مُنقذي

28 3 4
                                    


دخل ماركوس علي و أنا لازلتُ سارحةً في أفكاري أبحث عن خيطٍ يدلني على"منقذي"وبعد وقت ليس بالطويل على جلوس ماركوس جواري سحب يدي من سريري و أحتواها بين يديهِ الدافئتين وبدأ بالتربيتِ عليها  محاولاً مواساتي  

ماري أنا بخيرٍ حقاً لا داعي لقلقكَ هذا_

اردف وهو ينظر لي بعينِين شُبهِ دامعتين..لكن ...لكن آيفي انتِ لستِ كذلك حقاً وتعلمين كم هو خطرٌ نزفكُ هذا الكمَ الهائلَ من الدماءِ بالرغم  من أن جراحكِ لا تُعدُ عميقةً لذلك الحد إلا ان جسدكِ الصغير هذا لا يحتمل اقل الخدوش

ماري لستُ امتلكُ جسداً حساساً و إنما تعرف اصابتي بالهيموفيليا من تفعل هذا كُل مره__

 قُلتها و أنا انظرُ للأُفقِ بحيرةٍ مُراجعةً ذاكرتي فـ لعلي أعثر على  شيءٍ منطقي في قصتي

 أعلم آيفي أعلم لكن الوضع ما زال مثيراً للقلق ثم أين انتِ؟ ملوحاً بيده أمام عينيَّ_
...ماركوس_
 صمتت قليلاً
 لدي فكرة ما لا لا أقصد ذكرى أعني شيئاً قد حدث معي قبل أن يُغمى علي _

أتسعت حدقتيه بأهتمام 

ماذا تعنين ثم لمَ تتلعثمين كالبلهاء ؟ يبدو ما تتحدثين عنهُ مشوقاَ_

أسمعني ...وحكيت لهُ كل ما حدث من لحظة مغادرته المكان و الى ان استيقضت هنا في ثكنتي_
ماركوس _حسناً...ممممم لا أعلم ما أقول حقاً لكنهُ شيءُ رائع بحق تخيلي فتاة تنقذني في وضعٍ كهذا في غمار الحرب القاسية...وااه يالهُ من شعور براق!
 رمقتهُ بنظرةٍ نابت عن ألف شتيمةٍ كِدتُ أتفوهُ بها في وجهه الوسيم  ولولا أنني في فترة "نقاهة لفظية" و حقيقةً لا أضع نفسي في هذه الفترة إلا اذا ما ازدادت حماقات ماركوس للدرجة التي لا استطيع عندها إحتماله و أفقدُ بسببه رقتي كـ آنسة راقية ولو لم يتبقَ حقاً اي من صفات الآنساتِ فيّ بسبب هذه الحرب المقززة . على كُلٍ بقينا بعدها أنا و ماركوس نبحث حول موضوع المنقذ الغريب لعدةِ ساعاتٍ و من يرانا لا يصدقُ أننا برتبنا الحالية بسبب أشغالنا المفروض منا الإنتهاءُ منها بشكلٍ يوميٍ ولو أنها مجرد "روتينيات"  لم نشهد  شيئاً يذكر خلالها فـ تكون إما عراكاً عابراً بين جنديينِ إنتهى بالصلح الوديِ بينهما أو عن قطةٍ سرقت الطعام و جعلت الكافتيريا في حالةً من الفوضى بسبب الجنود الذين يتضورونَ جوعاً 
ماركوس_ آيفي أنظري أنا سأبحث في سجلاتنا عن شخصٍ يُشابهِ وصفكِ ولو بشكلٍ طفيفِ لعلنا نصلُ لمجهولنا 
ماركوس؟_
نعم أميرتي؟_
ماذا سنستفيدُ من العثورِ عليهِ؟
 ضيقتُ عينيَّ مُتسائلةً_
ماركوس _لا اعلم مجرد ارضاءً لفضولنا؟ و ربما لأنهُ يجب علينا شُكره بشكلٍ شخصيٍ على ما فعلهُ
آيفي _ مممممم وجهة نظرٍ تُحترم منذ متى و أنتَ تمتلكُ أخلاقاً كتلكَ؟ بدأتَ تُرعبني
 و وضعتُ وجههُ بين كفي

