا انسحابهم كالشعرة من العجين متمنيين كل التوفيق لغيرهم ممن اتفق على إتمام هذه المسيرة..

قاموا بتنفيذ مطلع الخطة فبُهتوا بالفشل السريع بعد الإقتراب بشبر واحد نحو جناح ممتلكات الملك الثانوية، تم اكتشاف نواياهم وزعزعوا ارتياب الحراس، لذلك تراجعوا حفاظا على أرواحهم أن تزهق تحت نصل رماح هؤلاء المتمرسين..

خابت آمالهم وسقطت عزيمتهم فتنازلوا عن طريق الغفلة وتجنب سيرة هذا السوار البغيض الذي لم ولن يروا من ورائه إلا البلاء والهلاك..

إلا جني واحد.. هو فرد من القوم واسمه أگنار..

أگنار.. مخلوق اختصت شخصيته بالجشع.. ومن عمق نظراته تختلج أسوأ العبارات.. لا يدور في ذهنه إلا طلب ما يتيسر استغلاله لإحراز ثمرات سعيه في وقت وجيز، يستمع فقط إلى الحوار بين ذات نفسه فقط.. يخطط ويرسم..

حريص على عدم الدنو إلى أية شبهة حفاظا على سيرة نقية يشيد بها بين قومه.. كما يفضل عدم الإنضمام إلى جماعة أو فريق لأنها غالبا تجلب الريبة ولا تخلو من عناصر غبية تكشف المستور وترسل الجماعة إلى الهلاك المحتوم..

يفضل ممارسة أسلوبه الخاص بهدوء وروية حتى ينتهي نهجه إلى مراده..

حين أدرك مدى الصعوبة التي أحبطت سعْي أولائك الهواة بفشلهم.. شرع برسم خطة مناسبة خاصة به.. خطة تتطلب النفس الطويل، تعتمد أساسا على حسن اختيار سلوك معين مع العاملين في القلعة على اختلاف مراتبهم ومدى ثقة الملك بالتودد والتقرب إليهم بذكاء..

بدأ بالعمال البسطاء الأدنى مرتبة، يقوم بما يقومون به من إرسال أمانات أو إحضارها وتلبية الأوامر الصغيرة التي يترفع الأغلب عن تنفيذها..

لفت أگنار انتباه أصحاب المراتب العليا من خلال تفانيه في العمل، فعرضوا عليه منصبا أعلى من السابق، وهكذا كلما مضى الزمن على هذا النمط المعتمد؛ كلما صار ذا شأن آخر.. تسير الأمور لصالحه حسب المخطط حاليا.

صار الآن تابعا لأهم حراس ممتلكات الملك..

تمنى لو يزيد ويصبح أكثر من ذلك لكن الترقية توقفت عند هذا الحد، فالثقة بالمستخدمين الجدد لها حدود وضوابط إذا تعلق الأمر بالممتلكات الثمينة، الآن يلزمه التفكير مجددا في حيلة أخرى بمستوى عال في النجاعة.. أكثر من التي سبقت..

أولا حاز بشكل متخفي على نُسخ لمفاتيح خاصة بالأبواب المنتهية إلى الجناح الخاص بممتلكات الملك، إضافة إلى مفتاح الغرفة حيث يتواجد السوار المحفوظ مع الحجر المنشود..

يلزمه كذلك الحصول على الزي الخاص بأصحاب الصلاحيات وذلك بسرقتها وارتدائها في المكان المناسب..

صارت نهاية الخطة وشيكة والكنز الذي كان منذ زمن حلما مستحيلا، صار الآن بين يديه.

سيصبح الملك ويحكم بني جنسه وكذلك بني الإنس، سيسير العالم تحت سيطرته ولن يكون بمقدور مخلوق واحد الخروج من حيز الطاعة التي ستُسقط جدارة كل السُلط في عالم الجن والإنس جميعا..

بردائه المطلوب تسلل عبر ممر خاص بأصحاب الصلاحيات، حرص على البقاء متيقظا سالكا ذاك الممر..

فَتح وأغلق الأبواب خلفه على مهل وهدوء شديد، ثم وصل إلى الغرفة المرغوبة..

أخيرا.. تحسست أنامله غطاء الصندوق بكل شوق لامتلاك هذا الكنز.. لكن.. على حين غفلة.. ذُعر السارق التعيس..

بوابة الغموض والأسرارWhere stories live. Discover now