ماركوس _ أنا دائماً هكذا يا سخيفة
 تحدث بصوت شُبه مسموعٍ بسبب أنني اقبض على خديهِ مما يصعبُ خروج الحروف بشكلٍ سليم 
فـضحكنا معاً بعدها نظرتُ لهُ نظرةً لن يفهمها شخصٍ سواه ففهمني (تعجبني سرعةُ إستيعابهِ ) وقال
! هيا بنا_ 
لكن قلت لهُ
 ماذا عن قدمي؟_
أجابَ
فداكِ قدميَّ الاثنتينِ بنبرةٍ حنونة_
و حملني و اتجهنا لمخزننا السري حيثُ وضعنا فيهِ كل ما لذ و طاب من النودلز تدرجاً بالشوكولاته
فتحهُ لي و بدأتُ أُحركُ يدي و كأنني اختارُ من متجرٍ حقيقيٍ برغم محدودية الاطعمة التي لدينا لكن لمَ لا؟ اخترتُ بعدها النودلز ذات اللون الوردي و عصيرَ تفاحٍ فـ تحدث ماركوس كأنهُ مُحاسبٌ حقيقيٌ
اذن فقط هذهِ الاشياء آنستي؟_
أجبته متقمصةً دور الآنسة العادية 
نعم من فضلك إحزمها لي في كيس_
الحسابُ 5 قُبلاتٍ لوسمحتِ_
نظرتُ لهُ مستنكرةً
ممممم أرى ان الاسعار مرتفعةٌ هذهِ المرة هل حدث شيءٌ ما؟_
أوه نعم للأسف يمر المتجر بنوبة نقصِ حُبٍ شديدةِ جداً_
تصنعَ الحُزنَ و هو يقولُ هذا و تظاهر أنهُ يمسحُ دموعهُ الخفية تماشيتُ معهُ و رفعتُ يدي السليمة مواسيةً لهُ
بعدَ كُلِ أزمةٍ فرج لا تقلق سيدي_
أبتسم و كأن جملتي لامستهُ حقاً فـ أبتسمتُ بعينيّ تزامناً معهُ فـ بعدَ كُلِ شيءٍ سعادتي من سعادتهِ بالطبع
أحتضنتهُ ثم قُلتُ لهُ
هيا بنا لنعد أعتقد أنهم افتقدونا الآن فـلقد بقينا في "المتجر" لمُدةٍ ليست باليسيرة _
أجابني بسرعة
هيا عزيزتي!_
لا اعلم كيف كانت ستكونُ حياتي بدون هذا الشخص فـ هو بشكلٍ ما مُتجذرُ في ذاتي 
بعد أن وصلنا و طهونا طعامنا تناولناهُ معاً ببهجةٍ مطلقةٍ مُتناسينَ كُل شيءٍ حولنا كالأطفالِ تماماً انتهينا من عشائنا فقد كان يومي هذا أشبه بالاجازةِ من كُل شيء جسدياً و نفسياً قضيتهُ بمرحٍ و سعادةٍ بالغتين .

ها قد  حانَ موعدُ نومي أو هذا ما أفترضتهُ
ودعني ماركوس و أصرَ على البقاءِ لحراستي ليلاً خوفاً من تكرارِ ما حدثَ مرةً أُخرى لكنني طمأنتهُ و أقنعتهُ طواعيةً بوجوب رحيلهِ بحجه أن  الازعاج الذي يأتينا من الجميع بسبب قُربنا كافي فما بالُكَ بقضاء الليلةِ هنا؟
و هذا صراحةً شيءٌ لا أعيرهُ بالاً لكنني أتخذتهُ عُذراً كي يُريحَ أعصابهُ فقد لاحظتُ توترهُ و قلقهُ الشديدين عليّ عندما كنا معاً احتضنتهُ و رحل 
حلَ من بعدِ رحيلهِ هدوءٌ موحشٌ فبرغم حُبي للهدوء إلا انهُ لسببِ ما أصبح قبيحاً لي بعد مغادرة ماركوس بقيتُ أتقلبُ في فراشي يميناً و شمالاً و لم أُبالي بصعوبةِ حركتي فقد كُنتُ أود النوم فحسب لكن بعد التقلب للمرة الخامسة و قُرب الساعةِ للوصولِ للثانيةِ صباحاً لاحظتُ بريقاً لطيفاً لكنهُ غريبٌ نوعاً ما أعتقدتُ في بادئ الأمرِ أنهُ انعكاس أحد الاضواء الكاشفة تلك التي تشبه الموجودةََ في المنارات تعلمون ما أعنيه لكنهُ كان ذهبياً و عندما أقولُ انهُ ذهبي فـ انا اعني بهِ الذهب المُتألق لا الأصفرَ البالي بقيتُ أتفحصهُ  بعينيَ الى ان تحركَ بسرعةٍ كبيرةٍ  و لاحقتهُ بعينيَّ ولاحظتُ أن حركتهُ ليست عبثية أنهُ يكتب! نعم يكتبُ شيئاً ما لكنني لم افهم ما هو في بادئ  الأمر حتى وصل لنهاية الجملة و وضع نقطة نهضتُ من فراشي و أعتدلتُ بجلستي و بدأتُ بالقراءةِ بعينيَّ : 
" عزيزتي آنستي اللطيفة
لم يحصل لي شرف معرفة أسمكِ لكنني مهما حاولتُ نسيانكِ عجزتُ عن ذلك رأيتك منذ عده سنوات تحديداً عندما كنتِ تنظرين للعمال و هم يجهزون ثكنتكِ و سقط دُب الباندا خاصتكِ فـ حملتيهِ و بدأتِ بنفض الترابِ عنهُ و انتِ تعتذرين لهُ و تتمتمين بكلماتِ الأسفِ و الحُبِ لهُ عندها شاهدتُ ألطفَ شيء في الحياة و من حينها و أنا اُخصص وقتاً يتجاوزالـ 7 ساعاتِ في  تأمل ما تفعلين كُل يوم و لأُصدقكِ القول لم اتخيل أن فتاةً بهذه الظرافة يمكن أن تصبحَ يوماً ما رائداً في الجيش لا أعلم حقاً كيف دخلتِ الجيش أو لماذا "لكن   يمكنني القول لكِ أنهُ ليس المكان المناسب لكِ .
أنتهيتُ من القراءة و بقيتُ مذهولةً مما قرأتُ لتوي أحببتُ الأمر حقاً أحببتُ ما قرأتهُ  حتى عند انتهائي لم اكن اتمنى ان ينتهي هذا الشيء بالغ الجمال شعرت بذات الشعور عندما تكونُ عطشاً ثم تشرب و تشرب و لكن فجأة ينفذ الماء الذي تشربهُ قبل أن ترتوي منهُ بقيتُ حائرةَ في أمري مبتسمة و نعم لم أستطع الخُلودَ الى النومِ دونت كُل ما قرأتهُ حرفاً بحرف في مذكراتي و أضفتُ لمساتي الخاصة ثم اغلقتها واخذت عكازي و خرجت لاستنشق بعض الهواء .


BloodshedWhere stories live. Discover now